بدأ العام الجديد بالنسبة للعراق وإيران ومنطقة الخليج والشرق الأوسط بنذر حرب أمريكية جديدة. وبعد اغتيال قائد الحرس الثوري الإيراني الجنرال قاسم سليماني، ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي في العراق أبو مهدي المهندس ومجموعة من العسكريين المرافقين لهم، في الثالث من الشهر الحالي، بقصف جوي امريكي قرب مطار بغداد.
تواجه بلدان المنطقة خطرا جديا لحرب أمريكية جديدة. وفي الوقت الذي تبادلت فيه الولايات المتحدة وإيران التهديدات بالعقاب. لقد ادانت قوى اليسار والسلام في العالم السعي الى حرب أمريكية جديدة، ودعت الى السلام. ومرة أخرى، ومنذ 40 عاما، أي منذ اندلاع الحرب العراقية – الايرانية، يعود الى الواجهة التباين في المواقف بين الاتفاق على ادانة سياسات الحرب والعدوان الامريكية من جهة، والموقف من نضال الشعوب في بلدان المنطقة في سبيل الديمقراطية ودولة المؤسسات وحقوق الانسان من جهة اخرى. ونحاول في هذا التقرير أن نقدم عرضا مختصرا لمواقف قوى اليسار في العديد من بلدان العالم، وخصوصا البلدان المعنية بمخاطر الحرب مباشرة.

الولايات المتحدة الامريكية

منذ الثالث من كانون الثاني تشهد الولايات المتحدة تجمعات وتظاهرات تدين الحرب وتدعو الى السلام. وحين وصفت القيادات التقليدية في الحزب الديمقراطي القصف الأمريكي بـ"عمل استفزازي وغير متناسب" و "العدوان المتصاعد" وان ترامب "القى بالديناميت في برميل بارود"، انتقد مرشح انتخابات الرئاسة الامريكية المقبلة، اليساري بيرني ساندرز سياسات ترامب العدوانية بالقول: "لقد وعد ترامب بإخراجنا من الحرب التي لا تنتهي. والآن يبدو انه سيقودنا الى حرب جديدة". ومن جانبها طالبت النائبة اليسارية عن الحزب الديمقراطي الكسندرا اوكاسيو كوتيز، مجلس النواب الأمريكي بكبح جماح الرئيس الأمريكي والحكومة الامريكية لمنع اندلاع حرب جديدة. وكتبت النائبة اليسارية في تويتر: ان "على الكونغرس التزام أخلاقي وقانوني بإثبات سلطته لمنع هذه الحرب وحماية الأبرياء من عواقبها الوخيمة" و"الآن هو الوقت المناسب لتحدد فيما إذا كنت من أجل السلام أم لا".

إيران

اشار حزب توده إيران، إن اغتيال قاسم سليماني هو "انتهاك للسيادة الوطنية العراقية والقانون الدولي، ويمثل بلا شك خطرا قاتلا على المنطقة". وذكر الحزب في تحذيراته المتكررة من مخاطر السياسات المغامرة للإمبريالية الأمريكية وحلفائها في المنطقة، وكذلك من سياسات الحكومة الإيرانية في المنطقة، وموقفها من الاحتجاجات واسعة النطاق في الآونة الأخيرة. وشدد الحزب على عدم السماح للقوى الرئيسة المتصارعة بحرق منطقة الشرق الأوسط من جديد. وان الأهمية القصوى يجب ان تركز على العمل من اجل السلام والدفاع عن حقوق العمال والأمة الإيرانية.
ويرى حزب اليسار الإيراني (فدائي الشعب) ان القصف الأمريكي الأخير يأتي في سياق الغاء الحكومة الامريكية الاتفاق النووي مع إيران. ان" عملية الاغتيال تمثل الرصاصة الأولى لإعلان حرب جديدة تعني شكلا جديدا لاستقطاب وتعميق الصراع الحالي" ويضيف البيان: ان "الإمبريالية الأمريكية تهاجم الشرق الأوسط وأمريكا اللاتينية بواسطة اشعال الحروب الأهلية والانقلابات والاغتيالات وجميع أنواع المكائد الدموية. إنها عدوة شعوب العالم، وبالتالي يجب طرد الولايات المتحدة من منطقتنا وبقية انجاء العالم ".

قوى اليسار الأوربي

وصرحت القيادية الشيوعية الاسبانية ونائبة رئيس حزب اليسار الأوربي مايتي مولا: ان "هذا العدوان العسكري، الذي يتعارض مع القانون الدولي، يُظهر اهتمام ترامب بزعزعة استقرار المنطقة من أجل تبرير وجوده العسكري". وان حزب اليسار الأوربي يريد السلام في المنطقة و "يدعو إلى إدانة هذا العمل العسكري من قبل الاتحاد الأوروبي والمنظمات الدولية الأخرى. وان الحزب مقنع بأن السلام لا يمكن تحقيقه إلا إذا توقف التدخل في المنطقة، وتعزيز مصالح الشعوب التي دمرتها الحرب، وإذا تم احترام حق الشعوب في اختيار حكوماتها، وعدم فرضها من الخارج من خلال استعمار جديد. ويجب على الاتحاد الأوروبي أن يلعب دورًا في الدفاع عن أبسط حقوق الإنسان، مثل الحق في الحياة، ويجب أن يدين هذا الهجوم وأن يكون في الوقت نفسه عنصرًا في بناء السلام".
ودعا حزب اليسار الألماني المعارض إلى إغلاق القواعد العسكرية التابعة للجيش الأمريكي في ألمانيا، كرد فعل على التهديدات التي صدرت من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ضد إيران
وطالبت سيفيم داغديلين، خبيرة شؤون الدفاع في كتلة اليسار بالبرلمان الألماني بإدانة "التهديدات الفاحشة"، في إشارة إلى الرئيس الأمريكي. وأضافت قائلة: "من يتباهى عبر تويتر بالرغبة في القيام بجرائم حرب، لا يمكنه الاحتفاظ بقواعد عسكرية في نطاق تطبيق الدستور".
وأكدت اليسارية الألمانية ضرورة أن تعلن الحكومة الاتحادية بوضوح "أن ألمانيا لن تشارك بشكل مباشر أو غير مباشر في هذا العنف".
يشار إلى أن سحب الجيش الأمريكي من ألمانيا يعد مطلبا لليسار منذ فترة طويلة.
وجاء في بيان حزب إعادة التأسيس الشيوعي الايطالي حول التطورات الاخيرة في العراق: ان "الهجوم الامريكي يمثل انتهاكا، للسيادة العراقية، فهو وبنفس الوقت، يوجه ضربة لتحقيق آمال الشعب العراقي، الذي ما يزال ومنذ اشهر عديدة، يتظاهر في الساحات، مكافحا من اجل وضع حد للانقسامات الطائفية، وتحقيق الديمقراطية ونيل الحقوق الاجتماعية.

عرض مقالات: