قبل وقت قصير جدا من بدء قمة الناتو في مدريد، وافقت تركيا على انضمام السويد وفنلندا إلى الناتو. وتحت رعاية السكرتير العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرغ، اتفق الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والرئيس الفنلندي سولي نينيستو ورئيسة الوزراء السويدية ماجدالينا أندرسون على مذكرة ثلاثية.
وقال ستولتنبرغ "يسعدني أن أعلن أننا توصلنا إلى اتفاق يمهد الطريق لانضمام السويد وفنلندا"، موضحا أن فنلندا والسويد وافقتا على مطالب تركيا بتغيير قوانينهما، لتصعيد الإجراءات ضد حزب العمال الكردستاني المحظور، والتعاون مع تركيا بشأن تسليم الأشخاص المدرجين على قائمة المطلوبين في تركيا، ورفع حظر السلاح عن أنقرة. بالإضافة إلى ذلك، وكتنازل لأنقرة، ستعقد جلسة خاصة حول أمن الجناح الجنوبي للحلف خلال القمة.
ابتزاز وقح
علاقة تركيا اوردوغان بشركائها الغربيين في جانب منها قائمة على الابتزاز. استهدف أردوغان - ووزير خارجيته مولود جاويش أوغلو، المقرب من منظمة الذئاب الرمادية الفاشية، السويد بشدة، لأنها تضم جالية كردية كبيرة وقوانين ليبرالية بشأن حرية التجمع وجمع التبرعات. وأكد أردوغان قبل بدء القمة، أن ألمانيا وهولندا واليونان قد آوت أيضًا مجموعات إرهابية ضد تركيا. كما انتقد الولايات المتحدة لاحتفاظها بقواعد عسكرية في اليونان وتزويدها الجماعات السورية بالسلاح. وجاء التحول في الموقف التركي بعد مكالمة هاتفية بين أردوغان والرئيس الأمريكي بايدن صباح الثلاثاء الفائت.
أولويات الديمقراطيات الغربية
مرة أخرى تتخلى ديمقراطيات غربية عن القيم والمثل التي نادت بها طويلا، وتضرب عرض الحائط بالمطلق مبادئ السياسة الخارجية. والضحية هذه المرة قوى التحرر الوطني الكردستانية في تركيا وسوريا، في تنازل مهين امام تهديد اردوغان باستخدام حق النقض لمنع انضمام السويد وفنلندا حلف الناتو.
احتوت المذكرة عشر نقاط ترجمت المطالب التركية في عدم دعم قوات الإدارة الذاتية في شمال سوريا، والدعم الكامل لتركيا ضد "تهديد أمنها القومي". وسيتم حظر جميع أنشطة حزب العمال الكردي والمنظمات التابعة له في المستقبل، وتغيير التشريعات الفنلندية والسويدية لهذا الغرض. مع التأكيد على التأكيد دراسة طلبات التسليم التركية "بعناية ودقة". بالإضافة الى رفع الحظر عن تزويد تركيا بالسلاح. واعتبرت الولايات المتحدة وحلفاؤها المقربون الاتفاق نجاحا استثنائيا. وأعلن بايدن مباشرة ان الولايات المتحدة ستسلم تركيا طائرات اف 16.
"يوم اسود في تاريخ السويد"
من الواضح ان الحكومة السويدية ستواجه صعوبات جدية في تنفيذ بنود المذكرة، وقد يطيح ذلك بها. وفي هذا السياق تحدثت النائبة الكردية اليسارية المستقلة في البرلمان السويدي، والقادمة من إيران أمينة كاكابافيه عن "يوم أسود في التاريخ السياسي السويدي". وتفكر في جمع تواقيع لحجب الثقة عن وزيرة الخارجية ليندي. وكانت النائبة اليسارية قد صوتت في بداية حزيران لصالح الحكومة، التي أعطت تأكيداتها بشأن المسألة الكردية. والآن تقول كاكابافيه أنها كانت مغفلة.
وتعتبر الحكومة التركية، ان أمينة كاكابافيه عملت وتعمل باستمرار ضد تركيا. وزعم سفير تركيا في ستوكهولم، في 20 أيار الفائت، أنه يود تقديم طلب لتسليم أمينه كاكابافيه الى بلاده. على الرغم من امينة لم تكن يوما مواطنة تركية.
احتجاج حزب اليسار السويدي
احتجت رئيسة حزب اليسار السويدي نوشي دادغوستار بشدة على توقيع المذكرة مع تركيا: "بهذا الاتفاق، تخاطر السويد بأن تصبح دولة مختلفة اختلافًا جذريًا. دولة ليس لديها التزام واضح بحقوق الإنسان وسيادة القانون. وهذا ليس في مصلحة الشعب السويدي".
واعترضت دادغوستار على حقيقة أن: "السويد يجب أن تسلح أردوغان الآن في حرب العدوان التي يخطط لها ضد سوريا. هل تصدر السويد أسلحة إلى دول تخوض حروبا عدوانية ضد دول أخرى؟ هذا من أسوأ انتهاكات القانون الدولي. ويرى حزب اليسار أن السويد يجب أن تقدم المساعدة والدعم للبلدان المعرضة للهجوم وليس للمهاجمين".
وأضافت نوشي دادغوستار: "تركيا ليست دولة قانون، إنها دولة تسجن المعارضين وتنعتهم بالإرهابيين، هل تتحكم السويد أم أردوغان بعمليات التسليم؟ واي من المعارضين يجب تسليمهم؟ نحن اليسار سنحمي دائمًا الناس في السويد من الأنظمة الاستبدادية التي تريد تقييد حقوق الإنسان. وان انتقاد النظام التركي ليس جريمة. على العكس من ذلك، لقد فعلت السويد ذلك حتى الآن". ومعروف ان حزب اليسار دعم حتى الأن حكومة الأقلية في السويد.
الشيوعي الفنلندي: انها مهزلة سياسية
في بيان له أكد الحزب الشيوعي الفنلندي على ان: "بالانضمام إلى الناتو، تخلت فنلندا بالفعل عن بعض مبادئ حقوق الإنسان وخط سياستها الخارجية". و"يظهر الاتفاق مع تركيا أيضًا أن الحديث عن التأثير في الناتو من الداخل هو كلام فارغ، وهذه المهزلة تسلط الضوء أيضًا على الطبيعة المشكوك فيها بالحجج التي استخدمتها فنلندا، بشأن حقها كدولة ذات سيادة، عند التقدم بطلب للحصول على عضوية الناتو".
من جانبه رأى رئيس الكتلة البرلمانية لحزب اليسار الفنلندي المشارك في الحكومة جوس سارامو، ان الوثيقة الموقعة سياسيا سيئة، وهي مذكرة وليست اتفاقية، وبالتالي لا تستدعي إقرارها في البرلمان. ودعا الى تقييم عمليات تصدير السلاح بشكل منفرد، وليس على أساس اللعبة الحكومية، وان الدولة التي تشن حربا عدوانية أو تنتهك حقوق الإنسان، لا يجوز بيع السلاح لها.