استضافت العاصمة الايطالية روما في الفترة 14 – 15 من كانون الأول 2018، وبدعوة من اتحاد الانصار السابقين الايطالي، مؤتمرا عالميا تحت شعار "كن معاديا للفاشية في اوروبا المعاصرة".

وشاركت في المؤتمر شخصيات معادية للفاشية، اللجنة التنفيذية للرابطة العالمية لمكافحة الفاشية، وممثلون عن روابط الانصار السابقين من اسبانيا، البرتغال، اليونان، بلجيكا، المانيا، بريطانيا، النمسا، كرواتيا، سلوفينيا، هنغاريا، روسيا، بولونيا، اضافة الى البلد المضيف. وتلقى المؤتمر ترحابا من فرنسا، وصربيا.

ولم تنحصر الكلمات التي القيت في المؤتمر والمناقشات التي دارت فيه على تقييم التطورات الراهنة في كل بلد على حدة، بل تناولت الاجابات السياسية للقوى المعادية للفاشية لمواجهة التطورات الجارية في معسكر اليمين المتطرف، والشروط المختلفة للتعبئة المجتمعية، في هذه البلدان وعموم القارة الأوروبية.

وفي هذا السياق طرح المشاركون من ايطاليا وبلجيكا وبولونيا وهنغاريا المشاكل المرتبطة بتأثير الاحزاب العنصرية والمعادية للديمقراطية والقومية على الاداء الحكومي فيما يتعلق بالمصالح الاجتماعية للفئات الاشد فقرا في المجتمع، واللاجئين. واشار ممثلو النمسا وسلوفينا وكرواتيا وصربيا الى مخاطر رد الاعتبار الى "الأوستاشا – الفاشية" (المكافحون من اجل استقلال كرواتيا). وطرح مقترح تقديم اجابات على مايسمى باجتماع مراجعة التاريخ السنوي، من خلال نشاطات عالمية.

وعبرت المساهمات بوضوح عن التعددية في مواقف المعادين للفاشية في كل بلد على انفراد. وطالب البعض حكوماتهم بمنع نشاط الاحزاب والمجموعات العنصرية واليمينية المتطرفة، وعلى سبيل المثال، عرض ممثل عن مجموعة نقابية من لندن تجاربهم في المقاومة الاجتماعية، والحصار، وغيره من اشكال النشاط لمواجهة الاستفزازات العنصرية. وتمت الموافقة على مقترح إطلاق حملة موحدة تحت شعار "من أجل أوروبا بدون عنصرية وفاشية"! مع ملصقات مشتركة ومواد دعائية أخرى في الحملات الانتخابية لانتخابات البرلمان الأوروبي التي ستجري في 26 أيار المقبل.

وركزت جميع المساهمات على فكرة توحيد جميع القوى المعادية للفاشية والعنصرية في اوروبا. ولم تقتصر هذه الدعوة على اعضاء الرابطة العالمية لمناهضة الفاشية، بل جرى التشديد على ضرورة تشبيك جميع المبادرات المناهضة للفاشية، ومبادرات المجتمع المدني.

وفي كلمة الختام اكدت كارلا نيسبولو، رئيسة رابطة الانصار في ايطاليا، مرة أخرى على مسؤولية جميع المناهضين للفاشية للدفاع عن الحرية، والحفاظ على الإرث التاريخي والتضامن مع اللاجئين. وشددت النصيرة السابقة على الحاجة الماسة لتشبيك ووحدة جميع القوى المناهضة للفاشية ومكافحة العنصرية في أوروبا والعالم. وستعقد لهذا الغرض المزيد من المشاورات والمؤتمرات العالمية في العام الجديد.

 خوض نضال ثقافي وسياسي واسع

 كانت كلمة الافتتاح التي القاها ألدو تورتوريلا، الصحفي والسياسي والعضو التاريخي في الحزب الشيوعي الايطالي، والتصير السابق، المولود في عام 1926، بمثابة تكثيف لعرض سياسي فكري وتاريخي للفاشية في ايطاليا واسبانيا، وعموم اوروبا. تناول ألدو فيها، ملامح اختفاء الاحداث التاريخية الكبيرة في مسار التطورات اللاحقة، وتأثيرات غياب الذاكرة التاريخية في التعامل مع الصراعات المحورية الراهنة. وانعكاسات الحرب الباردة للتقليل من اهمية معاداة الفاشية، ابتداء من مراكز البحث الغربية، وانتهاء بالصراعات السياسية والاقتصادية. وكانت للجذور التاريخية لظهور الفاشية، وارضية الصراع الاقتصادي – الاجتماعي التي نشأت وتطورت فيها حيز كبير من الكلمة، وكذلك المقدمات السياسية التي وفرت للفاشية فرصة الصعود. وان معاداة الفاشية لا تنحصر في نفي نقيضها النوعي. وكذلك الانجازات التي حققها التحالف العريض ضد الفاشية، والفرص الضائعة للامكانيات التي فتحها الانتصار على الفاشية في سبيل تجذير الديمقراطية وتحقيق عالم أفضل. واخطار احياء منظومة الايديولوجية الفاشية، واخطار صعود اليمين المتطرف. واختتم المتحدث كلمته بالتأكيد على اهمية خوض نضال ثقافي وسياسي يتمحور حول توحيد جميع القوى المدافعة عن الديمقراطية، والتي اعتبرها آنيا مهمة صعبة، وضرورية  لمنع انتقال شرور الحرب الى اوروبا ومواجهة عودة العنصرية والتطرف القومي وتصعيد العداء للاجئين.

عرض مقالات: