يمكنني القول ان السيكولوجيا المعتمدة في اغلب حوارات مظفر النواب ، الأدبية و السياسية كانت بعيدة ،تماماً ، عن استخدام (سيكولوجيا الخوف) و (سيكولوجيا التخويف)  او (سيكولوجيا  التفضيل الأنوي) . انها نوع من السيكولوجيا المعاصرة.  بمعنى انها ليست من سيكولوجيا زمان سلمان الفارسي،  غير المستوعبة، بعدُ، لا عند العرب و لا المسلمين و لا عند غيرهم ، مثلما هي ليست من صلب سيكولوجيا صهيب الرومي و لا بلال الحبشي ولا من اشباه سيكولوجيا العلاقات  في الدول الاسلامية منذ عصر الامويين و العباسيين و العثمانيين و الفرس .. ولا.. و لا.. و لا في أي نظامٍ من أنظمةِ البطشِ بالناس من اجل السيطرة على الحكم و جمع المزيد من المال .   هذه الأنواع من السيكولوجيات سَبَحتْ و ما زالت  تسبح في بحرٍ واحدٍ او في نفس النهر مع مظفر النواب ، بمختلف مراحل حياتهِ ، في اعلى حالات قوته و في اضمحلالها عندما أُلقي القبض عليه في ايران – مثلاً- بأسلوبٍ من أساليبِ التخطيطِ بداخل  سراديب الأجهزة الأمنية المواكبة بالغدر و الخيانة ، مشتركة و مشاركة مع روائحَ عفنةٍ،  تسكن بجميعِ سراديبِ قمعِ و تعذيبِ المناضلين ، بكل مكان ليس فيه احترام لأبسط مخاطبات أيوب او نوح يوسف  او مخاطبات غيرهم ممن افزعه الأقوياء بحدود السيوف و السهام و الرماح القاتلة  .  لكن الشاعر مظفر النواب   تولّى خدمةَ نفسهِ و اشعارهِ بما اكتسب مرضعه من المواظبة على اخلاص خصوصياته الشعرية بإخضاعها لعموميات الإنسانية . استنجد بنفسهِ،  كلما شعر ان الدنيا تتربص به سوءا .  استنجد بسيكولوجية الصبر الطويل و القصير لمواجهة كل السيكولوجيات  من اي شكل كان و بأي مستوى من مستويات اخلاقيات القوة  او الضعف.  امتحنها وامتحن أذيتها أو ورثَ نتائج امتحانها من صفحات  الآخرين من اهله او من أصدقائه و من رفاق نضاله المشترك  . لا تنفتح أية صفحة من صفحات حواراته مع الآخرين إلّا باللون الأبيض ، الناصع، فحسب. لم يكن يبتهج بوقوعِ ضررٍ،  مهما كانت نسبته،  على أي صديقٍ من أصدقائهِ او على أي  زميلٍ من زملائهِ،  ممن  واجه  عجائب الصعاب و الأذى  او ممن يتمنى له الملمات . بمعنى ان مظفر النواب بوصفه إنساناً يراقب نفسه ليقترب منها و من حُسنِ افعالهِا. كان يتزعم مساعدة الاخرين من أصحابه إذا ما احسّ انهم او واحد منهم بحاجة الى عونه. اتحدث هنا عن اتصال مباشر بالشأن التجريبي ، المادي و المعنوي..   اجد نفسي متذكراً وضعاً اربك نفسي و جسدي  حين تكبّل جسدي بمرضٍ فجائيٍ،  سريعٍ،  جرّني الى غموض مريع على فراش المرض ،  بطاقةٍ محدودة ،  مفروضة عليّ  فرضاً، تحمل أيام الغربة  بقسوةِ و عنف ارتفاع درجة حرارة جسمي ،  ذات يوم من أيام وجودي ضيفاً في بيت مظفر النواب عام 1970 بدمشق .  في ذلك اليوم الدمشقي  اصابني دوارٌ قويٌّ وارتفاعُ درجةِ حرارتي إلى مستوى الخطورة . كانت حواسي ، جميعها ، مصابة بالضعف و الأعياء ، حسب رأي الطبيب السوري،  المعالج..  بينما ظلّ الشاعر النواب عوناً لي في مرضي يقضي حدَّ اوقاتهِ المتواصلة برعايتي في داره الدمشقية . كان يرهق نفسه بمحاربة دائي حيث قبضة يديه معنيتان بدوائي .

تذكرتُ اول ما تذكرت ، وأنا بتلك الحالة ، ان تضامن الشاعر مظفر النواب مع أصحابه ،  ليس طليعياً،  متكاملاً فحسب ، بل هو من أرقى اشكال الإنسانية – الجذرية لتحويل قضية سلبية الى قضية إيجابية،  من خلال (طاقة الخير) في الموقف المظفري ، الواضح كلياً، في قصيدته (للريل و حمد)  حيث لم اكن قد توصلتُ الى نتائج ، باطنية او ظاهرية،  في حواري مع ابياتها ، غير انني كنت اعرفه ، بحق،  ان مضمونها الأساسي من اول حرفٍ فيها الى آخره هي (طاقة خير)،  ليس غير.    

في اول قراءة قصيدة عنوانها (للريل و حمد )  يحتاج القارئ، كل قارئ،  الى ان يتناول كأساً من الصبرِ،  إذا كان هذا الواقع السيكولوجي قد يجد له مكاناً في كأس او في اي صحن من الصحون .. او إذا كان الصبر يُشرب او يؤكل. كلُّ صبرٍ له مذاقٌ افتراضيٌّ ، مرّ . يصعب على كل انسان ان يرتكب خطيئة تناوله بفمه. لا الحبيب قادر على ذلك و لا المحبوب .. لا الخاطب و لا المخطوب. لا الزوج ولا الزوجة و لا المزووج بالبتة .. من يضيق صدره من قلةِ رزقٍ او من فقدانِ حبٍ فأنه لا يجد غير الكآبة تغزو وجهه او تعلو ملامحه.

القصة الشعرية ، هنا، المقصوصة من امرأة قطار الليل الى شاعر الليل و النهار،   لا يمكنها اجتياز حالة عنيفة  من حالات الكآبة ، باقل الاحتمالات. (امرأة وحيدة) يلاحقها موت حبها بعد ان تبين ان هذا ( الحب) يوشك ان يفر من قلبها ، بينما   يعلن الشاعر ان حبها لم يمت ، بعدُ . لكن منبته في قرية ام شامات ، لم يستمر في احتضانه  لم ينته غير انه لم يتكامل لم يستوعب المحدثات و الحادثات  لم يخفق كليا  و لم يتجدد جوهريا  . اقل احتمال ان  يكتئب الشاعر، نفسه ، تحيزا الى اصالة قصة الليل بقطار الليل  و اصغاءً الى غناء الكآبة في أعماق المرأة المطعونة  بعجرفة حبيبها  . فقدتْ المرأة غبطتها، منذ ايام الطفولة المشتركة مع الحبيب ، حيث ذكريات (الطفيرة ) و ذكريات نهارات جريئة  قضاها مع الحبيبة . انكسر عمود الحب في ظهر الحبيبة و صار قلبها ثقيلاً محمله . 

الكآبة تحجر و الكآبة ممكنات سوء الحال .. 

الكآبة انكسار ، 

الكآبة حزنٌ و همٌّ و غمٌّ ، 

ربما تودي الكآبة بوجهِ من تصيب وجهه ان يكون معرضاً للوقوع في حجر آفةٍ او ضياعِ الفرح و السرور الى الأبد. 

ترى هل وجدت الكآبة محطاً لها على وجه القصيدة ..؟ 

هل  أنشد الشاعر مظفر النواب نشيداً مكسوراً بالهمِّ او منكسراً بالحزن . هل أرسل صفيراً حاداً الى مخيخ امرأة عن مخاطر ضياع حبها..؟ 

هل  زجرتها القصيدة ..؟

لم يفتح الشاعر  صفحة قصيدته لاستقبال دمع المرأة المستكينة ، المريضة ، المأخوذ منها قلبها و فكرها و ذكريات قريتها و طفولتها و يفاعة نهديها تحت السنابل،  

كانت عيناه الشاعرية - الانسانية  قد رأتا رأسها  مطأطأ  ، مصاباً  بأوجاع  .

ما ساء ظنه بها .. ما كذّب بلاغاتها عن حبيبها .

صدّق قولها و يقينها واستثار دفينها ثم كتب على صفحة القصيدة معروفاً شعرياً ، معروفاً عن  لون الطين الحقيقي في الحب. 

صار الطين حنّاءً في القصيدة. 

بين الطين و الحنّاء معادلة إنسانية كبرى. تعرفتُ على طاقةِ الحناء و على  نعمتِها خلال جوالي الكثير بمزارعها في الفاو و ما قبلها من ارض و ما بعدها من مياه شط العرب.  كما كان  يتضح،  عندي ،  دور الشاعر ، اي شاعر،  عن رسومها الإيجابية في ليالي الاعراس و الختان و مناسبات الفرح الجماهيري في مدينتي ، البصرة ، و في غيرها من المدن . لكن حين يكون الشاعر متكوناً فكره الشعري من حضارة ، من ثقافةٍ مظفرية  فذلك يعني تحديد الفكر المتجدد بين ثقافتين متنازعتين. الاولى ثقافة ميكيافيلية ، الثانية تعود اصولها الى مشاعر وميزات السبيل الى الصواب من مقتربات أفكار  ابن خلدون . بين ( الرغبة ) و ( الإرادة) ،  بين التاريخ و الشرعية ، بين تاريخ القرية ام شامات و شرعية السلطة و الحكم  القبلي او الفردي فيها. بين ( القوة) و ( الهيبة) ، بين اخلاقيات السلطة و اخلاقيات العلاقة الانسانية، بين الفعل و الاقوال ، بين ( الوظيفة) و ( الاختبار). كل ذلك جعل الشاعر في حالٍ من تكريس شعره في القصيدة مقتصراً على صناعةِ ملحمةِ وجودِ الحب و الإخلاص بين الناس،  باعتبارهما خصبا ً من خصوبات الحياة القادرة على الحاق الهزيمة بموت الحب و سمو طبيعته الإنسانية في بلاد النهرين العظيمين ، دجلة و الفرات.  

 تحرّك شعر مظفر النواب لكي يحيا ،متحرراً،  من ميكيافيليةٍ تجمع في يدين مقيدتين تحليلاً  من نوعٍ ما و من اُسلوبٍ ما و من شكلٍ ما من أشكال التصورات . لن تحققهما      (رؤية الشاعر) إلّا اذا اكتملتْ بنظراتٍ شاعريةٍ - إنسانيةٍ لن تعلوها حالة من حالات الفزع و الخوف السيكولوجي والكآبة. 

هنا ، في قصيدة ( الريل) تجاوز مظفر النواب تعاقب ( الحب) و المرور بمراحل تغييرية ، شاملة. لا نصائح السياسيين تنفع و لا تحاليل المنظرين و الأمراء ، تدفع او ترفع ، انما الحاجة الاولى و الاخيرة هي ( الحوار الداخلي) .. الحوار بين الممنهج و المنفذ، بين التحليل و المقارنة ، اي بين الشاعر و الشعر ، بين شدائد الزمان و خصال المكان. هكذا فعل ، في اول حال و بكل حال ، الشاعر الشعبي ، مالك الرؤية السليمة عن قوة صاحب القرار و عن المقرور بشأنه ، اي بين ( الجلاد ) و ( الضحية) في تلطف و مسبار وصبر و صبير الحب و العشق و ما بينهما ، خاصة و ان شجاعة الحب تودي الى التطبيق العملي لنظرية ( من الحب ما قتل..!!). 

كان شاعر ( الريل) مظفر النواب ، قويا ، صابراً، شجاعاً ، كريماً، عادلاً ، في تجنّبِ     (الخراب ) و (سوء التدبير ) حين قلب آيات الفيلسوف الإيطالي – البورجوازي نيكولا مكيافيلي ، من فوق الى تحت، ومن تحت إلى فوق ،  رابطاً نتائج الحب في قرية ام شامات ، العراقية – الجنوبية ،  بمقدمة الاخلاق الطفولية فيها. هذا هو الفعل المظفري الحكيم في ان تكون أمثولة الحب  العراقية ، في منتصف القرن العشرين ، أسطورة عشق جديدة لجيل من العشاق سوف يأتي بعد حين جديد وزوال حين قديم . لا توجد نعمةٌ اكثر من نعمةِ خلقِ اسطورة جماهيرية ، صنعها ( مظفر النواب)  بخيالٍ شعريٍ – شعبيٍ – مثاليٍ ،  في زمانٍ اظلّمتْ جلجلته و في مكانٍ صغيرٍ جداً،  اريد له ان يكون مستوراً بحجاب . لم يكن الشاعر قد اكتشف شاعريته ، بعد. لم يكن قد اختبر نصوصاً شعبية او ممارسة فعلية للموهبة الشعرية . كان يجد نفسه في مرحلة اختبارِ و استشفافِ ما بداخلهِ من صفاتٍ . كان بمرحلة التدرّج المستقيم لاستخبار نفسه بنفسه .. تدرّج مظفر النواب من (الموسيقى) الحديثة الى (الشعر الشعبي) ، من (الرسم  المعاصر) الى (الشعر الشعبي) ، من (الدراسة الأكاديمية)  الى (الشعر الشعبي) . احتل مكانته الكبرى في نظم الشعر باللهجة العامية عن جدارةٍ و استحقاقٍ. تعرّف على عددٍ غير قليلٍ من الجهات الفراتية و الجنوبية،  أيضاً،  لتكون سيرته في الشعر الشعبي مرتّبة ترتيباً،  عميقاً ، معبراً عن وقائعَ،  زمانيةٍ  و مكانيةٍ ، تتعلق بشؤون المواطنين العراقيين و منازعاتهم مع العشائر العراقية و تظلمات ابناءً الشعب من الدولة و من الخطط من الوظائف الموضوعة من رجال الدين . صار مظفر النواب مَرتبةً مهمةً في صفوف المثقفين العراقيين،  المعنيين بمتابعة ادوار الشرطة و الجيش و جميع الوظائف المركزية ذات الاختصاص  بتقوية  سلطة الدولة ، المركزية و سيطرتها على الشعب. كما راح مظفر النواب يتابع الكثير من حكايات المدن و الارياف العراقيين. حتى جاءت مصادفة ركوبه في قطار الليل ، السارح ، عادة ، من بغداد الى البصرة في الجنوب ، مروراً بأحوال الرعية البائسة  في الحلة و الديوانية و الناصرية ، وصولاً الى سراج الصباح بمحطة المعقل في مدينة البصرة .

تعاملَ مظفر النواب مع القطار،  ذي الهيبة التنقلية ، التكنيكية ،  كما تحلّى بالعناية الفائقة  في تعامله مع امرأةٍ  اظهر أنينها حين اجتاز الريل قرية ام شامات،  انها مكسورة الجناح في الحب و انها كانت مصروعة بمأساة من صنع حبيبها الاول و الأخير.  

كان موقفه طالحاً ، ليس صالحاً،  مع حبيبته. حضر ذهنها الانساني - الفطري ، ليجتمع مع ذهن شاعر، ناصح ، فصيح اللسان الشعري - الاخلاقي.

هذه كانت مواصفات المصادفة،  بين المرأة  المنكسرة في الحب و الشاعر الباحث عن اختياراتٍ و اختباراتٍ شعبيةٍ كشرطٍ من شروطِ ولادةِ قصيدةٍ بعنوان وظيفي- سلوكي منتقى بدقةٍ و عنايةٍ ،  بصياغةِ كلماتٍ شعبيةٍ ، برؤيةٍ اخلاقيةٍ  ، حول العلاقة الممكنة بين (الشاعر ) و (المرأة ) و ( الريل ) و (حمد) .

هكذا صنع مظفر النواب اسطورة القصيدة  او قصيدة الأسطورة ، بمغامرةٍ شعريةٍ كبرى.  مقدماً شاعريته ، شكلياً و لفظياً، بقواعد شعرية - شعبية تعتمد على قوة إسناد مفادها : ( هودر هواهم و لك حدر السنابل كطا..). دافعاً طاقةً إيجابيةً الى القراء لتمكينهم من التغلب على صعوبات الحب وعلى  سواها من صعوباتِ حياةٍ بشريةٍ ، ذات طبيعةٍ أخلاقيةٍ – فطريةٍ – طفوليةٍ – نقيةٍ ..   حاول ان يقدّم مثالها الإيجابي في عشرة أبياتٍ شعريةٍ – شعبيةٍ ، عراقية الشكل و المضمون ،  منزّهةً من روح الانتقامِ و السلاح .

رب من يجد عالمها الكوني الأمثل ، في  مستقبلٍ إنسانيٍ للعيش الأفضل ( بلا استغلال للإنسان من قبل الإنسان ) في مستوى  يتفوّق على الانسان الافلاطوني او الانسان السارتري او الانسان المأمول بالزمان و المكان الماركسي ، حين ينتصر الفهم الكلي للحرية الإنسانية و في المساواة التامة بظلِ عدالة اجتماعية  او في ظل تنشئة عميقة في  ما بقى و في ما يزول على صورة المخلوق الغربي في مسرحية (روميو و جوليت) بمنطقِ وعقلِ و خُلقِ الكاتب الإنكليزي وليم  شكسبير ،  او حتى في دوامة انتقال سكان الصحارى و الجبال و الاهوار في   اي فضيل من فضائل الأوصياء العرب ، منذ توتر واصطراع العلاقة بين قيس و ليلى قبل ان يتفجر غنى الحياة البشرية في الجزيرة    العربية   .

صارت قصيدة (الريل) روحاً ماديةً، متفاعلةً،  مع الطاقات الروحية – المادية ، لتكون ثورةً شعريةً،  جديدةً،  انقاذاً للحب و العشق من تاريخ الغدر و الخيانة في مجتمع يتصارع فيه البشر ، كلٌ من اجل غلبة  المصير الفردي .    كانت القصيدة المظفرية في جوهرها ( مبداً) من مبادئ إنسانيةٍ – وسطيةٍ،  خاليةً من التوتر و الاخلاقية العنفية، المسترشدة بعنتريات  بن شداد وتصوراته عن مكارم الاخلاق العربية..! 

التزم الشاعر الشعبي العراقي مظفر النواب بمبادئ انتصار العقل على كوارث الحب و العشق بين البشر بإحياءِ تعهداتِ الطفولة النقية و قيمها وجعلها تجديدا في صميم الحركة البشرية في مجتمعاتها .

لم يصنع أسطورة خيالية مثل  شخصية كليوباترا وتعاونها مع أنطونيوس في صراع حاسم ، ضخم ،كبير ، مع اكتافيوس من اجل السيطرة على العالم . أسطورة مظفر النواب عن عاطفة امرأة  عراقية فلاحية ، هينة  جداً بمطلبها . ليس لديها ملذاتٍ خاصةٍ وليس عندها اي حب للسلطة او السيطرة . كانت أسيرة حب رجل بسيط يحيا في ارض بسيطة يسمع دقات  قهوته مع دقات قلبه  و يشم كما تشم حبيبته رائحة الهيل في قريته.

معالجة شعرية بسيطة تحوّلت الى (قصيدة)  و الى ( أغنية). ربما تتحوّل ، يوماً ما، الى مسرحية او الى فيلم سينمائي او مسلسل تلفزيوني. انها قصيدة شعبية ذات وزن شعري عظيم الشأن و التقدير.

صحيح ان بطلة القصيدة تبدو امرأة ذاهبة الى مجهول الحياة  و ان الشاعر رسمها بمقسمات محتارة . ربما أوجعها زمان عشقها ، جاعلاً منها عوداً هزيلاً مع الزمان و مع المكان . الشيء الأهم ان رومانتيكية شاعر القصيدة جعلتها شكلاً من أشكال الدعوة الى حقوق المرأة في المجتمع، على لسانِ امرأة مهضومة حقوقها في الحب. مهضومة حقوقها ، سواء تزوجت حبيبها او طردها حبيبها ، في مجتمع ينص و يفرض  على الزوجة ان تكون مطيعة و الزوج فيه هو المسيطر. مجتمعنا جعل و يجعل الحبيب و الحبيبة ليسا تحت سيطرة العقل و لا الحب .

انهما تحت سيطرة الطغيان الذكوري.

ادان مظفر النواب تعالي الذكر العراقي على الأنثى من دون ادانة المجتمع. جاءت قصيدة الريل لتدين المجتمع و ذكوريته .

تلك هي خلاصة أسطورة ام شامات بقلم الشاعر مظفر النواب. 

ــــــــــــــــــــــــــــ 

يتبع

عرض مقالات: