تابعنا في الأسبوعين الأخيرين تطورات محاولة تعديل قانون الأحوال الشخصية النافذ، وكيفية إدراج القراءة الثانية للتعديل في جلسة مجلس النواب بطريقة فرض الإرادات والمساومات السياسية، وإدراجها ضمن جدول مزدحم بقوانين أخرى مهمة للكتل النيابية التي اعترضت وكسرت النصاب في جلسات سابقة. وفي هذا السياق، نود أن نبين الآتي:
- تمت عدة إجراءات تحد من حرية التعبير وحق إبداء الرأي، مثل منع أساتذة القانون من الحديث دون أخذ موافقات عمادات كليات القانون، وكذلك بيان هيئة الإعلام الذي كان ملتبساً، فضلاً عن محاسبة عدد من المحامين الذين عبروا عن وجهات نظر شخصية في تعديل القانون. علاوة على ذلك، شملت حملة التخويف العديد من الناشطين والأساتذة الذين تصدوا للتعديل غير الدستوري.
- لم يستجب رئيس مجلس النواب بالإنابة لطلب سحب التعديل من مجلس النواب، والذي وقعه 124 نائباً، وفقاً لمداخلة عضو مجلس النواب السيدة نور نافع، التي طُلب منها الحديث عن أمور مهمة غير هذه التواقيع.
- لم تعقد حتى الآن سوى جلسة استماع واحدة لدائرة التطوير النيابي، حضرها غالبية من المؤيدين للتعديل، وعدد محدود من المعترضين، من بينهم أعضاء في التحالف، بالإضافة إلى جلسة أخرى للجنة القانونية تمت فيها دعوة تحالف 188 بحضور شخصيات قانونية ونسوية.
- شنت الكتل السياسية المهيمنة على القرار النيابي حملة تشويه وتسقيط واسعة ضد جميع المعترضين على تعديل القانون، من خلال عدد من المؤيدين الموالين لهذه القوى. كذلك تم تخوين وتكفير وتشويه سمعة الناشطين المعترضين على التعديل.
- هناك تضارب في التصريحات بشأن التعديل وما يحتويه، خصوصاً فيما يتعلق بتعديلات تخص الحضانة، النفقة، الأثر الرجعي، تعديل مواد قانون 188، وغيرها من التفاصيل المهمة. لم يكن هناك رأي موحد من قبل المؤيدين للتعديل في الكتل النيابية المختلفة، وكذلك المتصدين له. فتارة يُقال إن التعديل لن يمس القانون النافذ سوى مادتين، ولن يؤثر عليه، وتارة أخرى يُقال إن التعديل سيكون بأثر رجعي، مما أثار الالتباس لدى غالبية المتابعين لهذه التطورات.
- حشدت قيادات سياسية ونيابية النواب لغرض تمرير هذا القانون الطائفي-المذهبي في جلسة برلمانية قريبة. كما أن هناك شكوكاً حول إدراجه في جدول يحتوي على قوانين خلافية، في محاولة جديدة لتحقيق النصاب دون صعوبة، كما حدث مرتين سابقتين، ولتمريره ضمن سلة واحدة مع قوانين أخرى.
- قدمت مقررتان خاصتان للأمم المتحدة ملاحظات مهمة إلى الحكومة العراقية بشأن مساوئ تعديل القانون.
وعليه، بناءً على ما تقدم، نؤكد على الآتي:
- نرفض تعديل قانون الأحوال الشخصية جملة وتفصيلاً لما سيلحقه من ضرر كبير بوحدة المجتمع العراقي.
2-نؤكد أهمية إرسال قانون 188 النافذ إلى مجلس الوزراء، ليقوم بدوره في تعديل المواد المختلف عليها فقط، بما لا يخل بمساواة المرأة والرجل، ولا يمس الحقوق المكتسبة من القانون الحالي، وبما يحفظ كرامة المرأة وحقوق الأطفال والآباء.
3 -لا ينبغي أن يُمرر هكذا قانون يمس حياة المجتمع العراقي بسهولة، دون إجراء نقاش واسع وشفاف وتوافق شعبي وسياسي كبير.
إن خطورة التعديل لا تكمن في خطورته الشكلية فحسب، بل في جوهره الذي سيشكل انقساماً مجتمعياً طائفياً ومذهبياً، وسيتسبب في تفكك أسري، مما يعد خرقاً للدستور. كما أن خطورة التعديل تكمن في استغلاله سياسياً لتحقيق مكاسب سياسية، خصوصاً مع اقتراب موعد الانتخابات والإخفاق الحاصل لغالبية الكتل النيابية في تنفيذ وعودها الانتخابية. إضافة إلى ذلك، تمثل الخطورة في فرض الإرادات السياسية الضيقة على المجتمع المتنوع الواحد.
كما أن المؤيدين للتعديل لم يقدموا حتى الآن تبريرات واقعية لضرورته، مما يؤكد حقيقة ما قلناه سابقاً: إن التعديل يراد منه مكسب سياسي ليس إلا. ولهذا لم تتوفر حتى الآن قناعة تامة بالتعديل، كونه يخالف الدستور والمعاهدات والمواثيق الدولية التي وقعها العراق وصادق عليها، فضلاً عن الرفض الرسمي من المقرر الخاص للأمم المتحدة في العراق.
وعليه، نؤكد استمرار أنشطتنا السلمية المتاحة لنا وفق الدستور لرفض هذا التعديل، ونحمل أي قوى سياسية توافق على تمريره مسؤولية تقسيم المجتمع فور إقرار القانون.
تحالف 188
بغداد، 27 أيلول 2024