في وسط العاصمة الألمانية برلين خرج ظهر يوم السبت 21 أيلول بدعوة من "اللجنة التضامنية في ألمانيا" مجموعة من العراقيين في وقفة تضامنية مع المرأة والطفل العراقي تخللها قراءة مذكرة باللغتين العربية والألمانية بعنوان "لا لتعديل قانون الأحوال الشخصية... لا للقوانين الطائفية". من بينهم نساء وشباب يرفعون شعارات مختلفة باللغة العربية والألمانية تطالب بعدم تعديل قانون الأحوال الشخصية وتحقيق العدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان وحرية الرأي والتعبير.
ومن ناحية المبدأ فإن حق التظاهر من أجل إيصال صوت المرأة العراقية لتحقيق العدالة المجتمعية والدفاع عن الحقوق المدنية العامة للرأي العام الأوروبي له أهميته. ويعد جزءا مهما من الأمور الأساسية للتضامن والدفاع عن حقوق الإنسان والعدالة المجتمعية، ومنها، حق التجمع وحرية الرأي والتعبير في العراق. فيما عكس التظاهر هذا في مدينة مثل برلين، القدرة الجماعية للأفراد العراقيين داخل مجتمعات المهجر المختلفة على إيصال رسالة معنوية للتعبير عن قلق العراقيين عما يجري في بلادهم من خروقات حكومية قانونية ودستورية. من هنا فإن اللقاء الذي دعا إليه مجموعة من المثقفين ومنظمات المجتمع المدني العراقية في ألمانيا في 12 آب 2024، اكتسب صفة مميزة للتعبير عن تضامنهم مع المرأة والطفل العراقي. حيث جاء في بيان تأسيس "اللجنة التضامنية ضد تعديل قانون الأحوال الشخصية" في ألمانيا، [ إلى أن الأوضاع والظروف الاجتماعية السيئة السائدة في العراق في ظل الحكم الطائفي المقيت والتي توجت الآن بنية النظام تعديل قانون الأحوال الشخصية النافذ رقم 188 لعام 1959، ستكون له في حالة تمريره عواقب وخيمة جدا على النسيج الاجتماعي في العراق].
ودعا البيان إلى: [[ تشكيل لجنة وطنية لدعم حقوق المرأة والطفل في الداخل، ودراسة إمكانية تشكيل لجنة تضامنية عالمية مع الشعب العراقي على مستوى ألمانيا يكون في عضويتها بعض الشخصيات السياسية والثقافية العامة والمؤثرة في المشهد الألماني إضافة لناشطين عراقيين وكتاب وصحفيين وفنانين وأكاديميين]]. تعد وسيلة فعالة للتعبير عن الاستياء أو المطالب الجماعية للعراقيين التي قد تكون مهملة أو غير مسموعة في الأطر الرسمية في العديد من الدول الأوروبية. وقد تكون هناك فجوة بين النخب السياسية والجماهير، مما يتيح التظاهر في الخارج توصيل الرسائل للرأي العام بشكل مباشر لتوجيه الأنظار إلى غياب العدالة الاجتماعية، حيث يعاني جزء كبير من المجتمع العراقي من التهميش أو الاضطهاد أو الفقر. أيضا، كوسيلة لجذب انتباه الرأي العام، مما يخلق حالة من "الدعم المعنوي" للضغط على الحكومة أو السلطة الحاكمة للاستجابة لمطالب الناس في العراق...
يذكر أن مسألة تضليل السلطة الفاشلة للمجتمع لتمرير القوانين لصالحها، يعتمد على عدة أدوات وآليات تستند إلى الفكر السياسي التي تمارسها أحزاب السلطة للتلاعب بالرأي العام وإشغال الناس عن مواجهة معاناتهم الاجتماعية والسياسية والمعيشية. ولصرف انتباه الناس عن المشاكل الرئيسة مثل الفساد أو تدهور الوضع الاقتصادي، تقوم بتضخيم القضايا الفرعية الثانوية بديلا عن الانتباه إلى القوانين المجحفة التي تمرر في الخفاء. والأخطر، التلاعب بالمعلومات لنشر الأخبار بشكل غير متوازن أو حتى إخفاء المعلومات حول القوانين والسياسات، كواحدة من أهم استراتيجيات تظليل المجتمع لخلق الأزمات التي تؤدي إلى تشتت اهتمام الرأي العام عن المشاكل الحقيقية بحيث يظل المجتمع غير مدرك لتأثيرات هذه القوانين، كما يحصل مع تعديل قانون الأحوال الشخصية!.