وصلني مؤخراً كتاب (أغنيات ...للثورة ) وهو ديوان شعر للشاعرة العراقية( حياة النهر ) ويضم الديوان عشرون قصيدة بينها ١٣ قصيدة من الشعر الحر، وسبع قصائد عمودية، والقصائد جميعاً، وكما مبين من التواريخ المؤشرة إزائها، كتبت بين عامي ١٩٥٣ و ١٩٦٠.
في الديوان ١٢ قصيدة كتبت بعد قيام ثورة الرابع عشر من تموز عام ١٩٥٨، وثمان قصائد كتبت قبلها، ورغم علاقتي بالشعر، ومنذ اكثر من خمسين عام، لكن المؤسف إنني لم يسبق لي الاطلاع على نتاج الشاعرة! رغم أن هذا الديوان هو الثالث لها، إذ سبق لها ان أصدرت عام ١٩٥٨ ديواناً بعنوان(الغد المشرق) وكان الشاعر بدر شاكر السياب قد كتب مقدمته، كما صدر لها ديوان ثالث عن دار المدى بعنوان ( سد مأرب )، كما صدرت للشاعرة رواية عام ١٩٧٨بعنوان( الشاهد ) تتناول سيرة حياة وإعدام الرفيق الشهيد( طالب عبد الجبار ) عام ١٩٦٣.
الشاعرة( حياة النهر ) هي إبنة الشخصية الوطنية المعروفة حسن النهر، أحد مؤسسي حركة أنصار السلام، وهي شقيقة الشيوعية الباسلة( أمنة النهر ) وشقيقة الفقيد( شامل النهر )،احد قادة اتحاد الطلبة العراقي، والذي اعتقل في وثبة كانون عام ١٩٥٢، وتوفي في العام الماضي، وهي ايضاً شقيقة الشهيد ظافر النهر وأخيه، الذين اعدمهما البعث بسبب إنتمائهما للقيادة المركزية، وهي ايضاً شقيقة الصحفي والمناضل المعروف نصير النهر.
الشا عرة كانت عضواً فعالاً ونشطاً في الحزب الشيوعي العراقي، وهي ايضاً من مؤسسي رابطة المرأة العراقية، وكانت زوجة للرفيق عبد الرزاق غصيبة، وهو احد الضباط الأحرار الذين ساهموا في قيام ثورة الرابع عشر من تموز. والمؤسف أن الشاعرة نقلت الأن ، بسبب الشيخوخة إلى إحدى دور المسنين في كندا، وهي في شبه غيبوبة!
أما ديوان( أغنيات ...للثورة ) الصادر عام ١٩٦٠،.
وكانت أول قصيدة فيه مؤرخة بعد يوم واحد من قيام ثورة تموز، اَي في ١٥ تموز ١٩٥٨، وهي عمودية في ٤٢ بيتاً:
قم حيها حيي الأشاوس ثاروا .... قم حيها ثوارها أحرارُ
قم حيي ثورة شعبنا وفصيله .... المقدام وانظر للخنى ينهارُ
و في ١/٨/١٩٥٨، كتبت الشاعرة قصيدة اخرى بعنوان( تحية للشهيد ) أهدتها ( الى روح كل شهيد في سبيل الوطن المقدس)
تباركت من فاحم صامد .... وحييت من باسل خالدِ
وبوركت فيك النهوض المجيد .... فيالك من ناهضٍ ماجدِ
وبعد ايام اَي في ١٨/٨/١٩٥٨، كتبت الشاعرة قصيدة حرة بعنوان( أغنية للشعب ) جاء فيها( مع الفجر للشعب كنت اغني/ وكان نشيدي عصارة روحي / بأعماق ذاتي/ ومن دم قلبي ومن عبراتي/ ومن أغنياتي/ نسجت لثورتنا الرائعة/ بروداً من النور من أغنياتي/ وفِي عتمات الدجى والرياح تئز/ نثرت قصيدي على الربوات/ لكل الحزانى وللجائعين .).
وفِي ٦/١٠/١٩٥٨،تكتب الشاعرة قصيدة بعنوان( فجر الحياة ) ومنها:
يا إبنة الرافدين جدي وزيدي .... زال بعد الصراع ليل العبيدِ
إن فجر الحياة لاح فحيي .... خير فجرٍ من الحياة جديدِ
يشجب الظلمة البغيضة شعبٌ .... بات حراً بأرضه فأعيدي
مجده الغابر المضيء وسيري .... بركاب الأحرار عبر النجودِ
وفِي ٣٠/١/١٩٥٩، كتبت لرفيقها وزوجها( عبد الرزاق غصيبة) قصيدة حرة بعنوان ( حنين ) إستهلتها بهذا الإهداء( الى رفيقي عبر طريق الحياة الشاق، الى عبد الرزاق )
( أحن إليك حنين الطيور لأوكارها/ حنين الصغيرلاحضان والده الغائب/ حنين المُتيمِ عند مجيء الظلام/ إذا هزه الشوق للصاحب/ احن إليك ... وما دمت مثلي تحب البشر/ تحب الحقيقة ثم تموت / لتبقي على وجهها الناصع البهي السمات / الى ابدٍ مشرق القسمات/ احبك ..
وفِي ١٠/٦/١٩٥٩، كتبت الشاعرة قصيدة حرة بعنوان(ثورتنا لكل الورى) جاء فيها( من دمنا كانت ومن لحمنا/ومن صراع عار دام/ ومن نضالات اماسينا/ من عري أطفالنا/وبؤس ايام مضت يعرفها شعبنا/ عبر ليالينا/ فمن ترى يبخسنا حقنا؟.
وفِي عام ١٩٦٠ كتبت الشاعرة قصيدتين، الاولى في٢٠/٣/١٩٦٠،وعنوانها( الحصاد) والثانية في ١٨/٥/١٩٦٠، وهو تأريخ أخر قصائد الديوان، وعنوان القصيدة( إنتظار) والواضح انها ايضاً موجهة لزوجها البعيد عنها.
اما القصائد الثمان التي كتبت قبل ثورة تموز، اَي بين أعوام ١٩٥٣و١٩٥٧، فكانت بمعدل قصيدتين لكل من أعوام ٥٣ و٥٤ و٥٦، وقصيدة واحدة لعامي ٥٥ و١٩٥٧، ومضامين هذه القصائد عموماً تناولت نضالات الشعب العراقي والشعوب الاخرى، فقصيدة ( حدثيني) وهي حرة ومؤرخة في ٢٢/٧/١٩٥٣،فقد قيلت عن مجزرة سجن بغداد المركزي، التي قامت بها شرطة نوري السعيد في ١٨/٧/١٩٥٣، والتي استشهد فيها ثمانية سجناء وجرح العشرات، ومنها( حدثيني يادهاليز السجون/ حدثيني بحديث ذي شجون/عن اباة مخلصين /عن كماة نابهين /عن بطولات ستبقى عبرة للثائرين/عن جراح ملئت ماء وطين.)
اما في عام ١٩٥٤، فقد حملت القصيدة الاولى عنوان( أعراس فيتنام)، اما القصيدة الثانية فكانت بعنوان( بطولات كالاساطير ) وهي مهداة لضحايا الإرهاب الأسود في ايران.
اما في ١٩٥٦، حيث ضم الديوان قصيدتين، كانت الاولى بعنوان( في نقرة السلمان) وهي عمودية في ٣٤ بيتاً، والقصيدة الثانية كانت بعنوان(امجاد وبطولات) وهي حرة وتتحدث عن المناضلة الجزائرية( جميلة بوحيرد).
وفِي عامي ٥٥ و١٩٥٧، فقد ضم الديوان قصيدة واحدة لكلا السنتين، وكانت قصيدة عام ٥٥ وهي حرة بعنوان(الى شبيبة العالم ). اما قصيدة عام ١٩٥٧ فكانت عمودية وهي بعنوان (صراع مع الظلم ) وكتبت اثناء الهجوم الوحشي على الطلبة المتظاهرين لنصرة مصر وجاء فيها:
ثوى تحت أنقاضها وانطوى .... وغاب اسمه من سجل الورى
وظلت كراريسه والدواة .... معفرة من تراب الثرى
وظل على الارض منديله .... مدمى تضوّع منه الشذى