دروس الحياة :

في يوم شديد البرودة والثلج يتساقط دعانا الرفيق عدنان عباس الكردي عضو اللجنة المركزية آنذاك لتناول الاكل معا في بيته وكان يسكن قرية دولكان هو وزوجته فذهبنا انا والرفيق ابراهيم صوفي محمود ( ابو تارا)، وبعد تناول الغذاء بدأنا نتحدث عن امور شتى واثناء الحديث قلت انه ليوم رائع ولا انساه وانظروا الى التأريخ 12/12/1982 وسمعنا طرقا على الباب وعندما فتحناه واذا برفيق من المقر وبيده رسالة وقال انها وصلت الآن وفتحها الرفيق ابو تارا وقرأها وعلمنا ان قيادة الحزب تطلب حضورنا الى بشتاشان باسرع وقت لاستلام  حصتنا من الاسلحة.

عدنا الى المقر وكان قريبا من القرية وفي الليل تباحثنا انا والرفيق ابو تارا  لاختيار رفاق لتلك المهمة وكان عددنا قليلا لأن اكثرية الرفاق رافقوا الرفيق بهاءالدين نوري { ابو سلامِ ْ}  الى قرية حاجي مامند لافتتاح مقر لقاطع السليمانية وكركوك ، وتوصلنا الى نتيجة بان اذهب انا وطلبنا حضور الرفيق المسؤول العسكري وابلغناه  بأن يختار رفيقا لمرافقتي وقلت له من الأفضل ان يكون الرفيق عبدالكريم سيد علي وسنذهب في الفجر وفي الحال هيأنا الحبال وبغلين.

في فجر اليوم التالي لبسنا مانملك من ملابس حفاظا على صحتنا  من البرد القارس وركبنا البغال وعندما وصلنا الى قمة جبل زردك شعرنا بالبرد الذي كان كالموس يجرحنا، ونزلنا باتجاه قرية ده رمان آوا وحاولنا ان نحرج من المنطقة بالسرعة الممكنة لوجود خطورة انهيار الثلج الذي يقتل سنويا عددا من المارة،  وبعد الظهر وصلنا الى مقر حزبنا الشيوعي العراقي في نوكان وقبل ان نأكل قدمنا العلف للبغال.

قضينا ليلة عند رفاقنا في نوكان وفي الصباح اتجهنا صوب بشتاشان وكانت  الثلوج  تغطي كل شيء وبصعوبة كنا نجد طريقنا وبعد تعب ومشاق  وصلنا الى بشتاشان وبعد استراحة قليلة جاءني رفيق واخبرني بأن الرفيق سليمان يوسف اسطيفان { ابوعامل } يطلب التحدث معي وذهبت الى خيمته ورحب بي وقال بعصبية ونبرة حادة  رفيق انت اخذت اجازة لمدة شهر ولكن ها انت تعود الينا بعد اكثر من شهرين ، وشرحت له سبب عدم عودتي وقلت ان الرفيق ابو سلام طلب مني البقاء، وعندما قلت له رفيق ابو سلام وعملي في الاعلام ؟ فهل يحاسبني الحزب ؟ اخبرني بانه سيخبر قيادة الحزب بذلك وبقيت هناك وجئت اليوم لاستلام حصة قاطع السليمانية وكركوك من الاسلحة، وكان الرفيق ابوعامل  مناضلا شيوعيا معروفا والمسؤول العسكري لقوات الانصار  البيشمةركة} في الحزب ولكنه كان حاداوجافا في تعامله وقال لي رفيق عد الى رفاقك في الاعلام وعملك هناك ونحن نرسل الاسلحة الى قاطع السليمانية وكركوك، وقلت له رفيق لا ارغب ان ابقى في الاعلام واريد العودة الى السليمانية  واخذ حصتنا من الاسلحة والآن انا متعب واريد الذهاب للاستراحة وغدا نواصل حديثنا واستأذنت منه وخرجت لكي اقضي ليلة سعيدة مع رفاقي، وفي الصباح وبعد تناول الفطور ذهبت الى الرفيق ابو عامل لاستلام الاسلحة ، وقال لي رفيق عملك في الاعلام  ولا تتحدث عن الاسلحة  وودعته وذهبت الى الرفيقين في قيادة الحزب كريم احمد { ابو سليم} و ملا احمد قادر بانيخيلاني { ابو سرباز} وطلبت مساعدتهما واخبرتهما بانكم  تعرفون الرفيق ابو سلام واخبرني بانهم بحاجة الي ان اكون  هناك وابقى عندهم وانا ارغب بذلك ولا اريد البقاء هنا في بشتاشان وابوعامل قال لي رفيق انت تمردت وتركت عملك، اطلب مساعدتي وحل هذه الاشكالية لكي اكون بعيدا من التصادم مع الرفيق ابو عامل ولا اريد التحدث اليه.

الرفيقان ابو سليم وابو سرباز تحدثا مع الرفيق ابو عامل واقتنع، وعند استلام الاسلحة قلت السليمانية ماعندها حظ حتى من الاسلحة فاي سلاح رديء يرسل الينا وانفعل الرفيق ابو عامل وبلهجة امرية قال ليس من حقك ان تقول هذا الكلام فاي سلاح هو الجيد في نظرك. وقلت له لنتحدث بهدوء وهو الافضل وانكم تعلمون ان الاسلحة تصل الى رفاق بهدينان ويأخذون حصتهم وفيما بعد تصل الى بشتاشان ومن ثم الى السليمانية وكركوك وهذا ليس رأيى وانما رأى الكثير من الرفاق وعلى كل حال استلمت حصتنا وهي حمولة لثلاثة بغال ولدينا بغلين واراد ابوعامل ان لا يعطينا الحمولة الثالثة وقال لي عودوا في وقت اخر لاستلامها ولكني اصريت عليه تسليمنا وانا ادبر نقلها فاقتنع وعن طريق الرفيقين ابو سليم وابو سرباز حصلنا على بغل اخر، وانشغلت مع الرفيق عبدالكريم عن كيفية توزيع الحمولات وفي الليل جاءني الرفيق ابو عامل وقال عدد من الرفاق منقولين للقاطع وسلمني ورقة وفيها اسماء 16 رفيقا ونصيرا وقلت للرفيق اننا سنذهب في ساعات الفجر وعلى هؤلاء الرفاق الحضور ولا اعرفهم لكي اخبرهم ولسنا ملزمين اذا تأخر اي منهم.

في الصباح تناولنا الفطور وحملنا الاسلحة على البغال وحضر الرفاق وكلهم عرب وقلت لهم الجو بارد جدا والطريق ثلجي والمسافة الى نوكان طويلة والذي لا يستطيع المشي في الثلوج فليبقى هنا ، وتحركنا وبعد ارهاق وتعب شديد وصلنا الى مقر الحزب في نوكان، وفي اليوم التالي خرجنا من نوكان ووصلنا قرية بيوران وكانت الثلوج كثيرة وقال لنا اهل المنطقة بانه من الصعب الذهاب في الطريق الجبلي وخاصة للحيوانات المحملة واما طريق السيارات قريب من مدينة سردشت والجيش الايراني يراقبه ليل نهار، وبقينا في القرية.

قرية بيوران قريبة من سردشت وكيلي( كيلي حاليا بوابة تجارية بين كوردستان وايران) ونظرا لقربها من قلعةدزة وعن طريق القجغجية استطاع النطام الدكتاتوري الصدامي زرع جواسيسه في القرية وان البقاء في القرية صعب جدا وخاصة ان رفاقنا ( كلهم) من العرب لذا فكرت ارسال الرفاق على الطريق الجبلي وبقيادة الرفيق عبدالكريم وانا ساقوم بمغامرة وعليه اتفقت مع ثلاثة شبان المجيء معي والحمولات وبأجر متفق عليه وعن طريق السيارات ووصلنا الى قرية درمان آوا..

سمعنا من سكان القرية بأن البغال  لا تستطيع صعود جبل زردك مع الحمولة ونصف المسافة خطر جدا بسبب الانهيارات الثلجية، في الليل اتفقت مع ثمانية شبان ولقاء أجر مساعدتنا وفي الصباح جمعت الرفاق واخبرتهم بان الطريق قصير ولكن خطر جدا وعليكم اخذ الحيطة والحذر والمساعدة فيما بينكم وانا معكم ايضا ووزعت الاسلحة على الشباب فحمل كل واحد منهم على ظهره الاسلحة من قرية درمان آوا الى مقرنا في قرية دولكان وعند وصولنا اندهش الرفيق ابوتارا والرفاق الاخرون ورحب بنا واثنى على الفكرة ووصلنا مع الاسلحة بسلام.

3/3/2021

 

عرض مقالات: