الكتاب، من تأليف الأكاديميين كلايف جونس ويويل غوزانسكي، من اصدار دار هيرست للنشر في كانون الثاني العام 2020. يستكشف المؤلفان فيه التناقض الظاهر في إسرائيل وفي دول الخليج التي تسعى إلى تحقيق أهداف مشتركة تجاه إيران. الأكاديمي كلايف جونز هو أستاذ الأمن الإقليمي في جامعة درهام البريطانية، وزميل الجمعية التاريخية الملكية ومحرر، من بين أمور أخرى، الدبلوماسيات السرية الإسرائيلية. والأكاديمي يويل غوزانسكي وهو باحث أقدم في معهد دراسات الأمن القومي، جامعة تل أبيب. والعَرض من تأليف الأكاديمي تايلر ب باركر، وهو طالب دكتوراه في السياسة الدولية في كلية بوسطن الأمريكية ويبحث في الدبلوماسية والأمن في دول الخليج العربي واليمن. أدناه ترجمة للعَرض المنشور على صفحات موقع مركز الشرق الأوسط في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة لندن، على شبكة الانترنت بتاريخ 26 آب (أغسطس) العام 2020:
إن التطبيع بين إسرائيل والإمارات العربية المتحدة، الذي أُعلن عنه في اتفاق أبراهام في 13 أغسطس العام 2020، سوف يصوغ تدوين ما يقرب من عقد من الاتصالات "من وراء الكواليس " في العلاقات الرسمية. وتكثر التكهنات حول تفاصيل الاتفاق الإسرائيلي - الإماراتي، والتي يمكن أن تكون الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي، وخاصة البحرين أو عُمان، إلى جانب التطبيع لاحقا. ومن الواضح أن وباء "كوفيد-19" والمخاوف بشأن إيران والإسلاموية وعدم اليقين بشأن الاستراتيجية الأمريكية في الشرق الأوسط، قد دفعت العديد من دول الخليج نحو التبادل التجاري، والمشاركة الدبلوماسية، والتنسيق الأمني مع إسرائيل. ما هي أسباب هذا التعاون المتصاعد، وإن كان حذراً بالتأكيد، وعواقبه والقيود التي تعترضه؟ في كتاب "الأعداء الأشقاء": إسرائيل وممالك الخليج، يقدم المؤلفان كلايف جونز ويويل غوزانسكي إجابات في الوقت المناسب على هذه الأسئلة. اذ يجادلا ن بأن إسرائيل ودول الخليج تسعى إلى تحقيق تعاون اقتصادي وأمني غير رسمي لتحقيق التوازن بين التصدي للتهديدات الإقليمية وتهدئة الضغوطات الداخلية. وعلى الرغم من أن الكتاب يركز بشكل كبير على دول الخليج الأدنى (الفصل الثاني) والمملكة العربية السعودية (الفصل الثالث) على حساب الكويت، فإن "الأعداء الأخويين" يجب قراءتها لتحليلها الدقيق لدرجات التطبيع المتفاوتة بين إسرائيل وخمس من دول الخليج الست. وعلى الرغم من أن الكتاب يركز بشكل كبير على دول الخليج الأدنى (الفصل الثاني) والمملكة العربية السعودية (الفصل الثالث) على حساب الكويت، فإن "الأعداء الأشقاء" يجب قراءتها لتحليلها الدقيق لدرجات التطبيع المتفاوتة بين إسرائيل وخمس من دول الخليج الست. يساهم المؤلفان بالصرامة النظرية والثراء التجريبي في مجموعة من الروايات الحديثة عن العلاقات الخليجية -الإسرائيلية. يستخدم البروفيسور جونز (من جامعة درهام) والدكتور غوزانسكي (من جامعة تل أبيب) كتاب أعداء أخويين ليشرحا ما اسموه في مقال العام 2017 "نظام الأمن الضمني". وبالنسبة لهم، يجري العمل على إعادة النظر في النظام الأمني لأنه 'يسمح بملاحقة التعاون الأمني الضمني بين الأطراف المعنية (أبرزها بخصوص إيران)، ولكن من دون المساس بمواقف سياسية حساسة قد تثير معارضة داخلية' (11). إن " نظام الأمن الضمني " الخليجي - الإسرائيلي مطعّم بجاذبية القوة الناعمة وتنسيق القوة الصلبة، وهو يجسد عَرضاً واقعياً للسياسة للتكاليف المحلية المرتبطة بالفوائد الإقليمية لمعالجة ما يعرّفه المؤلفان على أنه ثلاثة تهديدات أساسية: نهج المغامرة الإيرانية، والتشدد الجهادي، والتقليص الأمريكي (42).
تتسم نظرية جونس و غوزانسكي هذه بالعديد من نقاط القوة. أولاً، يبين مفهوم " نظام الأمن الضمني " أن التعاون والمنافسة محددة حسب القضية المعنية. اذ تنسق عُمان مع إسرائيل من خلال مركز مشترك لتحلية المياه، ولكنها لا تشارك في التهديد المتصور من إيران. اشترت الإمارات العربية المتحدة برامج مراقبة الكترونية إسرائيلية، لكن اتفاقها الأخير كان مبنياً على تجميد إسرائيل لضمها لأجزاء من الضفة الغربية. وفي أواخر عقد التسعينيات من القرن الماضي، استضافت قطر وفداً تجارياً إسرائيلياً، في حين كانت تدعم حماس. ويساعد مفهوم " نظام الأمن الضمني " على إظهار موقع العلاقات الخليجية -الإسرائيلية على طيف الخصوم - الحلفاء. وثانيا، إن مفهوم " نظام الأمن الضمني " بوصفه مفهوما في العلاقات الدولية، يتجاوز الواقعية الهيكلية، التي تجد العوامل المحلية غير محددة في التوازن والتحالفات الخارجية. وبخلاف ذلك، فإن جونز وغوزانسكي، المستمدين ضمناً من الواقعية الكلاسيكية الجديدة، يجدان أن "القيود الداخلية على جميع الأطراف تحدد نوع وكثافة المشاركة الخارجية" (203).
وهذا يساعد على تفسير لماذا تسعى دولة الإمارات العربية المتحدة إلى التطبيع الكامل: يواجه مسؤولوها أدنى درجة من القيود الداخلية من بين دول الخليج. ومن نقاط الضعف النظرية هو الوزن السببي الذي يُسند إلى العناصر الستة في مفهوم " نظام الأمن الضمني " الخليجية - الإسرائيلية: عدم أهمية البعد الجغرافي، ومركزية تصور التهديد المشترك، والطبيعة المقيدة للمعايير المحلية، ودور "التزام الدولة العظمى" للولايات المتحدة، وتنوع الروابط، وطبيعتها غير الثابتة (18-19). ولكن متى تفوق احدى هذه العوامل على العوامل الأخرى؟ فبالنسبة لقيادة البحرين، قد يحل التهديد بالتخريب الإيراني محل خطر المناقشات الداخلية حول التطبيع مع إسرائيل. وبالنسبة للمملكة العربية السعودية، تشكل إيران خطراً مادياً أقل مباشرة، ولكنه يشكل تهديداً دائماً لشرعيتها الدينية. وفي إسرائيل، يتناول نتنياهو الوجود الإيراني في سوريا ورئاسته غير المستقرة للوزراء. ونظراً لتنوع كل دولة، كان بوسع جونز وغوزانسكي أن يشحذا مفهوم " نظام الأمن الضمني " من خلال تخصيص أهمية نسبية لكل عامل من هذه العوامل. يؤدي هذا الحذف إلى الإغفال التجريبي الرئيسي للكتاب: رفض الكويت لإسرائيل. يستخدم الكتاب اقتباساً واحداً من صحفي كويتي عن أهمية التسامح الديني باعتباره مؤشراً على "القبول المجتمعي الأوسع" لإسرائيل و"القبول المتزايد كأمر الواقع للدولة نفسها" (47). و يُقوّض ذلك من خلال اقتباس أمثلة على العداء الحكومي فحسب، بل أيضاً أمثلة غير مستكشفة على الرفض المجتمعي للتطبيع مع ما يسمى بـ "الكيان الصهيوني" (46). وخلافاً للممالك المجاورة لها، تتجنب الكويت التعامل الثنائي مع إسرائيل، على الرغم من أنها تواجه خطراً مماثلاً من التخريب الإيراني والهجمات الجهادية. لماذا تحجب القيود السائدة تصور التهديد في الكويت؟ لربما يعزى ذلك إلى شخصية الأمير الشيخ صباح، أو لسلطة البرلمان، أو لتأثير جاليتها الفلسطينية. للأسف، لا يستكشف الكتاب بشكل كامل استثنائية الكويت.
يفلح الكتاب في عرض حالات التعامل الخليجي - الإسرائيلي خارج مبادرات السلام (الفصل 1) والتنافر بشأن الاتفاق النووي الإيراني (الفصل 4). كان من المدهش أن نقرأ أنه في العام 1975، زار المستشارون الإسرائيليون سلطنة عمان سراً لتقديم المشورة إلى السلطان قابوس السابق بشأن مكافحة التمرد في ظفار (49). وبالإضافة إلى ذلك، كان من المثير للاهتمام أن نعلم أن وفدا إسرائيليا سبق وأن سافر إلى البحرين في العام 1994 لمناقشة التعاون البيئي (36). وبالانتقال إلى موضوع القطر، يجادل المؤلفان بالمقنع بأن صلات الدوحة بالقدس تخدم الهدف المتمثل في "توثيق العلاقات مع واشنطن" (58). وإلى جانب إسرائيل، هناك سرد ثاقب للتنسيق الإماراتي مع كوريا الجنوبية بشأن التكنولوجيا النووية وتوفير الأمن (145). وأخيراً، يركز الفصل المكرس لسوريا (الفصل الخامس) الذي يسلط الضوء على "القيود المفروضة على الاعتماد على الوكلاء لخوض الحروب الإقليمية بالتزكية" – وهو واقع صارخ وسط التدخل الذي تقوده السعودية في اليمن (181). يوفر كتاب “الأعداء الأخويون" خارطة طريق نظرية ممتازة، معززة بالتجارب الرائعة، لمساعدة القارئ على التنقل فيما بين الروابط المتنامية التي ينسج فيها واشنطن وتل أبيب ومعظم العواصم الخليجية. ساعدت العلاقات الضمنية مع إسرائيل القادة الخليجيين على تحقيق العديد من أهدافهم التجارية والعسكرية، دون التخلي تماماً عن طموح الدولة الفلسطينية المستقبلية. يقدم المؤلفان جونز وغوزانسكي سرداً متبصراً وفي الوقت المناسب للجذب المادي والقيود المعيارية التي تشكل العلاقات الخليجية الإسرائيلية. وعلى الرغم من أن الكتاب كان يمكن أن يتناول الكويت بشكل أكثر شمولاً، إلا أنه يمثل إضافة مرحب بها من صناع السياسات والعلماء الذين يسعون إلى نظرية واقعية دقيقة للصراع والتعاون في الشرق الأوسط.