ونحن نعيش فرحة ذكرى تأسيس حزبنا الشيوعي الخامسة والثمانين، نستذكر بعضا من صفحات ابنائه الميامين، الذين كانوا أوفياء لمبادئه وصانوه من كل شائبة، ونخص بالذكر شريحة الشباب منهم، ليس من باب التشبث بالماضي، بل لإلقاء الضوء على الصفحات النيرة منه، من أجل فهم الحاضر واستكشاف المستقبل.
أثناء الهجمة الفاشية على حزبنا من قبل "بعث" صدام وزمرته في نهاية سبعينيات ومطلع ثمانينيات القرن الماضي تعرضت شبيبة حزبنا، التي لم ترتكب فعلا محظورا سوى الدفاع عن الكادحين والفقراء، وعدم القبول بالانتماء لحزب السلطة، إلى هجمة شرسة تعرض خلالها المئات إلى اقسى صنوف التعذيب.
ونستذكر هنا مجموعة من الشابات الشهيدات اللاتي دافعن عن وطنهن وحزبهن الشيوعي دون أن يطأطئن رأسا للجلاد!
ولكن كيف كان موقف أمهات الشهيدات؟!
نادية كوركيس لم تبلغ من العمر عام 1980 سوى عشرين عاما، وهي شقيقة اللاعب الدولي باسل كوركيس، وقد اختطفت، في ذلك العام، من الحرم الجامعي.
ترعرت نادية في عائلة وطنية حيث سبق وأن اعتقل والدها وزج به في سجن نقرة السلمان الصحراوي!
تقول والدة نادية:" بعد ان اعتقلوها ، كنا نراجع دوائر الامن وفي كل مرة كانوا ينكرون معرفتهم بهــا ,حتى حدث ما حدث في احد ايام 1985، عندما كان والدها يراجع احدى دوائر الامن للسؤال عنهــا ،فقال له احــد الجنــاة وببرودة دم القتلة المحترفين :" لا داعي لمجيئك هنا فقد قتلت منذ ســنين" .
وســقط هذا الخبر مثل صاعقة قاتلة لم تمهل ابو نادية سوى ايام قلائل، أما والدتها فكانت تحلم بأن تكحل عيونها بسقوط الطاغية لترى عقاب الشعب للقتلة!
الشهيدات الثلاث جميلة ووصال وبشرى، كريمات الرفيق الراحل محمد شلال، اعتقلن مع والدتهن ام ابراهيم، وتعرضن لمختلف أنواع الاهانات وأساليب التعذيب القذرة التي يمارسها شذاذ الافاق، وحكم على ام ابراهيم بالسجن المؤبد بينما حكم على الشقيقات الثلاث بالاعدام بالإضافة إلى إعدام شقيقهن ابراهيم وزوج إحدى الشهيدات ليصبح المجموع خمسة شهداء من عائلة واحدة!
أم إبراهيم كانت صرختها مدويّة، في صبيحة ذلك اليوم المشؤوم 26 شباط 1986، الذي اعلن فيه تنفيذ القرار الذي اتخذه المجرم عواد البندر باعدام الشقيقات الثلاث. حاولت ان تحتضن بناتها، أمسكت بأيديهن بقوة لعلها تخبئهن في قلبها، أن تبعد الموت عنهن، ولكن أيدي القتلة كانت أكثر شراسة من أغصان طرية فتية، فاستقبلن الشهادة وهن يهتفن باسم حزبهن ويشتمن القتلة!
لقد علمنا التاريخ أن معاداة الشيوعيين، في اي بلد، لا تقود إلا الى خراب الوطن، لأن الشيوعيين يشكلون المشروع الوطني الشامل بكل جوانبه اقتصاديا وسياسيا وثقافيا، فهل يتعظ الموتورون والفاشلون والفاسدون؟!