تسعى القوى المهيمنة على السلطة، إلى تكميم أفواه المعارضين لسياسات نهج المحاصصة والفساد، وكبت حرية التعبير عن الرأي وحرف مسار الديمقراطية، من خلال عدة إجراءات قامت بها في الأيام القليلة الماضية. في محاولتها لتمرير تعديل قانون الأحوال الشخصية، وما أثاره من اختلافات عميقة في وجهات النظر بين المعارضين للتعديل والمؤيدين له.
وضمن حملة إسكات أصوات المعارضة، قررت الحكومة، منع جميع الأساتذة في كليات القانون من الظهور عبر وسائل الاعلام إلا بعد استحصال موافقات رسمية، وجاء ذلك في كتاب رسمي عممته وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، فيما فتحت نقابة المحامين مجلس تأديب بحق عدد من المحامين عبروا عن رأيهم الشخصي بقانون الأحوال الشخصية، وفي وقت لاحق أصدرت هيئة الإعلام والاتصالات أشرت فيه حدوث تضليلا للرأي العام بسبب السجالات التي برزت في البرامج التلفزيونية، ودعت إلى إجراءات معينة تحد من ذلك، وطلبت استضافة مسؤولين من جهات رسمية!، لغرض التثقيف بالقانون.
وشهدت الجلسة العاشرة من الفصل التشريعي الثاني لمجلس النواب العراقي، ظاهرة سلبية تمثلت في عدم استلام رئيس مجلس النواب بالإنابة قائمة تواقيع من 124 نائب يطلبون فيها رفع فقرة مناقشة تقرير اللجنة القانون والقراءة الثانية لتعديل قانون الأحوال الشخصية، فيما لم يمتنع عن استلام قائمة موقعة من 100 نائب فقط!، وبالتالي طلب الرئيس بالإنابة من النائب نور نافع صاحبة الطلب الحديث عن أمور أخرى غير قائمة التواقيع والتي قدمت بشكل قانوني.
وكان الهدف من نقاش النواب المعترضين على القراءة الثانية، هو تبيان جوهر الخلاف بشكل قانوني ومهني، من أجل الحفاظ على الدستور والدور التشريعي لمجلس النواب، إلا أن الرئاسة اقتطعت جانباً من حديث النواب، في محاولة لعدم إشعار الرأي العام بحقيقة النقاش الدائر خلال الجلسة، وهذا يخالف الدستور والنظام الداخلي.
وفي المدة التي تلت طرح مسودة تعديل قانون الأحوال الشخصية، نظمت جهات معروفة، وبدعم من قوى سياسية متنفذة طائفية، حملة تشويه وتسقيط واسعة بشخوص وأعضاء وناشطين ضد التعديل، ومنهم أعضاء تحالف 188 المدافعين عن قانون الأحوال الشخصية النافذ، دون أن تتخذ أية إجراءات من الجهات المعنية، رغم إشعارها بما حصل ويحصل.
ولهذا، نؤكد على ضرورة أن تحترم الجهات المعنية، واجباتها الدستورية والقانونية، وأن تفرق ما بين نهجها السياسي وأعمالها المكلفة بها ضمن مؤسسات الدولة، وأن تمارس أقصى درجات التعاون مع المعترضين على التعديل، ضمن سقف الدستور والقانون.
ونشدد على أهمية أن يفتح النقاش واسعاً، من قبل مجلس النواب العراقي، ومع مختلف الجهات التخصصية والقانونية والاجتماعية والشعبية، وأن لا يضيق الحوار بمن هم مع التعديل فقط، وأن يفتح مجلس النواب مكاتبه لذلك الأمر، كذلك تعقد جلسات استماع متعددة من أجل نقاش هادئ ومتزن بعيداً عن فرض الإرادة والهيمنة.
ونجدد موقفنا الرافض لأي تعديل يمس بحقوق المرأة والأسرة والطفولة، ويفرق ما بين فئات المجتمع العراقي المتعايش سلمياً.
بغداد - ٢٠/٩/٢٠٢٤

عرض مقالات: