تراجعت في العقود الاخيرة البحوث والدراسات التي تهتم بالفولكلور (التراث الشعبي) في معظم دول العالم، وتوعز الاسباب الى التطور العلمي والتكنولوجي المتسارع والانشغال بتحولاته وانجازاته الكبيرة، اضافة الى نزعات الانسان المادية المتزايدة ضمن هذه التغيرات على حساب ماهو روحي واجتماعي، مما أوجد تغييراً واضحاً في طبيعة الاهتمام الثقافي وبخاصة في مجال التراث الشعبي والثقافة الشعبية، حيث لم تعُد الاجيال الجديدة منشغلة ً بعمقها التكويني/ الشعبي وأصوله، وانما طغى وبصورة ضاغطة ماجاءت به ثورة المعلومات الرقمية وتعدد وسائل الاتصالات والتواصل الاجتماعي، وقد ساهم كل هذا في قطيعة معرفية مع التراث والتراث الشعبي من دون إدراك الأثر الذي ستخلفه ُ هذه القطيعة .
إنَّ الاهتمام بالتراث الشعبي - رغم كل الذي يحصل - كما تؤكد الدراسات الانثروبولوجية يبقى هو الخيط الرابط بين ما كان وما سيكون عليه المجتمع، أي مجتمع، من حيث التأصيل الفني والنفسي والاجتماعي والروحي والاقتصادي .


في كتابه (علم الفولكلور – دراسة في الانثروبولوجيا الثقافية) يكشف الدكتور (محمد الجوهري) متانة هذا الخيط من خلال ابواب وفصول الكتاب مؤكداً الضرورة الثقافية في دراسة الفولكلور بإعتباره تكويناً من تكوينات الهوية. وقد جاءت التفاصيل على النحو الآتي:
1 -
الحاجة الى علم الفولكلور
2 –
في تعريف علم الفولكلور
3 –
حدود الفولكلور وموضوعاته
4 –
الاتجاهات النظرية في علم الفولكلور :
أ – النظريات الكلاسيكية
ب – النظريات المعاصرة
ج – النظرية البنائية ودراسة الادب الشعبي
د – بعض الاتجاهات النظرية المستحدثة
5 –
الاتجاهات المنهجية في علم الفولكلور
أ – وحدة المنهج في علم الفولكلور
ب – الاتجاه التاريخي
ج - الاتجاه الجغرافي وأطلس الفولكلور
د – الاتجاه الاجتماعي (السوسيولوجي )
ه – الاتجاه النفسي والطابع القومي
6 –
أساليب جمع المادة الفولكلورية
أ – أصول الدراسة الميدانية للتراث الشعبي
ب – دليل العمل الميداني لجامعي التراث الشعبي
ج – جمع المادة الفولكلورية من المدونات
د – الببليوغرافيا للفولكلور
ه – ارشيف الفولكلور
7 –
مستقبل التراث الشعبي
من أهم ما يُميّز هذا الكتاب، ومن خلال ما جاء في التفاصيل، ان الباحث لم يتعامل مع الفولكلورعلى اساس انَّه عيّنات متعددة متناثرة لا رابط بينها ويمكن جمعها كيفما اتفق، وانما جعل للفولكلور علماً، يقوم على النظرية والمنهج والاستنتاج والتحليل والبحث الميداني . من هنا يصح ان يكون هذا الكتاب - مع مثيلاته في الأهمية - دليلاً لباحثي ودارسي الفولكلور .
يقول الباحث : من خلال ما قمت ُ به، سوف يتولد لدينا اقتناع عميق بأهمية وجود علم مستقل لدراسة التراث الشعبي، هو علم الفولكلور . وارجو ان يكون هذا الجهد مشعلاً جديداً يحاول ان يلقي مزيداً من الضوء أمام السائرين على درب هذا العلم .
في دراسة الباحث، جرى تقسيم موضوع هذا العلم الى اربعة ميادين رئيسة:
المعتقدات والمعارف الشعبية، العادات والتقاليد الشعبية، الأدب الشعبي، الثقافة المادية والفنون الشعبية . ولكل ميدان من هذه الميادين تفرعات متعددة وبما يشكّل الميدان الأوسع، الا وهو الثقافة الشعبية.
وفي ختام البحث، تم التأكيد على تحوّل التراث الشعبي في ظل المجتمع الصناعي، الغربي والأوربي على وجه الخصوص، فهذ النوع من المجتمعات هو الذي استطاع ان يقطع شوطاً بعيداً على طريق التصنيع والتكنولوجيا، وقد بدَت بكل وضوح مظاهرالتغيير وعوالمه وديناميته التي تصيب عناصر التراث الشعبي في مجتمع صناعي، وهي تجربة لا بدَّ من التحسب لها كي يمكن الاستفادة من الايجابيات وتجنب السلبيات، مع الملاحظة ان التراث الشعبي يتطور مع الزمن، ولم يعُد خاصيّة مميزة للاشياء القديمة فحسب...

عرض مقالات: