- تسعى الرأسمالية المعولمة الى توطيد هيمنتها الدولية عبر تهميش الدول الوطنية وتفكيك تشكيلاتها الاجتماعية وبالتحديد منها تلك الدول المتسيدة في ابنيتها السيادية أحزاب الطائفية السياسية الملتحمة وأعراف قاعدتها العشائرية وما يحمله ذلك من مخاطر سياسية –اجتماعية على بلدان العالم الثالث تتمثل بتفكيك قواها الاجتماعية واعاقة بناء نظمها السياسية الديمقراطية المرتكزة على وحدتها الوطنية.

لمتابعة هذه الرؤى السياسية – الفكرية نتوقف عندها عبر مداخل مكثفة أولهما الدولة الوطنية وتنامي الهيمنة العشائرية. وثانيهما الدولة الوطنية والطائفية السياسية. وثالثهما القوى الديمقراطية ودورها في إعادة بناء الدولة الوطنية.

اعتماداً تلك المداخل المكثف نتوقف عند مدخلها الأول الموسوم ب-

اولاً - الدولة الوطنية وتنامي الهيمنة العشائرية.

- ترافقت سيطرة الأنظمة الاستبدادية في العديد من الدول الوطنية ونهوض الابنية القبلية باعتبارها الملاذ اجتماعي الآمن لمنتسبيها المهددين بالفقر والإرهاب وما نتج عن ذلك من تطور سلطة العشيرة وتوطد هيمنتها الاجتماعية وانضباط أعرافها العشائرية.

–سيطرة العشيرة على بنيتها الاجتماعية لم تكن بمعزل عن سيادة النظم الديكتاتورية ومساعدتها للبنى العشائرية على تحقيق هدفين أولهما تعزيز هيمنتها القبلية وأعرافها العشائرية، وثانيهما مسؤوليتها عن سلوك أبنائها الاجتماعي وتشديد ضبطها العشائري.  

- استنادا الى ضوابط التشكيلات القبلية (العرفية) وتقاليدها الاجتماعية توطدت البنى العشائرية ونمت سيطرتها السياسية في زمن الأنظمة الديكتاتورية وسطوة أجهزته القمعية.

-- نهوض العشائر العراقية وتنامي دورها السياسي – الاجتماعي ترافق وانهيار الدولة الوطنية بعد الاحتلال الأمريكي للعراق ومساندته الفعلية لأنشطة المؤسسات القبلية هادفة بذلك الى تفكيك الدولة العراقية والحاقها بسياسة الاحتكارات الدولية.

- تزايد دور العشيرة وأعرافها في الحياة الاجتماعية – السياسية ابان سلطة الاحتلال الأمريكي أشر الى تحولها الى سلطة فعلية قادرة على درأ المخاطر الاجتماعية – الأمنية التي أنتجتها التغيرات السياسية في الدولة العراقية.  

 - بهذا المسار تحولت العشيرة الى سياج تنظيمي – اجتماعي قادر على حفظ حقوق افراده هادفة بذلك -العشيرة – الى توطيد سلطتها التضامنية البديلة عن سلطة الاحتلال وأجهزة الدولة الوطنية الوليدة.

 

ثانيا -- الدولة الوطنية والطائفية السياسية.  

- ان إعاقة هيمنة الدولة الوطنية السياسية على تشكيلتها الاجتماعية بسبب سيادة الاعراف العشائرية وسيطرتها في الحياة السياسية أنتج كثرة من التراجعات في إعادة بناء الدولة الوطنية يمكن إدراجها في الموضوعات التالية -

 -- نهوض العشائر واعرافها القبلية تشابك وميول الرأسمالية المعولمة الهادفة الى تهميش الدولة الوطنية وتفتيت بنائها الاجتماعي.  

- تلاحم الطائفية السياسية والأعراف العشائرية ساعد على تفكك سيطرة الدولة على تشكيلاتها الاجتماعية.

- شكلت الطائفية السياسية اطارا أيديولوجيا للمؤسسات العشائرية عبر الدالات التالية-

أولا- اصبحت الفتاوي الدينية والعادات والتقاليد الطائفية مساند أيدولوجية لأحزاب الطائفية السياسية.

ثانياً- تحولت العشائر واعرافها وقوانينها الداخلية الى اسيجه اجتماعية للطائفية السياسية.

ثالثاً- عمدت العشيرة وأيديولوجيتها الطائفية الى ترسيخ دورها في حل النزاعات الاجتماعية بديلاً عن قوانين الدولة الوطنية.

ثالثاً – تسعى ايديولوجيا الطائفية السياسية المتلاحمة والأعراف العشائرية الى ان تكون بديلا عن الطبقات الاجتماعية ونزاعاتها السياسية وما يعنيه ذلك من تحول نزاعاتها الطبقية الى نزاعات عشائرية.

رابعاً– تقود الطائفية السياسية وقاعدتها العشائرية الى اندلاع الحروب الطائفية - العشائرية واستمرارها في إطار الدولة الوطنية.

-- تفضي النزاعات العشائرية - الطائفية الى تخريب الدولة الوطنية وتشكيلتها الاجتماعية استناداً الى المعطيات التالية –

1 – تراجع المهام السياسية – الاجتماعية للدولة الوطنية وتدني سيطرتها على مكونات بنيتها الاجتماعية ناهيك عن تفكك سيادتها الوطنية.

 2– –سيطرة المؤسسات العشائرية على التشكيلات الوطنية الاجتماعية تفضي الى تفكك مكوناتها الطبقية وتحويل ولاءاتها الطبقية الى ولاءات عشائرية.

3 – سيادة العشائر وفكرها الأيديولوجي -الطائفي على التشكيلات الاجتماعية يفضي الى تغول البنى الاهلية وتقسيم الدولة الوطنية الى اقاليم مذهبية.

4 –سيادة البنية الطائفية - العشائرية في الحياة السياسية للدولة الوطنية يفضي الى إنعاش النزاعات القبلية وما يرافقه من اندلاع الحروب العشائرية.

5 - تراجع دور الدولة الوطنية واضعاف هيمنتها السياسية على تشكيلتها الاجتماعية يؤدي الى هيمنة العوامل الخارجية على مسار تنميتها الوطنية والتدخلات في شؤونها الداخلية.

ان المخاطر السياسية -الاجتماعية المشار اليه تنعكس على الكفاح الوطني الديمقراطي وتشترط بالضرورة تبدل المهام الوطنية الديمقراطية المطروحة امام القوى الديمقراطية.

ثالثاً - الديمقراطية ودورها في إعادة بناء الدولة الوطنية.

- يقود تحالف الطائفية السياسية والتنظيمات العشائرية الى تراجع دور الدولة الوطنية وتدني هيمنتها السياسية الامر الذي يتطلب من القوى الوطنية - الديمقراطية التعاون بهدف بناء دولة وطنية مستندة كما أرى على الموضوعات الفكرية – السياسية التالية –

أولا – العمل على اعلاء قوانين الدولة العراقية على قوانين وأعراف المؤسسة العشائرية وأيديولوجية طبقاتها الفرعية.

ثانيا – التأكيد على وحدانية المؤسسة العسكرية والأجهزة الأمنية في صيانة امن البلاد الوطني اعتماداً على تحريم التنظيمات العشائرية المسلحة والمليشيات الطائفية.

ثالثاً - سحب سلاح المليشيات الطائفية والقوى العشائرية المسلحة ومنع تحول نزاعاتها الاجتماعية الى نزاعات عسكرية تضر بوحدة البلاد الوطنية.

رابعاً - التركيز على إعادة بناء التشكيلة الوطنية الاجتماعية عبر ضمان مستلزمتها تنميتها الاجتماعية ورعاية مصالحها الطبقية.

خامسا – بناء شبكة الضمانات الاجتماعية في الدولة الوطنية بهدف الحد من اعتماد المواطنين على مساعدة التنظيمات العشائرية – الطائفية.

سادساً– العمل على تطوير الحماية الاجتماعية لطبقات التشكيلة الاجتماعية الوطنية الاجتماعية على اساس تنمية دور الدولة في صيانة امن المواطن الاجتماعي.

سابعا – تطوير التشكيلة الاجتماعية الوطنية وبناء وحدتها الطبقية على أساس حل النزاعات الاجتماعية الضامنة لتطوير متطلباتها الاجتماعية.

ان العوامل والدالات المارة الذكر تشكل رؤية سياسية لصيانة الدولة الوطنية وتشكيلتها الاجتماعية من التفكك والانهيار فضلا عن منع دخول البلاد في دوامة الصراعات والحروب العشائرية الطائفية التي تفضي الى الخراب السياسي والاجتماعي.

 

عرض مقالات: