في مناسبة الذكرى الخمسين لاول هبوط للانسان على القمر، اهتمت وكالات الانباء بالتسابق على الاستغلال الاقتصادي للفضاء. واشارت التقارير الى وجود قرابة 2000 قمر صناعي يدور حول الأرض، تقوم بإدارة انظمة الاستدلال الالكترونية، ويقدمون خدمات لجيوش البلدان الراسمالية المتطورة، ويربطون شبكات الإنترنت. الشركات الخاصة مثل شركة "سبيس أكس" التي تريد إطلاق الآلاف من الأقمار الصناعية الأخرى.
وتنخفض تكاليف الرحلات الى الفضاء بسرعة، والسواح الأوائل حجزوا بالفعل سفراتهم القصيرة الى القمر. واستفادت شركات البلدان الغربية مثل إيرباص أو مجموعة OHB التكنولوجية السرية في بريمن الالمانية، منذ فترة طويلة، من طفرة الفضاء الواعدة. لكن الصناعات الغربية في جعبتها المزيد، بما في ذلك استخراج المعادن في الفضاء.
ان المذنبات والكويكبات والنيازك غنية بالمعادن الثمينة والأتربة النادرة. وقرابة 700 ألف من الكواكب الكبيرة والصغيرة تدور فقط حول الشمس، منها قرابة 1700 قريبة من الارض. ويمكن الوصول اليها بوسائل اليوم التقنية. وتختزن الأجرام السماوية مواد خام ثمينة، نادرة على الارض، مثل الفلور أو البلاتين أو التنغستين. وأكثر من هذا، يتوقع العلماء أن يكون تركز المعادن على هذه الكويكبات أعلى بألف مرة من تركيزه على الأرض. ويأملون العثور على عناصر جديدة في الفضاء.
ويشير اتحاد الصناعات الالماني، في ورقة عن آخر المستجدات الى ان"تعدين الفضاء يمكن أن يقدم مساهمة كبيرة في توفير المواد الخام"، وتناول الاتحاد في المؤتمر السادس للمواد الخام في 2018، هذه الموضوعة خلف الابواب المغلقة.
وقال رئيس اتحاد الصناعات الالماني ديتر كمبف إن الطلب المتزايد على المواد الخام للتكنولوجيات المستقبلية يتطلب "نقلة نوعية سريعة". وأصبح توفر المواد الخام "تحديا رئيسا" بالنسبة لدولة صناعية مثل المانيا. وينبغي للحكومة أن تشجع على وجه التحديد مشاريع التعدين في الفضاء وفي أعماق البحار، ومن خلال مشاريع رائدة. ويشير المختصون الى ان هذا الحقل ما زال يفتقر الى المزيد من الطاقات المختصة. وحتى خبراء المعهد الاتحادي الالماني للعلوم الجيولوجية والموارد الطبيعية، لم يتعاملوا سابقًا، على نطاق واسع، مع التعدين في الفضاء. على عكس الصين التي سارت خطوة إلى الأمام، حيث يعمل العلماء في المركز الوطني للفضاء وأكاديمية العلوم على التقاط كويكب صغير من الفضاء ونقله بأمان إلى الأرض لاستكشافه. وهناك الكثير من الكويكبات التي يبلغ قطرها بضعة أمتار، وعادةً ما تحترق عند دخولها غلاف الارض الجوي.
عسكرة كونية
ولاينحصر الاهتمام بالفضاء بالناحية الاقتصادية والعلمية. لقد أصبح الفضاء في دائرة اهتمام المؤسسات العسكرية ومجمع الصناعات الحربية. وكان الرئيس الأمريكي رونالد ريغان قد أطلق برنامج حرب النجوم في الثمانينيات، ولكن البرنامج فشل في حينه.
وبمناسبة العيد الوطني الفرنسي، أعلن الرئيس ماكرون إنشاء قيادة فضاء عسكرية، تبدأ العمل في ايلول المقبل، وفي إطار القوة الجوية الفرنسية. وعرف ماكرون الفضاء بأنه "منطقة مواجهة جديدة"، ولهذا السبب يجب أن تكون فرنسا قادرة على "الدفاع عن نفسها في الفضاء وعن الفضاء الخارجي".
وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد أمر بالفعل في كانون الاول 2018 بتشكيل قيادة فضائية أمريكية، والتي ستصبح القسم السادس في القوات المسلحة الأمريكية. وتبنى الناتو في حزيران الفائت استراتيجية خاصة بالفضاء. وبدأت دول مثل روسيا والصين والهند بالعمل على مشاريع مماثلة.
غطاء قانوني
ويطالب اللوبي الصناعي بارضية قانوية للسير قدما بهذه الجهود، فحرية الدول ليست مطلقة، اذ اصدرت الامم المتحدة في عام 1967 ما يسمى بقانون القمر الذي يتيح للدول البحث في الفضاء، ولكنه يمنعها من المصادرة. ولذلك يعتبر الجهد المنفرد للدول انتهاكا للقانون الدولي، كما ان الواردات المتحققة ستشمل حتى البلدان التي لا تمتلك اساطيل او تقنية للتعامل مع الفضاء.
وعلى النقيض من ذلك شرع بلد صغير مثل لوكسمبورغ في عام 2018 قانونا خاصا بالتعدين في الفضاء، واسس وكالته الخاصة، مانحا شركات التكنلوجية المتطورة تسهيلات ضريبية. وكانت الولايات المتحدة الامريكية، قد اصدرت قانونا مماثلا في عام 2015، يمنح القانون حق الملكية للدول والاشخاص الذين يمارسون التعدين في الفضاء. ومن هنا جاء الاتفاق الثنائي بين لوكسمبورغ والولايات المتحدة في ايار الفائت، والذي وصفه وزير التجارة الأمريكي ويلبر روس بـ: "هذه بداية لعلاقة غير عادية".