في مدينة الديوانية، كان صوته الشعري يعلو بتواز ٍ مع الشعراء المجددين (شاكر السماوي، علي الشباني، عزيز السماوي)..، هؤلاء الشعراء الذين شكّلوا تجربة رائدة لاحقة تُضاف الى تجربة / النوّاب / الابداعية التي أوجدت التحوّل التجديدي الأول في مسار القصيدة الشعبية العراقية. إنه الشاعر المبدع (كامل العامري).

لفت َ هذا الشاعر الانتباه من خلال قصيدته المعروفة (الى شهيد) والتي نشرتها لأول مرّة مجلة الثقافة الجديدة في السبعينيات بتوقيع (ك. ع)..، وقد جاء ترميز إسم الشاعر لدوافع أمنيّة احترازية للمحافظة على سلامته، كون القصيدة مكتوبة إثرَ اغتيال المناضل المعروف (محمد الخضري)  في ظل ظروف مناخ سياسي ملتبس :

بجينه إو ما بجينه اعليك يا جلمة ابحلكَ تاريخ....

أصدر الشاعر مجموعته الوحيدة (كلمات على وجوه الريح) في السبعينيات، وقد ضمّت العديد من القصائد التي أشارت الى لونه وحدود تجربته، الّا انها تعرضت الى سوء توزيع ولم تُحقق الانتشار المطلوب. كما شاعت له بعض الاغاني الجميلة : أُفّيش، جاوبني، كَوم انثر الهيل، غنّي روحي..، وهي من الحان كبار الملحنين : كوكب حمزة، محمد جواد أمّوري، كمال السيد، طالب القره غولي، على التوالي.

نشر الشاعر قصائد مهمّة في جريدة الراصد الاسبوعية، وقد مثّلت تصعيداً فنيّاً لايمكن تغافلهُ، منها : امرايات الشمس، ثلاثية جرح، مهرة شوكَ جذابة. وهنا أُثبّت استهلالات هذه القصائد لتكون مفتتحاً يُضيء النوع :

1 – ياجلمه التنشف الدم، تعالي اشما طفيت اكبر. نزاهه السمه ابطركَ اهلال، وآنه ابريّتي اهلالين..، جدم شايل كَلب مهره، وأغنّي اشما بجيت اكثر.

2  - أهم بالروح لو روحي تهم بيّه. أهم بالجدم لو جدمي يهم بيّه. شدهني الليل، واجتافي ثكَل بيهه التعب والخوف، والنجمات باكَوهه الحرامية. يكَلبي اشبيك دكَاتك خذن روحي، شبه عاشكَ دفن روحه دمع مابين تطبيكَة جفافيّه.

3 – أحلم إو كل حلم يصدكَ. أحب موتي إعله جفني، وانطوي اجناح إعله رمشي، وابجي شوكَي الماشفت باليقظه مثله، لا جن ادري البيّه بيّه، والحلم ينرادله اعيون التنام. هاجرت غاباتنه إو مات الحمام.

في حياة الشاعر، حصل الكثير من التعارضات والتحولات، واضطرته المواقف تحت ضغط الحاجة ان يترك الديوانية، ويسكن في كركوك، وما عدنا نسمع له بعد ذلك ما يُعيده الى المشهد الّا ما ندر.

لقد رحل الشاعر مبكراً، تاركاً كلماته على وجوه الريح، تاركاً السؤال : جاوبني، تاركاً الحسرة : أُفّيش،

تاركاً مرايا الشمس تتحسس ظلّه، تاركاً للجرح ثلاثيّته. لقد أدمى الروح بالغناء ونثْر الهيل، وما من خلاص.

الشاعر الراحل / كامل العامري /..، له موقع لا يبعد كثيراً عن مركز دائرة القصيدة الشعبية الجديدة، وها هو قوله الشعري يُشير الى ذلك :  مثل الماي ياخذ لون جاليّه...

عرض مقالات: