ضيّفت العاصمة الارجنتينية بوينس آيرس في 21 كانون الأول الحالي، مؤتمر تأسيس اتحاد عمال الاقتصاد الشعبي، او الاقتصاد التضامني في الارجنتين.  واشتركت العديد من المنظمات النقابية والاجتماعية والسياسية في تأسيس الاتحاد الجديد، الذي يعد. نوعا جديدا لاتحاد نقابي يمثل العاملات والعمال الذين يحرمون من دخول سوق العمل التقليدي في رأسمالية الليبرالية الجديدة. ويطلق توصيف الاقتصاد الشعبي على انظمة الانتاج التي يؤسسها العمال المهمشهون والعاطلون عن العمل، بشكل ذاتي ومستقل عن الاقتصاد التقليدي السائد.

وباستثناء منظمة "التيار الطبقي النضالي" التي يمتد تاريخها الى السبعينيات، فان جميع منظمات كونفيدرالية عمال الاقتصاد الشعبي، ومنظمة الجبهة الشعبية التي تنحدر من الحراك الاجتماعي في سنوات 2000 / 2001 إبان انهيار الدولة الارجنتينية انضمت الى الاتحاد الجديد.

وحدد المؤتمر، بين امور اخرى، الاهداف الآنية بـ: ضمان الحصول على زيادات الاجور الحكومية، والرعاية الصحية المجانية، والتأمين ضد الحوادث، وتوفير المعاشات التقاعدية وحماية الأسر. بالإضافة إلى ذلك، العمل على فرض الحصول على نسبة معينة من العقود العامة لمؤسسات الاقتصاد الشعبي. ويسعى الاتحاد الجديد الى الانظمام الى الاتحاد العام للعمل في جمهورية الارجنتين. 

وقال السكرتير العام للاتحاد الجديد، إستيبان كاسترو: " نحن جزء من الطبقة العاملة. ومهم بالنسبة لنا أن نلتقي في اتحاد نقابي جامع. وهناك يجب علينا مناقشة المنظور الذي نتعامل على أساسة مع الواقع. ونحن بحاجة إلى تماسك أقوى لأن المتسلطين يريدون الحرب، انهم يريدون خلق الفوضى والارتباك في بلدنا. لقد فعلوا هذا في بوليفيا، في كولومبيا، وسيحاولون ذلك في أي مكان آخر".

والى جانب الاتحادين النقابيين الرئيسين في البلاد، حضر مؤتمر التأسيس العديد من أعضاء حكومة اليسار الجديدة، بينهم وزير التنمية الاجتماعية، ووزير الدولة للاقتصاد الاجتماعي. وأرسل رئيس الجمهورية الجديد البرتو فرنانديز، رسالة تحية متلفزه قال فيها: " اعلم انكم اليوم صادقتم على وحدة عمال قطاع الاقتصاد الشعبي. وهذا أمر مهم للغاية لأنه سيكون لديكم المزيد من التأثير في المجتمع الأرجنتيني، الذي سيتعامل معكم الآن كنشطاء جادين. وكحركة، ستعملون معنا كجزء فعلي من هذه الحكومة".

وعلى الرغم من العديد من كوادر الاتحاد الجديد يشغلون مواقع مهمة في حكومة اليسار الجديدة، وخصوصا في وزارة التنمية الاجتماعية، ولكن كلمة الافتتاح شددت على ان مهمة الاتحاد الجديد الرئيسة تبقي التعبئة في الشارع دفاعا عن حقوق العمال المهمشين.

حكومة الحركات الاجتماعية

وكانت حكومة اليسار الجديدة، بزعامة الرئيس البرتو فرنانديز، ونائبته رئيسة الجمهورية الأسبق كريستينا دي كيشنر، قد تسلمت مهام عملها في العاشر من الشهر الحالي. وتتألف الحكومة من 20 وزارة، وبزيادة تسع وزارات عما كان عليه قوام حكومة اليميني موريسيو ماكري. وعلى عكس سابقتها لا تضم الحكومة الجديدة ممثلين عن شركات رأس المال المحلي والعالمي. وفي الأوساط الشعبية توصف الحكومة بـ "التقدمية والاصلاحية، وحكومة يسار الوسط". وشغل أستاذ العلوم السياسة سانتياغو كافيرو منصب رئيس مجلس الوزراء. وهو أحد أعضاء مجموعة "كالو" للتفكير السياسي التي أسسها الرئيس البرتو فرنانديز في عام 2018 في سياق الاستعداد للانتخابات الأخيرة. وخصصت وزارتين لمتابعة الشؤون الاقتصادية: وزير الاقتصاد هو مارتن غوزمان وهو عضو معهد التفكير الاقتصادي الجديد المعروف، ومقره مدينة نيويورك الامريكية. اما وزارة تطوير الإنتاج حديثة التأسيس فسيقودها ماتياس كولاس ، وهو عضو في مجموعة كالو أيضا. 

ولأول مرة في تاريخ الارجنتين استحدثت وزارة للنساء والشؤون الجنسوية والتنوع، تقودها إليزابيث غوميز ألكورتا، التي عرفت في السنوات الأخيرة كمحامٍ لحقوق الإنسان. ودافعت مع زملائها ميلاغرو سالا ومويرا ميلان، عن أبرز ناشطي الحركات الاجتماعية امام المحاكم. وتشغل النساء أربعة حقائب في الحكومة الجديدة: هي وزارات المرأة، الأمن، العدل وحقوق الانسان، والتنمية. واعيد العمل بوزارة الصحة، بعد ان حولتها حكومة اليمين في عام 2018 الى مديرية عامة. وأبرز المعلقون اشتراك ثلاثة شخصيات في الحكومة الجديدة، كانوا من الأطفال الذين تعرضت عوائلهم الى الملاحقة والتعذيب في عهد الدكتاتورية العسكرية. لقد تم اختطاف وزير الداخلية الحالي إدواردو دي بيدرو ، من قبل الجيش  وهو في الثانية من العمر  ، بعد مقتل والديه. وولدت وزيرة البيئة والاستدامة خوان كابانديي ورئيسة المعهد الوطني للإصلاح والتنمية، فيكتوريا دوندا، في أحد مراكز التعذيب والإبادة، وتم إطلاق سراحهما، بعد عملية تبن غير قانونية، ولم يتعرفا على شخصيتهما الحقيقية، إلا بعد مرور سنين طويلة.

عرض مقالات: