بعد مرور قرابة شهر على انتخابات البرلمان الأوروبي التي شهدت تراجعا لليسار في عموم القارة، اذا ما استثنينا بلجيكا وقبرص، حيث حقق اليسار الجذري نتائج طيبة. وفي فرنسا مثلا تقدم حزب اليمين المتطرف جميع القوى السياسية، وحصل على اكثر من 24 في المائة. وكانت تلك رسالة تحذير واضحة لجميع قوى المجتمع الفرنسي الديمقراطية، وقوى اليسار السياسي والاجتماعي خصوصا.
ولمواجهة هذا الواقع الصعب وجه المجلس الوطني للحزب السيوعي الفرنسي نداء الى جميع قوى اليسار والنقابات والحركات الاجتماعية يدعوهم فيها الى بناء الجبهة الموحدة لمواجهة صعود اليمين المتطرف، وسياسات الليبرالية الجديدة للرئيس الفرنسي ماكرون. وأرسل السكرتير الوطني للشيوعي الفرنسي فابيان روسل نداء المجلس الوطني مصحوبا برسالة شخصية الى قادة احزاب اليسار الفرنسي الرئيسة: جان لوك ميلنشون زعيم حركة "فرنسا الابية" ، أوليفييه فور زعيم الحزب الاشتراكي، وبينوا هامون زعيم حركة "الجيل" المنشقة بعد انتخابات الرئاسة الفرنسية الاخيرة من الحزب الاشتراكي، وديفيد كورماند زعيم حزب الخضر. ويقترح روسيل على قادة هذه الأحزاب والحركات اللقاء لمناقشة اشكال خوض الانتخابات المحلية المقبلة.
وجاء في النداء "ان جبهة الشعب اليسارية قد تمنح الفرنسيين أملا جديدا." و " بلدنا يحتاج إلى يسار مناضل". ان هناك سخطا كبيرا نتيجة لسعي رئيس الأثرياء إلى خفض التخصيصات المالية للمعاشات التقاعدية، ومساعدة العاطلين والتعليم، ورفع الضوابط عن قطاعات كاملة من الاقتصاد والخدمات المدنية وخصخصتها. ومن أجل عدم دفع المزيد من الغاضبين الى احضان اليمين المتطرف، يجب على اليسار الموحد أن يقدم آفاقا لتحول اجتماعي، على اساس المساواة والإخاء والديمقراطية الحقيقية واستعادة التوازن البيئي، الذي يتم تدميره بشكل متزايد من قبل الرأسمالية المنفلتة.
ودعوة الحزب الشيوعي لا تنحصر بالأحزاب والحركات اليسارية الأربعة، بل تتعداها الى جميع المنظمات والنقابات اليسارية الاخرى لتوحيد قواها، دون هيمنة مسبقة. ان الحزب الشيوعي يوظف تواجده الراسخ في جميع انحاء البلاد، وحضوره البرلماني في العديد من المدن والبلديات، وامتلاكه لأكثر من عمدة مدينة وعدد ليس قليلا من رؤساء المجالس البلدية، لخدمة مشروع بناء جبهة يسارية موحدة، في حال تجاوبت الأحزاب والحركات الأخرى معه، فكلما اتسع عدد القوى المشاركة في الجبهة، كان بإمكان اليسار تمثيل مصالح العمال الفرنسيين بشكل أفضل، والحفاظ على الخدمات العامة وتعزيزها، والمساهمة في رفع القدرة الشرائية للأسر من خلال توفير النقل المجاني العام، ومكافحة ربا الإيجارات، وارتفاع أسعار الطاقة والمياه.
واختتم النداء بالتأكيد على: ان الانتخابات المحلية هي فرصة لمواجهة والتغلب على ماكرون وحكومته، وكذلك اليمين المتطرف والمحافظ في عدد كبير من المدن والبلدات، يتحمل عبرها اليسار المتجدد شرف المسؤولية على أساس أغلبية واسعة من الأصوات".
وفي مقابلة مع صحيفة لوموند، أكد روسيل ان هناك عدم ارتياح وخبية لدى الشيوعيين الفرنسيين بسبب مغادرتهم للبرلمان الاوروبي في انتخابات أيار الفائت ولكنه يضيف "لكننا متفقون ومصممون على إيجاد توازن جديد للقوة من خلال تجميع قوى اليسار وإطلاق مشروع اجتماعي تقدمي اجتماعي بديل".
وان "تزايد قوة اليمين المتطرف وحركة الرئيس ماكرون وفقدان الكثير من أصوات اليسار، خلق وضعًا خطيرًا يشبه برميل البارود. وللتحرك على اساس مصلحة البلاد، دعونا نكون اسمنت قوى اليسار". ان ما يميز دعوة الحزب الشيوعي كونها دون شروط مسبقة، وتمثل توجهاً وارادة صادقة وتقترح العمل على موضوعات مهمة منها: القوة الشرائية والمعيشة باهظة الثمن، والدفاع عن الخدمات العامة ومواجهة تحدي مشكلة المناخ. وكذلك تقدم إجابات على عودة ارتفاع اسعار الكهرباء، وخصخصة مطارات باريس، والهجوم على قوانين التقاعد، والإسكان، والدفاع عن الصحة.