فشل زعيم الحزب الاشتراكي، ورئيس الوزراء الاسباني المنتهية ولايته بترو سانشيز، الخميس الفائت، وللمرة الثانية، في الحصول على ثقة البرلمان. وجاءت النتيجة بعد فشل الحزب الاشتراكي في التحالف مع كتلة اليسار الجذري، التي تضم حزب بودوموس اليساري، واليسار الاسباني المتحد، الذي يشكل الحزب الشيوعي الاسباني قوته الرئيسة. ولعب تشدد سانيز في المفاوضات مع حزب بودوموس وزعيمه بابلو إيغليسياس، دورا رئيسا في فشلها. فقد حصل سانشيز على 124 صوتا، فيما صوّت ضده 155، وتحفظ 67 بضمنهم 42 يشكلون قوام كتلة اليسار.
وكان بإمكان نجاح الحوار مع كتلة اليسار ان يؤدي الى تشكيل حكومة يسار وسط تتمتع باغلبية نسبية، الا ان رفض سانشيز منح كتلة اليسار وزارتي المالية، والعمل والتحول البيئي، والاكتفاء بعرض منصب نائب رئيس الوزراء للشؤون الاجتماعية، ووزارة الصحة والسكن، ووزارة المساواة.
ومنذ نيسان الفائت بدأت مفاوضات تشكيل الحكومة بين الحزب الاشتراكي وكتلة اليسار، على الرغم من تفضيل سانشيز تشكيل حكومة مع حزب "المواطنة" اليميني الليبرالي، ولكن سعي الاخير الى تسيد معسكر اليمين جعله يظل في مواقع المعارضة لحكومة سانشيز المقبلة. وكانت المفاوضات، صعبة بين الطرفين. وقبل جولة التصويت الأولى في الثلاثاء الفائت، تبادل زعيما الطرفين الاتهامات عبر الاعلام. وحتى الايام الاخيرة تحدث الحزب الاشتراكي عن حكومة تنسيق وليس تحالف حكومي، في حين اصر حزب بودوموس على الوصول الى تحالف حكومي. وقبل اسبوع من التصويت الأول اضطر الاشتراكيون الى الموافقة على الدخول في تحالف مع اليسار، بشرط عدم تولي زعيم حزب بودوموس بابلو إيغليسياس حقيبة وزارية فيه، من جانبه أعلن اغناسيوس فورا تخليه عن منصب وزاري في الحكومة الجديدة.
لقد اكتسبت كلمة سانشيز للترشيح لمنصب رئيس الوزراء في البرلمان، الثلاثاء الفائت، ملامح حملة انتخابية جديدة، حيث ركز على برنامج حزبه، والبدائل التي يتبناها لسياسات اليمين المحافظ، ولم تتضمن الكلمة اشارة الى سير مفاوضات تشكيل الحكومة، التي كانت وما تزال جارية. وبدا واضحا وكأن سانشيز يخوض مفاوضات مع نفسه، لقد خاطب رئيس كتلة اليسار بالقول:" أنت تعرف بالضبط عندما تتحدث عن حكومة ائتلافية، باننا ليس لدينا أغلبية مطلقة". من جانبه اعلنت كتلة اليسار القومي الكاتالوني، التي تمتلك 15 مقعدا في البرلمان، استعدادها للتحفظ وعدم التصويت ضد الحكومة الجديدة، في حال توصل الطرفان الى تحالف حكومي، يقطع الطريق على عودة سياسات اليمين المحافظ.
وفي ضوء ما حدث تعود الكلمة الآن لملك اسبانيا، فاما ان يمنح شانسيز شهرين إضافيين للوصول الى صيغة لتحالف حكومي، أو ان يكلف شخصية سياسية اخرى بتشكيل الحكومة. ومن المتوقع أن يواجه كل من سانشيز وأي مرشح آخر نفس المشكلات، ولذلك فإن احتمال الذهاب الى انتخابات جديدة في 10 تشرين الثاني المقبل هو المرجح، وبهذا ستكون الانتخابات البرلمانية العامة الجديدة الرابعة في اسبانيا خلال 4 سنوات.
كتلة اليسار الجذري من الداخل
وخلال ايام التفاوض الاخيرة ظهرت تباينات داخل كتلة اليسار، حزب بودوموس من جانبه اجرى استفتاء حزبيا داخليا بشأن صيغتي التنسيق او التحالف الحكومي، اثارت حفيظة زعيم الحزب الاشتراكي، والرافضين اصلا في تحالف اليسار للتعاون مع الاشتراكيين. من جانبه اعلن منسق اليسار الاسباني المتحد، والقيادي الشيوعي البرتو غارثو، ان نواب اليسار المتحد الستة، سيتحفظون في كل الاحوال على منح الثقة للحكومة الجديدة. ويعود موقف اليسار المتحد لتجاربه السلبية السابقة، مع الاشتراكيين في حكومات الولايات. وبعد الانتخابات البرلمانية الاخيرة، فضل البرتو غارثون التصويت لحكومة الحزب الاشتراكي، دون الدخول في تحالف حكومي، على غرار التجربة البرتغالية، وبالتالي ستتوفر امكانية الضغط على الحكومة لتنفيد مطالب محددة. وفي الوقت نفسه يتجنب اليسار الاسباني تحمل مسؤولية سياسات الاشتراكي، ويصون سمعة الحزب لدى الرأي العام، لان الدخول في تحالف حكومي كأقلية لا يوفر مساحة كبيرة في اتخاذ القرار. اما بالنسبة لحزب بودوموس، فان فكرة التحالف والمشاركة الفعلية في الحكومة كانت تحظى بالأولوية.
لقد حرص اليسار المتحد، والحزب الشيوعي الاسباني على لعب دور الوسيط لتقريب وجهات النظر بين الحزب الاشتراكي وبودوموس، وبهذا الخصوص اشارت اللجنة السياسية في الحزب الشيوعي الاسباني في تصريح لها في 6 تموز الجاري الى: " انه الانتحار، عندما يحاول الحزب الاشتراكي كل مرة شق صفوفنا، ويدفعنا الى ازمة داخلية" وان الاولوية يجب ان تكون لـ " برنامج حكومي يضمن حقوق الطبقة العاملة، ويحسن الحياة المعيشية للشعب". السكرتير العام للحزب الشيوعي وعضو البرلمان الاسباني انريكو سانتياغو، الذي كان الى جانب تشكيل تحالف حكومي كتب في تويتر: " انا لا ارغب في الذهاب الى انتخابات جديدة، وكذلك في قيام حكومة فاشية" وإذا الحزب الاشتراكي في كل الاحوال سيشكل حكومة " فمن الأفضل ان تكون مع كتلة اليسار وليس مع ريفيرا" في اشارة منه لزعيم اليمين الليبرالي.