مع حلول القرن الحادي والعشرين بدأ تراجع واضح في تداول الصحافة الورقية، مما سبب افلاس صحف كبرى في العديد من دول العالم. منها مثلا صحيفة “ فرنسا المساء / France Soir” التي حاول انقاذها امير روسي شاب ( 24 عاما يدعى الكسندر بوكاتشيف وهو ابن ملياردير روسي قريب جدا  من “ پوتين”) واشتراها في مطلع عام 2009. ولكن هذا الشاب لم يستطع انتشالها، بسبب التقدم الكبير في التكنولوجيا والتوسع في استخدام الصحافة الالكترونية، بالرغم من كونها صحيفة واسعة الانتشار .

  ولوحظ ايضا تراجع في الانشطة الثقافية بشكل عام، وبالاخص في البلدان العربية التي تتفاوت فيها نسب “ الضمور “ الثقافي والفني! يقابل هذا الوضع اتساع مخيف لانتشار الامية والخرافة والثقافة التكفيرية المدمرة لكل القيم الانسانية، من خلال حشر “المقدس” في اية ظاهرة اجتماعية!

فحين تقول مسرح يجيبك احدهم : هذه “بدعة” غربية وغريبة عن مجتمعاتنا، وكل بدعة “ضلالة” وكل ضلالة في النار!

ولا يتوانى هذا المتحدث عن استخدم عشرات “ البدع” التي جاء بها الغرب من الطيارة والسيارة والتلفزيون والتلفون والكومبيوتر وغسالة الملابس والصحون، وصولا لاستخدام ربطة العنق ومساحيق التنظيف والعطور!

وينسى المتحدث او يتناسى، عن عمد، ان حياة شعوبنا اصبحت منذ فترة ليست بالقصيرة، اشد قسوة من جهنم!

ولم يساعد “الربيع العربي” في تحسين هذا الوضع، بعد ان كان مؤملا ان يفتح نوافذ على حياة  جديدة تتسم بالجمال والتالق والابداع، فاذا به يفتح ابوابا على انفاق جهمية يترصد فيها “ديناصورات” بعثوا للحياة خطأ،ً لينقضوا ويقضوا على آخر امل لنا بعيش كريم آمن، فيه الخبز والكتاب الذي نختار!

وفي مشاهد مسرحية تراجيدية يتكشف لنا حجم المؤامرة التي تتشكل اطرافها من اولئك “الديناصورات” الارهابية ومجاميع  الفاسدين وتجار الحروب، الذين لا يجدون مصالحهم الا في الازمات التي يفتعلونها لشعوبهم!

وجاءت “ كورونا” لتسقط ورقة التوت عن هؤلاء، وتكشف لنا هزال انظمة طفيلية تركت شعوبها تحترق في ظل بنى تحتية متهرئة على مختلف المستويات.

لكن التاريخ علمنا ان الشعوب لا تموت، وان الاجيال اللاحقة ستكنس تلك الانظمة آجلا او عاجلا! وستشرق الشمس مجددا ملوّحة بالقصائد والاغاني والموسيقى والمسرحية واللوحة التشكيلية، وكل ما يعطي للحياة معنى ويجعلها اجمل وابهى!

عرض مقالات: