ترك آشتي (ابو ژيان) بعد سفره خزينة متكونة من كتب جاهزة وحاضرة للطبع تشبه وصية شعرية.
قصائد آشتي تكمن كل رحلته، وكل عشقه للعراق وشعبه والشهداء التي تغنى بهم طيلة عمره بنزاهة ضمير وروح لا تباري ...
آشتي ...خريطة العراق المصلوب
آشتي ...دموع اطفال الشهداء
آشتي ...صرخة قديسة خاتم الزواج المسروق ...
آشتي.... هذا القديس الذي يستفيق قبل خيوط الفجر..
ولا ينام قبل انطفاء النجوم ...
قبل سفره، قلت له: لماذا لا تطبع الكتب يا آشتي؟
قال: لما الاستعجال يا شه مال؟ بعد موتي ستطبعها ابنتي ( ژيان ).
قلت : وإذا عشت مئة عام مثلاً ؟
ضحك وقال: لا ..لا يا صاحبي ، سوف أستجعل بالرحيل كي أرى الطريق الموصلة إلى قبور رفاقي، فليس أكثر من النور رفيقا لهذه الرحلة المتعبة ...

في شعره الاخير تنبأ آشتي برحيله ، وهو يحرر وصية لرفاقه الانصار (البيشمركة ) ، وصية مفادها : ان ما هو نابع من القلب لا يفنى ،لأنه ليس موضوعا للاستهلاك والمساومة ـ تبأ للمساومة !.
لقد انشغل آشتي في السنوات الاخيرة بالبحث عن عالم جديد في فضاءات اخرى ممكنة، عالم خال من الظلم و العبودية والنفاق والطعن من الخلف والمساومة والخداع والانبطاح والتراجع ، بعد ان استسلم البعض كما يقول آشتي ( لإغراءات تافهة وساوم على دماء الشهداء والمبادئ) .
عمل آشتي بنصيحة الشاعر والناقد الفرنسي شارل بودلير عنما قال : إن علينا الغوص في قاع المجهول لنعثر على الجديد ، وها هو آشتي يترك المسيرة ليغوص إلى الاعماق ليعثر على الجديد ، على الرغم انه يعرف جيداً ان القاع هو الرعب ، العتمة ، السكون ، الصمت ...ولكن ليس استسلام ، لان الاستسلام ليس من صفات الشيوعيين الحقيقيين .
يا رفيقي آشتي ...أمسح التعب المتناثر فوق جبينيك من شدة الألم ، ولا تنسى ان تخبر الشهداء بكل تفاصيل حياتنا ...
شم عطر ثيابهم التي لم يجف الدم عليها.
وقل لهم.... لا.. لا تقل لهم اي شيء، دعهم يحلمون بوطن حر وشعب سعيد ..
اخيرا.. مادام أنك قررت هذه المرة ان لا تخرج عن صمتك.. اسمح لي ان أُكمل ما تبقى من الجملة الضائعة والاخيرة لأقول لك.. إلى اللقاء عزيزي آشتي.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*ودعنا يوم أمس 7 / 3 / 2021 الكاتب والاعلامي والشاعر الثوري والمناضل الشيوعي الرفيق سهيل فاضل (آشتي ـ ابو ژيان) الذي وافاه الاجل في كوبنهاكن إثر مرض عضال لم يمهله طويلا. لقد أفني رفيقنا آشتي حياته مكافحاً من اجل اهداف ومصالح وطنه وشعبه، وتعرض خلال فترة الخمسين عام التي امضاها في النضال الوطني والديمقراطي إلى الكثير من المضايقات والملاحقات والظروف الحياتية القاسية، وخلال الهجمة على منظمات حزبنا من قبل النظام البعثي الفاشي في اواخر السبعينات من القرن الماضي، التحق رفيقنا آشتي في صفوف حركة الانصار المسلحة حيث كان من اوائل الرفاق الذين حملوا السلاح في جبال كوردستان، كما تميز الرفيق الراحل بكل الصفات الجميلة التي من خلالها حاز على محبة رفاقه واصدقاءه. كرّس آشتي جُلّ حياته من اجل خدمة قضايا حزبه وشعبه، وظل حتى اخر ايامه وفيا لمبادئه الشيوعية النبيلة ووفيا لشهداء حزبه وشهداء وطنه.

عرض مقالات: