نشرت الجريدة المركزية للحزب الشيوعي الالماني "عصرنا"، التي تصدر اسبوعيا، في الخامس من تموز الحالي، حوارا مطولا مع آني رجا عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الهندي والسكرتير العام للفيدرالية الوطنية للنساء الهنديات، وتعيش رجا في ولاية كيرالا في جنوب غربي الهند، التي تحكمها جبهة اليسار، والتي تضم الحزبين الشيوعي الهندي، والشيوعي الهندي الماركسي، وفي ما يلي عرض لأهم ما طرحته القيادية الشيوعية في الحوار.

طبيعة الحزب الحاكم

فاز اخيرا، حزب بهاراتيا جاناتا، حزب الشعب الهندي، برئاسة رئيس الوزراء ناريندرا مودي، في الانتخابات التشريعية، وان طبيعة هذا الحزب مرتبطة بطبيعة منظمة المتطوعين الوطنية الهندوسية الاصولية، التي ينحدر منها اعضاؤه، بما في ذلك رئيس الوزراء مودي، ومن الخطأ تسميتهم بالقوميين الهندوس، فهؤلاء أصوليون فاشيون، لأن هدفهم يتمثل في تحويل الهند الى دولة هندوسية خالصة، وهم يفعلون ذلك بالقوة، وهم يوظفون حكومة حزب الشعب لفرض لجندتهم.

ومنذ أن أصبح مودي رئيسًا للوزراء قبل خمس سنوات، والأعمال الوحشية ضد المسلمين والمسيحيين والداليت حطمت جميع الأرقام القياسية. فهم يقتلون جميع من يأكل لحم البقر، إذا مر بشوارع معينة، ولهذا السبب قتل أكثر من 150 مواطناً في الهند في السنوات الخمس الماضية، وجميعهم ماتوا على أيدي اعضاء منظمة المتطوعين الوطنية الهندوسية، هؤلاء النباتيون الفاشيون. وفي السنوات الاخيرة انتشر قتل المسلمين في ظاهرة لم تكن موجودة سابقا.

العلاقة بأحزاب المسلمين

هناك حزبان أو ثلاثة أحزاب، أعضاؤها مسلمون، لكن لا يمكن تسميتها بأحزاب "دينية"، لان الأحزاب نفسها ديمقراطية. والحزب الشيوعي الهندي متحالف مع (الرابطة الوطنية الهندية)، وهو حزب صغير وعلماني وديمقراطي للغاية. وفي ولاية كيرالا، انضم هذا الحزب الى قائمة الشيوعيين في الانتخابات الأخيرة. وفي ولاية كيرالا يتحالف الشيوعيون والداليت والمسلمون والمسيحيون جنبا إلى جنب، في حكومة يقودها الشيوعيون للنضال ضد حزب الشعب الفاشي، كما ان تأثير الاخير في ولاية كيرالا محدود، بسبب مستوى التعليم العالي، وصعوبة استغلال الناس بسهولة. والهندوس في الولاية اقلية سكانية.

في الديانة الهدوسية هناك نظام "طبقي" يشكل هرمية دينية. ولقد ادرك الشيوعيون حقيقة وجود هذا والحاجة الى التعامل معه، فالناس في هذه الحالة يواجهون القسوة ليس فقط بسبب انتمائهم الطبقي فقط، بل أيضًا بسبب النظام الهرمي في ديانتهم.

مراتبية "طبقية" دينية

في الخمسينيات والستينيات، وحتى في السبعينيات، كانت الأحزاب الشيوعية قوة في الهند. وفي البرلمان، كان الشيوعيون أكبر قوة معارضة، لكن ومنذ الثمانينات انخفض تأثيرهم. وان أحد أسباب هذا التراجع يعود الى أن الأحزاب الاشتراكية كانت تتحدث دائما عن الطبقات، وخاصة عن الطبقة العاملة. ولم يتحدث الشيوعيون في الهند عن نظام "الطبقات" الدينية، على الرغم من ان لهذا النظام حقيقة في الهند. وحتى في الجماعة الهندوسية، فإن "الطبقة" المراتب العليا ليست الأغلبية بل مراتب الديانة السفلى، وفي الحزب الشيوعي الهندي يوجد اعضاء من مختلف المراتب الدينية، واغلبيتهم ينتمون الى المراتب الدينية السفلى، وهؤلاء يعانون مشاكل بسبب المراتبية الدينية اكثر من انتمائهم الطبقي الاجتماعي. والشيوعيون لم ينتبهوا في السابق الى مشكلة المراتبية الدينية، واليوم صار واضحا ان نظام "الطبقات"، اي المراتب الدينية يستخدم كأداة لإخضاع المراتب الدينية الدنيا والتمييز ضدهم، ومراتب الديانة العليا تستخدم هذا النظام للتمييز الاجتماعي ضد الناس.

منذ الثمانينات، تعززت أيديولوجية المراتبية الدينية، حتى بعض نشطاء الأحزاب العلمانية والشيوعية بدأوا يشعرون بانجذابهم إليها. على الرغم من اتصافها بقسوة لا يمكن تصورها. وعلى اساس هذه المراتبية يمنع الناس من الظهور المشترك في الشارع، او استخدام عيون الماء بشكل مشترك. وهناك العديد من أشكال التمييز والعنف على هذا الأساس. وعندما أصبحت السياسة القائمة على المراتبية الدينية أكثر قوة، لم يستطع الشيوعيون مواجهتها بالقدر الكافي. لقد بدأوا متأخرين في اعطاء هذه الظاهرة الاهتمام المطلوب فكريا وسياسيا، وهذا أحد الأسباب الرئيسة لتراجع قوة اليسار. لكن الشيوعيين أدركوا الآن أن هذا الشكل من "الطبقية" الدينية يمثل حقيقة في الهند وقد بدأوا بالتعامل معها سياسيا.

العلاقة بين الحزبين الشيوعيين

يوجد في الهند حزبان شيوعيان كبيران، واحزاب صغيرة اخرى: الحزبان هما الحزب الشيوعي الهندي، والحزب الشيوعي الهندي (الماركسي)، وقد حدث هذا الانقسام على اثر الخلاف السوفيتي الصيني الشهير، ولكن لا يعني ان الثاني اكثر مار كسية من الاول، وجاءت اضافة المفردة بين قوسين للتميز فقط. والعلاقة اليوم بين الحزبين جيدة جدا. وفي السابق كان هناك تباين نظري بين ما كان يسمى "الديمقراطية الوطنية" و"ديمقراطية الشعب"، وقد تغير الوضع منذ زمن بعيد، والجمود العقائدي فقد تأثيره. والحزب السياسي الذي يتمسك به يتلاشى، وقد قال ماركس مرة: ان هناك شيئا واحدا فقط  لا يتغير، هو التغيير، ولهذا فالحزبان يعملان، منذ سنوات، معا بشكل مكثف، سواء في برلمان ولاية كيرالا وعلى المستوى الوطني، وهناك لجنة تنسيق مشتركة بينهما.

 

عرض مقالات: