يشكو العديد من المواطنين ارتفاع نسب الفوائد في القروض التي يتقدمون للحصول عليها من المصارف في مختلف المجالات، والتي تعطل بحسب تأكيدات كثيرة مشاريع استثمارية مهمة يمكن لها ان تحرك عجلة الاقتصاد المعطلة، فيما ينتقد الكثيرون الاجراءات والشروط التعجيزية التي تكبل المقترض، مقابل غياب للرقابة الحكومية على تنظيم العملية.

فوائد عالية على القروض

العديد من الخبراء الاقتصاديين والمختصين، يؤكدون أن فوائد القروض عالية جدا وطاردة للاستثمار، وفيها من المشاكل الكثيرة التي تحتاج إلى إعادة نظر شاملة بشأن السياسات المتبعة فيها.
فالخبير الاقتصادي، باسم جميل انطوان، يرى أن فوائد القروض داخل العراق تبدوا ضخمة جدا عند مقارنتها مع دول العالم، وغير مجزية بالنسبة إلى المستثمر، مبينا أن الفوائد بالنسبة للقروض السكنية يجب أن لا تتجاوز الـ 5 أو 6 في المائة، كما يجب أن تتراوح نسبتها بين 4 أو 5 في المائة في القروض الاستثمارية الصناعية كحد أعلى، ولكن للأسف الشديد فأنها تصل إلى 15 في المائة أو أكثر في القروض التي تقدمها البنوك والمصارف الأهلية بشكل خاص.
ويعتبر أنطوان، أن نسب الفوائد هذه غير منطقية ولا تشجع على الاستثمار لأنها تأكل 25 أو 30 في المائة من أرباح أي مشروع، لافتا إلى أن مختصين وخبراء دعوا إلى تأسيس مصرف استثماري تنموي يهدف إلى استقطاع فوائد متواضعة لتنمية الاستثمار وخلق فرص العمل بين صفوف الشباب لتقليل البطالة، وأن يدار بعقلية القطاع الخاص ويشرك القطاعين العام والخاص في مجلس ادارته ورأسماله، للخروج من الروتين المعرقل، مثل شروط تقديم الضمانات لكل قرض وتوفير الكفيل الموظف واجراءات التأمين وشروط تعجيزية أخرى.

ضرورة التنمية

ويعرض الخبير التجربة الألمانية كنموذج للتنمية، حيث تم انشاء مصرف لتمويل المشاريع التنموية لا يركز على الربح فقط، وانما لتشجيع القطاعات الانتاجية الزراعية والصناعية والسياحية، من خلال تقديم القروض ذات الفوائد المعقولة، خلافا للصناعيين في العراق الذين لم يتقدموا على القروض التي خصصها البنك المركزي برصده 5 تريليون دينار بسبب الشروط التعجيزية.
ويشدد أنطوان على أن وضع التنمية في العراق متردي، والمشاريع الصناعية المحلية غير محمية من منافسات بضائع دول الجوار التي تغرق الأسواق وبدعم من حكوماتها يصل إلى 20 في المائة، فيجب أن تكون شروط التنمية في العراق مشجعة وفوائد القروض مخفضة وخصوصا للقطاعات الانتاجية لأنها تتحمل قبل ذلك رسوما وضرائب وكمارك تدفع أموالها، علما أن تنميتها يقلل من نسب البطالة وحجم الاستيراد الخارجي.
ويتابع القول: "معدل القروض في الخارج لا يتجاوز 2 في المائة، وشروط الضمانة للمشاريع تتعامل مع المشروع نفسه كضمانة وليس بكفالة أحد، وحتى في العراق مثلا، نُفذت مشاريع صناعية خلال ستينيات وسبعينات القرن الماضي بقروض من المصرف الصناعي الذي حدد الفوائد بنسبة 6 في المائة فقط، وتمت الاستفادة منها بالبناء وشراء المكائن واستيراد المواد الأولية، لأن الدولة كانت تتحمل جزء من قيمة المشاريع لضمان نجاحها، آملا أن يُعاد التعامل بهذه الطريقة للمساهمة في التنمية وإيجاد بيئة تستقطب الاستثمارات بدلا من هروب رؤوس الاموال إلى الخارج.
وبخصوص فوائد المصارف الحكومية، فالخبير يوضح أنها تتراوح ما بين 8 أو 9 في المائة، والمصارف الأهلية نسبها أعلى، وعلى الرغم من أن البنك المركزي حدد النسبة للجميع، ولكنه لا يتدخل للأسف، ورقابته على المصارف الاهلية ضعيفة جدا، رغم وجود ما يقارب الـ 60 مصرف منها تعبث بالاقتصاد الوطني ولا تشارك في التنمية وتحول الكثير منها إلى إدارة البيع والشراء في مزاد العملة أو تبييض العملة لتهربيها إلى الخارج، داعيا البنك المركزي أن يمارس دورا أكثر فاعلية في هذا المجال.

لكل مصرف سياسته الخاصة!

الملاحظات كثيرة وجادة بشأن التخبط في السياسة المصرفية، وعدم توحيد نسب فوائد القروض، وما يقابل ذلك من غياب للدور الرقابي المطلوب في هذه العملية.
وتعليقا على الأمر، يوضح الخبير الاقتصادي ماجد الصوري، تشعبات بخصوص الجانب الرقابي والنسب المفترض تحديدها بالنسبة إلى القروض، مشيرا إلى أن البنك المركزي يقدم إلى المصارف مؤشرات بخصوص حجم الفوائد المفترضة، ولكن هذه المؤشرات لا يتم الالتزام بها من قبل المصارف الحكومية والأهلية، وأصبحت لكل واحدة منها سياسة خاصة بشأن الفوائد على الودائع والقروض.
ويبين الصوري، أن قانون المصارف يسمح للبنك المركزي ان يقدم مؤشراته للقروض ولكنه لا يعطيه إمكانية فرض نسب الفوائد، ويقتصر دوره بهذا الجانب فقط، منوها إلى أن الفترات الماضية شهدت تلكؤا في تسديد القروض، دعا المصارف إلى رفع نسبة فوائدها لتخفيض الاقبال عليها، حسب قوله.
ويعتقد الخبير، أن المبادرة التي اطلقها البنك المركزي مؤخرا، بتخصيصه 5 تريليون دينار للمصاف الحكومية و 1 تريليون دينار للمصارف الأهلية لإطلاق القروض بفوائد منخفضة في هذا الظرف، يمكن أن يكون فرصة لتفعيل حركة الانتاج وتنشيط الاقتصاد الوطني.

تعليق اللجنة المالية

أما عضو اللجنة المالية النيابية، حنين قدو، فيعلق على الأمر ويوضح أن لجنته بدون شك مع فرض الفوائد المعقولة، والتي تنسجم مع طموح الشرائح الفقيرة والمعدمة في الحصول على القروض التي تتعلق بالسكن والزراعة وقطاعات حيوية اخرى مثل إنشاء المعامل وغيرها، فالأمر ينعكس ايجابا على اقتصاد البلد.
ويعتبر قدو، تحميل القروض الحالية فوائد عالية، ظلما وحيفا على الناس، علما أن اللجنة المالية في مجلس النواب لها موقف واضح بخصوص الأمر ولكن المعالجات تتعلق بوزارة المالية والحكومة، بينما البرلمان لا يمكن له سوى ان يقدم المقترحات اللازمة لتقليل الاعباء.

عرض مقالات: