لم تعد عصا موسى ُتجدي نفعا، فزمن " المعجزات " قد ولى! ولم يعد هناك إلا العمل اليومي الجماعي الدؤوب من أجل تجديد الحياة وإدامتها بشكل أجمل.
وهذا ينطبق على كل الملفات العالقة للحكومة الجديدة والتي تستحق بذل جهد استثنائي كالتعليم والصحة والخدمات.
وملف الثقافة، هو الآخر، يقع ضمن هذا التوصيف، وربما يستحق بذل جهود أكثر في ظل الحساسية المفرطة التي يتحلى بها العديد من العاملين في هذا الوسط بسبب تلكؤ الوزارة في عملها لسنوات عديدة!
اتحاد الادباء حسم امره وأصر على مطلبه بتنصيب وزير كفء وأكاديمي. ونجح في هذا المطلب. واعتقد ان "اتحاد" الجواهري لا يريد أكثر من أن يترك " العجين " لخبازته ، فلا يمكن السماح للقوى الظلامية ان تفسد الخبز بعد أن افسدت حياتنا سنواتٍ طوالاً!
الجميع يتحدث بإيجابية واضحة عن إمكانات الوزير الجديد للثقافة د. عبد الأمير الحمداني، ولكن السؤال الملح هو: هل يستطيع الوزير بمفرده أن يرتقي بعمل الوزارة ويرفع من شأن الثقافة ويرد الاعتبار لها باعتبارها روح وكيان وهوية الشعب العراقي؟!
لكي تنجح الوزارة بعملها، باعتبارها المنشط الأساس للثقافة العراقية، لا بد لها من الاعتماد على الاتحادات والمنظمات والنقابات التي تعنى بالفن والثقافة، باعتبار جهد وزارة الثقافة مكمل لجهود هذه المنظمات بحراكها الثقافي والفني، وليس العكس. ويشكل اتحاد الادباء مفصلا رئيسا في التشكيلة الثقافية ويحتاج إلى دعم حقيقي لإخراج نشاطاته بالشكل الذي يليق باسمه، خاصة مهرجان " المربد" كي يصبح دالة للشعر العربي والعراقي على حد سواء. وهذا ينطبق على نقابة الفنانين، التي تعد العدة لإقامة مهرجانات وطنية للمسرح والسينما وبقية الفنون.
وهناك بعض الخطوات والاجراءات الآنية التي يمكن أن تشكل " بصمة " للوزير الجديد ومنها: إعادة إعمار مسرح الرشيد باعتباره واحدا من أهم المسارح في المنطقة. افتتاح مسرح المنصور والاعلان عن إطلاق سراحه من قيود المنطقة الخضراء بالكامل! إعادة تأهيل صالة سينما " بابل " الحكومية. التنسيق مع الوزارات المعنية لتفعيل النشاط المدرسي، بالوجهة الصحيحة التي تخدم الحركة المسرحية والموسيقية. ونظرا للوضع الاقتصادي الصعب لمعظم الفنانين والمثقفين لا بد من بذل جهود حقيقية من أجل إعادة المنحة الخاصة بالادباء والفنانين والصحفيين. تشكيل لجان مشتركة من الوزارة والاتحادات والنقابات والجمعيات ذات الشأن لإدارة الملف الثقافي المتنوع ، لان اليد الواحدة لا تصفق خاصة في ظل الفساد الكبير الذي ينخر في بنية المؤسسات الحكومية!