غالي العطواني
عقدت اللجنة المحلية للمثقفين في الحزب الشيوعي العراقي، الاثنين الماضي، ندوة ثقافية – سياسية حول وثبة كانون المجيدة 1948، في مناسبة الذكرى الـ 71 لانطلاق شرارتها.
الندوة التي احتضنتها قاعة منتدى "بيتنا الثقافي" في ساحة الأندلس وسط بغداد، والتي حضرها جمع من الشيوعيين والمهتمين في الشأنين السياسي والاجتماعي، أدارها الرفيق علي كريم، الذي دعا الحاضرين إلى الوقوف دقيقة صمت في ذكرى شهداء الوثبة والحركة الوطنية، ثم قرأ كلمة باسم اللجنة المحلية، أشار فيها إلى ان القوى الوطنية العراقية، وبعد أن أدركت خطر المؤامرة المحاكة ضد استقلال البلاد وسيادتها، وبعد أن تسربت نصوص من "معاهدة بورتسموث" التي كشفت كونها أشد وطأة من معاهدة 1930 بين العراق والاحتلال البريطاني، بدأت بالتحشيد الجماهيري وتعبئة الرأي العام لرفض جميع المشاريع والمعاهدات المخلة بالسيادة والاستقلال الوطني.
واوضح انه، وبمبادرة من الحزب الشيوعي العراقي، جرى تشكيل لجنة من الطلبة، و"لجنة التعاون الوطني" التي تضم الحزب وبقية الأحزاب الوطنية، من أجل قيادة الجماهير الواسعة لإسقاط "معاهدة بورتسموث"، مضيفا ان العمل السياسي والجماهيري حدد جملة من الأهداف، تمثلت في رفض المعاهدة الجديدة وإلغاء القديمة، وإسقاط حكومة صالح جبر وحل مجلس النواب، وجلاء القوات البريطانية من العراق، وتوفير الخبز والكساء بأسعار معتدلة، وتحقيق الحريات السياسية وإجازة الأحزاب والنقابات.
أول المتحدثين في الندوة، كانت القاصة سافرة جميل حافظ، التي هي من بين المشاركين في الوثبة، وقد ذكرت في شهادتها ان الوثبة كانت حصيلة موجة غضب وغليان في صفوف الشعب العراقي، على إثر الإعلان عن "معاهدة بورتسموث" سيئة الصيت، بين الحكومة العراقية والاستعمار البريطاني، والتي كانت تهدف إلى إبقاء العراق تحت الانتداب البريطاني لفترة 25 عاما.
وتحدثت القاصة سافرة عن مشاركتها في الوثبة مع أشقائها، وهي في مرحلة الدراسة الإعدادية، موضحة ان أشقاءها كانوا قد زودوها بمنشورات تدعو إلى إسقاط المعاهدة، لتقوم بتوزيعها على الطلبة، ومشيرة إلى انه جرى اعتقال أحد اشقائها، فيما تعرضت هي للضرب من قبل قوات السلطة.
وكانت المتحدثة الثانية في الندوة، د. خيال الجواهري، التي ذكرت ان العراق كان في فترة الوثبة يعيش حالة غليان جماهيري بسبب والمعاهدات مع الاستعمار البريطاني، موضحة ان الحكومة العراقية لم تحظ وقتها بتأييد أكثر من 5 في المائة من الشعب.
وبيّنت د. الجواهري ان شرارة الوثبة انطلقت بعد أن أعلن وزير الخارجية فاضل الجمالي بنود "معاهدة بورتسموث"، لافتة إلى ان والدها، الشاعر الجواهري الكبير، كتب في يوم الوثبة ذاته، مقالا افتتاحيا في جريدة "الرأي العام" المسائية، حمل فيه على قوات الشرطة لتجاوزها القانون، واستخدام القوة ضد الجماهير المنتفضة.
وذكرت ان الجماهير عمّت الشوارع والساحات، فلم يكن أمام الشرطة سوى الاختباء في المساجد والمدارس، مشيرة إلى ان أخاها فرات الذي كان وقتها بعمر 18 عاما، شارك في الوثبة، كذلك عمها الشهيد جعفر، الذي أصيب برصاص الشرطة، وهو في مقدمة المنتفضين.
وساهم عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي، الرفيق د. علي مهدي، في الحديث عن الدروس المستخلصة من وثبة كانون، مبينا ان هناك عوامل ومؤثرات داخلية وخارجية كان لها دور كبير في الوثبة، وقد أضعفت دور الاستعمار البريطاني، وجعلت الشعب العراقي يرفض المعاهدات الاستعمارية، بوجود الوعي التقدمي والثوري الذي كان يمتاز به.
وأضاف قائلا ان وثبة كانون كانت "البروفة الممهدة لثورة 14 تموز 1958"، لافتا إلى أن هناك دروسا إيجابية مستخلصة من الوثبة، أهمها ان الانتفاضة لم تقتصر على بغداد فقط، إنما شملت جميع أنحاء العراق، كذلك تحييد الجيش وعدم تدخله بقمع المحتجين، وحضور الوعي التقدمي الديمقراطي بين أفراد الجيش.