تستمر أسابيع الفوضى في المملكة المتحدة. وفي إطارها جابت يوم السبت الفائت شوارع لندن تظاهرة حاشدة، شارك فيها أكثر من مليون متظاهر قدموا من جميع انحاء البلاد، للاحتجاج على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، والمطالبة باجراء استفتاء عام ثان حول الملف الذي شغل الرأي العام البريطاني والأوروبي طيلة 3 سنوات.

ووقع قرابة 5 ملايين مواطن على حملة نظمت عبر الإنترنت تدعو البرلمان والحكومة البريطانيين الى سحب قرار الخروج بموجب المادة 50 من معاهدة الاتحاد الأوروبي. فيما لم تحصل حملة مضادة تدعو الى الخروج غير المنظم على عشر هذا العدد. وشارك في تظاهرة نظمت في شمال شرق انكلترا من قبل اليمين المتطرف للمطالبة بالخروج، 150 شخصا فقط.

وردّ المشاركون في تظاهرة لندن الكبيرة على ادعاء الحكومة القائل بان استفتاء جديداً حول "البريكست" سيشوه إرادة الشعب التي مثلتها نتائج الاستفتاء الأول في عام 2016. وشدد المتظاهرون على كون ملايين الناس كانوا ضحية لكذبة كبرى، او "لا أحد كان يعلم بالمستوى السيئ لشروط الخروج". وحمل المتظاهرون ملصقات تسخر من رئيسة الوزراء، وهتفوا: "تيريزا، انت لا تتحدثين باسمنا".

 وأعيد ما طرحه توم واتسون نائب رئيس حزب العمال، من أن حزبه مستعد للمساعدة في توفير اغلبية برلمانية لصالح الاتفاق الذي انتجته مفاوضات الحكومة مع الاتحاد الأوروبي لتفادي حدوث فوضى نتيجة للخروج البريطاني، شرط إجراء استفتاء ثانٍ، قد يؤدي الى سحب قرار الخروج. وعبر رئيس الوزراء الأسكتلندي نيكولا ستورغيون عن امتعاضه لكون تيريزا ماي أثبتت أنها غير قادرة على الوفاء بما تعهدت به حول خروج بريطاني سلس.

وتشير استطلاعات الرأي الى ان الاستفتاء مجددا على "البريكست" سيكون ضد الأخير، لهذا يصر أنصاره على الالتزام بنتائج الاستفتاء الأول.  وخلال السنوات الثلاث التي تفصل بين استفتاءين تغيرت خريطة الناخبين، فهناك اليوم مئات الآلاف من الشبيبة التي وصلت سن التصويت أخيرا، ويحق لها المشاركة في الاستفتاء، والغالبية العظمى من هؤلاء ضد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، فضلا عن وفاة كبار السن، الذين صوتوا في عام 2016 لصالح الخروج. والدوغما اليمينية تتجاهل هذا الواقع. وتحاول رئيسة الوزراء البريطانية بواسطة دعم شعارات أنصار الخروج المكررة والنمطية تجميع شتات حزب المحافظين، بدلاً من السعي للتوصل إلى اتفاق برلماني مع أحزاب المعارضة. و هناك أفكار للتوصل الى مثل هذا الاتفاق، مثل الوصول الى اتفاق يمنع اجراء الاستفتاء الثاني أو "الحل النرويجي"، أي عضوية بريطانية في الاتحاد الاقتصادي الكمركي  الأوروبي بمشاركة 27 دولة اوروبية، وهذا ما اقترحه زعيم حزب العمال  المعارض جيريمي كوربين. وهناك شائعات تقول ان تيريزا ماي لا تجرؤ على مواجهة هزيمة برلمانية جديدة خلال هذا الأسبوع.

وعلى الرغم من مسيرة المليون محتج والنجاح غير المسبوق لحملة التواقيع الالكترونية، تتأكد من جديد صحة الحكمة القديمة التي تقول: ليس أكثر صمما ممن لا يريد الاستماع.

وذكرت صحيفة "ذي صن" اللندنية أن على رئيسة الوزراء تيريزا ماي أن تعلن اليوم أنها ستستقيل فور الموافقة على اتفاقيتها للخروج من الاتحاد الأوروبي.

صحيفة "صنداي تايمز" بدورها كشفت عن انقلاب يقف وراءه 11 وزيراً محافظا على رئيسة الوزراء وتعيين رئيس مؤقت للحكومة مكانها، مهددين بتقديم استقالات جماعية من مناصبهم إذا لم تستجب ماي لطلبهم خلال الاجتماع الحكومي الذي كان مقررا عقده يوم أمس الاثنين.

وكانت ماي قد أعلنت قبل أيام بعد عاصفة الاستقالات في الحكومة البريطانية، أنها باقية في منصبها، ووصفت مشروع اتفاق البريكست بالطريق الصحيح.

من جانبه صوت مجلس العموم البريطاني بأغلبية ساحقة ضد الاتفاق المعدل للخروج من الاتحاد الأوروبي. ورفض النواب البريطانيون الاتفاق المعدل بـ 391 صوتاً، مقابل 242 صوتاً.

وفي وقت سابق اعتبر زعيم المعارضة البريطانية جيرمي كوربين التصويت ضد خطة "بريكست" بأنه "هزيمة كارثية لحكومة ماي"، داعياً لسحب الثقة من الحكومة الحالية. كما دعا الى تقديم اقتراح جديد حول الخروج من الاتحاد الأوروبي، قائلاً "حان الوقت لإجراء انتخابات عامة".

عرض مقالات: