غادرنا اليوم رفيقي وصديقي العزيز المناضل النقابي الباسل ابن الطبقة العاملة العراقية حيدر الشيخ علي (أبو ڤيان)، الذي كان أحد قادة اضراب عمال شركة الزيوت النباتية الذي حصل في 5 تشرين الثاني 1968 الذي اعتبره حزب البعث تحدياً وصفعة له وهو في بداية مشواره فاعتقل قادة الاضراب وكان الرفيق حيدر أحدهم وقوبل هذا الاجراء باحتجاجات واسعة اجبرت الحكومة على اطلاق سراحهم.

تعرفت على الرفيق حيدر في عام 1971 في كردستان العراق في قرية برسرين المركز الرئيسي لقوات أنصار الحزب وكان شاباً في بداية العشرينيات من عمره وحديث العهد بالحزب. لاحظته ذكياً وسريع البديهة خفيف الظل مرن، يؤدي ما يكلف به على أحسن وجه، وكان يتعامل معي كأخ أكبر ، بسبب فارق السن، واستمر هذا الحال كلما التقينا أو اتصلنا.

ولإخلاصه غير المحدود للحزب وقضيته ولكفاءته تقدم حيدر في المراكز الحزبية وأصبح عضواً في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي وعضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي الكردستاني —العراق.

امتاز حيدر بالصلابة، فلم يتمكن نظام الملالي الاستبدادي في ايران، المعروف بوحشيته تجاه الشيوعيين وكل مخالفيه، من كسر شوكته في سجن (اڤين) الرهيب الذي ورثه الملالي من شاه ايران حيث قضى حيدر ست سنوات فيه، تعرض خلالها لصنوف التعذيب، وخرج من السجن مرفوع الرأس صامداً وصائناً اسرار منظمته التي كان يعرف كل عقدها الحساسة.

وقد تناول الروائي المعروف الراحل عبد الرحمن منيف في روايته "الآن.. وهنا او شرق المتوسط مرة أخرى"، وبالخصوص الفصل المعنون "حرائق الحضور والغياب"، تفاصيل اعتقال بطلها الحقيقي حيدر الذي سُمي بالرواية "طالع العريضي".

لم تدعه سنوات السجن والتعذيب، والتي كان من بينها سنة في زنزانة انفرادية، سليماً معافى فكان حيدر يعاني من أمراض مختلفة، وعندما وجد مقدرته على اداء مهامه قد ضعفت رفض ترشيحه للجنة المركزية لاسباب صحية في مؤتمر الحزب التاسع الذي عقد عام 2012. ولكنه ظل مواكبا ومساهماً في نشاطات الحزب حيثما أمكنه ذلك.

ظل حيدر لسنوات عليلاً وخضع لعمليات كبرى عديدة، دون أن يستسلم وبقي يقاوم مدفوعاً بحبه للحياة التي ضحى ما ضحى من أجل أن تكون حرة وكريمة لوطنه وشعبه والبشرية جمعاء. وفي الفترة الأخيرة من حياته وحتى بعد أن عجز الطب من علاجه، فانه لم يستسلم وكان الأطباء يخففون آلامه بحقن المورفين.

تمتع الرفيق حيدر بجماهيرية واسعة جداً، لطيبته وحلو معشره ووفائه وشهامته وتقبله للآخر فلا عجب أن تجد بين أصدقائه تنوعاً مدهشاً بمن فيهم خصوم سياسيين، فوفائه للصداقة لا حدود لها وسيشعر جميع أصدقائه بخسارة فادحة.

الذكر الطيب للرفيق حيدر الشيخ علي

تعازي وتعازي أم شروق الحارة إلى ڤيان وانتظار وأم بلند وأبنائها ولكل ذويه ومحبيه

 

عرض مقالات: