تستمر الاحتجاجات في الهند ضد تعديل قانون الجنسية الذي دخل حيز التنفيذ يوم الجمعة الفائت. ويهدف التعديل العنصري إلى تسهيل تجنس المهاجرين من غير المسلمين الذين دخلوا الهند قبل عام 2015، وفي الوقت نفسه يعتمد التعديل تمييزا عنصريا مفضوحا ضد المهاجرين المسلمين. ويمنح القانون الجديد المهاجرين من غير المسلمين من بنغلاديش وباكستان وأفغانستان الحق في الحفاظ على تمتعهم بالجنسية الهندية، ويعتبر تنفيذ القانون خطوة أخرى نحو جعل ملايين الناس، وخصوصا المسلمين عديمي الجنسية.

وينتهك القانون الجديد بوضوح الدستور العلماني الهندي. ويأتي في سياق سعي اليمين الهندوسي المحافظ الحاكم الى جعل الهند دولة هندوسية، الا ان الهند وفق الدستور النافذ دولة علمانية وأن 200 مليون مسلم هندي ما زالوا متساوين قانونيًا مع الهندوس والأقليات الأخرى.

وتميزت الاحتجاجات بالقوة في ولاية البنغال الغربية، والعاصمة نيودلهي وفي أجزاء كثيرة من جنوبي الهند. ويرى الكثيرون أن التغيير في القانون يشكل انتهاكًا لدستور البلاد العلماني. وصرح رئيس وزراء ولاية كيرالا جنوبي الهند، بيناراي فيجايان من الحزب الشيوعي الهندي (الماركسي)، لصحيفة "الإيكونوميك تايمز" الجمعة الفائت بأن "هذا القانون ليس له مكان في ولاية كيرالا ولن ينفذ فيها. وأعلن حزب الرابطة الإسلامية (يمين الوسط)، ويتمتع بنفوذ في الولاية، أنه سيطعن في القانون الجديد أمام المحكمة العليا.

وفي نيودلهي، احتج طلاب وأساتذة "جامعة الملة الإسلامية". وهاجمت الشرطة الجمعة المتظاهرين بالهراوات والغاز المسيل للدموع، واقتحمت الأحد الجامعة واعتقلت 50 محتجا. وقال رئيس الوزراء الهندي اليميني ناريندرا مودي إن المتظاهرين يمكن "التعرف عليهم من خلال ملابسهم". وهذا يثبت أن القانون الجديد "صحيح ألف في المائة ". وشدد على أن المتظاهرين المسلمين عنيفون، مما صعد من المشاعر المعادية للإسلام.

وعلى عكس بقية انحاء البلاد، كانت الاحتجاجات في الشمال الشرقي موجهة أساسًا ضد حقيقة أن القانون المعدل يسهل التجنس لملايين المهاجرين غير المسلمين، وغالبًا من الهندوس. وفي ولاية آسام المكتظة بالسكان، والتي تتميز بلغتها وثقافتها الخاصة، وبالتالي بنزعة قومية شديدة، ضد التمييز الذي تمارسه في الهند الأكثرية الهندوسية. يتصاعد الآن في الولاية رفضا عاما للهجرة، بعيدا عن الانتماء الديني، وخصوصا ضد المهاجرين من بنغلاديش الذين دخلوا عبر الحدود المشتركة، سهلة التجاوز.

التطورات الحالية تهدد التوازن الهش في جميع أنحاء الهند، ولهذا عبرت جريدة "الهند اكسبريس" الأحد الفائت عن قناعتها بأن ما يدور "سيحرق العديد من الجسور بين المجموعات المختلفة في شمال شرقي الهند وأيضاً بين شمال شرقي الهند وبقية انحاء البلاد".

وتعارض قوى اليسار والتقدم وعدد من الأحزاب العلمانية ذات الطبيعة المحلية القانون، وتدافع هذه القوى بشدة عن علمانية البلاد. وعلق في تويتر السكرتير العام للحزب الشيوعي الهندي (الماركسي): " القانون غير مقبول وغير دستوري، ومواطنو الهند هم مواطنوها، بصرف النظر عن المعتقد الذي يتبعونه، او لا يتبعونه".

ويعد هذا التعديل خطوة إضافية لحزب بهاراتيا جاناتا الحاكم في لتحويل الهند الى بلد هندوسي، ولتبرير أيديولوجيًة الحزب العنصرية. وآخر الخطوات خلال العام الحالي، هي العمل بسجل وطني مؤقت للسكان في ولاية آسام في شمال شرقي الهند. والهدف هو تحديد وترحيل المسلمين الذين هاجروا بشكل غير قانوني من بنغلاديش. وبعد نشر السجل في 31 آب، فشلت جهود الحكومة المركزية، اذ تبين ان 1.3 مليون من أصل 1.9 مليون مهاجر تم جردهم كانوا من غير المسلمين.

وعلى الرغم من ذلك أعلن وزير الداخلية الهندي "شاه" أخيرا ان العمل بالسجل سيعمم في جميع ولايات البلاد. ويجري في الهند بناء معسكرات لترحيل المهاجرين، غير القادرين على اثبات جنسيتهم، مثل معسكرات الاعتقال التي تم نشرها في ولاية آسام، والتي تتسع لثلاثة الاف معتقل، وفق تقرير نشرته رويترز في 8 أيلول الفائت.

وكالعادة يبرر العنصريون دعمهم لتعديل القانون بإزالة الظلم التاريخي، الذي لحق بالهندوس في البلدان الإسلامية المجاورة، تحت يافطة توفير ملاذ "لأبناء وبنات الأم الهندية"، بمعنى إزالة حيف قومي وعنصري سابق، بواسطة عنصرية قومية معاصرة تجاه التنوع القومي والثقافي المعروفة به الهند.

عرض مقالات: