اذا كانت الارض والسماء سوداوين.. كالمداد
فأن قلوبنا التي نعرفها..
هي ملآى بالاشعة..
على حد تعبير شاعر الخطايا بودلير.. من خلال خلق بؤر الابداع التي تحقق التأثير بأثرها اللفظي والصوري في المستهلك (المتلقي) فتستفز ذاته وتحرك خزينه المعرفي من اجل استنطاق المشاهد النصية والكشف عن المسكوت عنه بالتحليل والتأويل والاجابة عن اسئلته..
وشعرية الشاعر حسين جبر الدبي في (حجنحلي بجنجلي) بلوحاتها الواقعية وعنونتها الميثولوجية تنقلنا الى اقانيم انيسة متميزة بخصوصية تفرده بها في نقد الحالات السلبية وصور المعاناة الانسانية.. معاناة الذات الشاعرة بما ترصده كاميرتها البصرية وهي تبحث عن الحقيقة ولا تخفي ما هو مستور تحت طيات لسانها فتعلن عن الحقيقة بكل ابعادها..
حزبك تحده الزمن
عيني يبو مصطفى
حزبك اجه ياحسن (حسن حنيص شهيد الحزب)
ما همته العاصفة
كلهم صفوا مزبلة
النصبوا الحزبك شرك
وعادت طريق الشعب
وجابت وياهه المدى
والقاسم المشترك/ ص25
فالنص التفاتة الذات الانسانية للتعبير عن الازمة النفسية والواقع المأزوم والتصدي للقلق والتمزق اللذين يدفعان المنتج (الشاعر) لانتاج تركيب عقلي.. عاطفي في لحظة من الزمن..وخلق تجربة تنطلق من الاطار الجزئي وتبلغ غايتها بنموها الذاتي ومعانقة الذات الانساني الآخر.. مع تشكلها بالرموز التي تكشف عن عمق اتصال الشاعر واحساسه.. كون الرمز يستنطق الظواهر وينال منها..
حجنجلي بجنجلي
هذا الك.. هذا الي
امريكا ما تقبل بعد يبقى الوطن سالم ثري
خلي نوزع ياهلي.. وزير الك.. وزير الي
فراش الك.. فراش الي
نفط الك..والغاز الي
جبل الك..والهور الي
بصرة الك.. اربيل الي
حجنجلي بجنجلي
المسيحي والصبي شرد.. ظل اليزيدي مبتلي
هذا مخطط بايدن.. الما ينفذه ينطرد لو يبتلي
اولا حظت برجيله ولا خذت سيد علي
بهذا الهمس والحوار الذاتي (المنولوجي) تفيض شعرية الشاعر بتراجيدية سردية وصور متعددة في اطار(فيزيولوجي) كأنه وجود حسي.. مع اعتماده على حوار نام معتمد الصور داخل جسد التجربة او اللحظة الشعورية التي يعيشها بمجملها مرتبطة بوحدة موضوعية تنمو بهدوء حتى نهايتها نافذة الى جوهر الاشياء.. فضلا عن اعتماده النزعة التفسيرية.. التعليلية الواعية لكي ينسج العبارة الشعرية بعمق الرؤيا التي تخفف من وطأة الوصفية..
آنه وانت.. مثل دجلة والفرات..
المايهن يروي بلدنه.. او يرد للكاع الحياة..
اثنينهن صبن سوه... ابشط العرب
وانه وانت.. اثنينه نبقى نحب
اثنينه نحب الحياة
اثنينه نحب الوطن
اثنينه نحب الشعب
اثنينه نغني سوه بعيد الحزب/ ص61
فالنص تغلب عليه الغنائية كسمة طغت على اغلب نصوص المجموعة.. الكاشفة عن اعماق الذات المنتجة لأبجديتها وانتمائها.. والتعبير عن مغامرة وجدانية مهمتها تقديم الحقيقة على رأي الواقعيين بمنهج فني يعتمد (الاقناع المنطقي) في التعامل مع العواطف.

عرض مقالات: