طريق الشعب

أثار قرار إحالة وزارة النقل مشروع ملف ميناء الفاو الكبير، على شركة دايو الكورية، سجالاتٍ وجدلا متواصلا في الشارع وبين الاوساط السياسية، الرسمية وغيرها، لما يحويه من أهمية بالغة للاقتصاد.

ويجعل الميناء حال اكتماله، العراق، المحطة الرئيسة في مشروع الطريق الدولي البري والبحري “طريق الحرير” الرابط بين قارتي آسيا وأوروبا، حسب وزير النقل ناصر حسين الشبلي.
ومن المتوقع أن يوفر تنفيذ “طريق الحرير” عبر العراق، آلاف الوظائف ومردوداً اقتصادياً كبيراً للبلد، يوازي إيرادات النفط المالية، وهو مرتبط بإنجاز ميناء الفاو الكبير. وتباينت تلك السجالات بين مؤيدٍ للشركة الكورية، وبين ناصح بإحالته على شركة صينية، ولكل منهما تبريراته. بينما طرف ثالث لا يزال يشكك في إنجاز المشروع، الذي كتبت جدواه الاقتصادية في روما، عام 2008.

السجال يتفاقم

وما زاد تلك الاحاديث لغطا، هو بيان وزارة النقل الاخير، الذي أكد أن قرارها “لا يمكن تخطيه”.
وتشير وزارة النقل، بحسب البيان الذي طالعته “طريق الشعب”، الى “حصولها على دعم من أعضاء مجلس النواب بشأن العرض المقدم من شركة دايو الكورية، حول الشروع في تنفيذ ميناء الفاو الكبير”.
وتبرر الوزارة تفضيل الشركة الكورية، بقولها إن “الشركة الصينية تعمل في مجال الناقل الكهربائي، وغير مختصة ببناء الموانئ”، وهذا ما نفته السفارة الصينية في بغداد.
أما مدير عام الموانئ العراقية، فرحان الفرطوسي، فقد قال في تصريح صحفي، إن إحالة المشروع الى الشركة الكورية تم بناء على “قرار مجلس الوزراء رقم 63 لسنة 2019”، مؤكدا انه “لا يمكن تخطي القرار”.
وزاد الفرطوسي، أن “الشركة الصينية لم تتقدم بشكل رسمي، وقد تم استبعادها لعدم تخصصها في بناء الموانئ”، وهو ما أثار تساؤلات ساخرة من جانب مراقبين.
وكتب الخبير الاقتصادي والاكاديمي نبيل المرسومي، منشورا على صفحته في “فيسبوك”، طالعته “طريق الشعب”، طرح فيه تساؤلات عدة حول حديث مدير عام شركة الموانئ ووزارة النقل.
وقال المرسومي، إن “الشركة الصينية لم تقدم عرضا بشكل رسمي، بينما تم استبعادها لعدم تخصصها في بناء الموانئ”، متسائلا “إذاً كيف تم استبعادها اذا لم تتقدم بعرض رسمي؟”.
وتساءل أيضا “إذا كانت (الشركة الصينية) غير متخصصة في بناء الموانئ فكيف تمت دعوتها لتقديم عرض لتنفيذ ميناء الفاو الكبير؟ وهل شركة دايو متخصصة فعلا ببناء الموانئ؟”.
وقال الخبير: “لا أعلم لماذا لا يمكن تخطي قرار مجلس الوزراء رقم 63 لسنة 2019، إذا كان هناك عرض أفضل من العرض الكوري؟”.

تأييد للشركة الكورية

ويقضي الاتفاق مع الشركة الكورية بدخول الميناء الى العمل بعد 45 شهراً، كمرحلة أولى بعد إنجاز 5 ارصفة دفعة واحدة، بحسب تأكيدات النائب وليد السهلاني.
ويعتقد السهلاني، أن “وزارة النقل تعاملت مع العرض الصيني بمنتهى الشفافية، وأن شركة الموانئ مع الاستشاري الايطالي، هما من حدد الجهة الأفضل لإنجاز الميناء”.
ويشير السهلاني الى ان “فوائد القرض الصيني تتجاوز 3 مليار دولار، فضلا عن عدم تزويدنا من قبل الجانب الصيني بوثائق رسمية تثبت أن الشركة حكومية”.
لكن كلام النائب السهلاني، يأتي خلافا لما أظهرته في وقت سابق وثيقة صادرة عن السفارة الصينية في بغداد، موجهة إلى وزارة الخارجية العراقية، بتاريخ (21/ 11/ 2020)، والتي ترد فيها على الشبهات التي اثيرت حول رصانة الشركة الصينية.
ونصت الوثيقة المعنونة بـ (عاجلة جداً)، على أنها “تؤيد تنفيذ الشركة الصينية للمعدات (CMEC)، لمشروع ميناء الفاو الكبير”. وأرفقت السفارة “إنجازات شركة CMEC في المجالات المعنية”، مؤكدة أن “الشركة مملوكة للدولة، وتعمل وفق ضمانات الحكومة الصينية”.

الشركات الصينية أفضل

ويتواصل الشد والجذب حول الموضوع؛ حيث يشير عضو لجنة الاقتصاد والاستثمار في مجلس النواب، مازن الفيلي، الى أن “مقترح إبرام العقد مع شركة دايو الكورية ليس الخيار الافضل للعراق، كون تمويل المشروع سوف يعتمد على القروض الداخلية، بالإضافة إلى وجود عروض أقل كلفة ومدة انجاز أقصر من عرض الشركة الكورية”.
ويعتقد الفيلي أن “الشركات الصينية تمثل بديلا أفضل لتنفيذ المشروع بسبب امتلاكها امكانية تمويل المشروع، واستكمال متطلبات انجاحه من خلال انشاء القناة الجافة التي تضمن الربط اللازم لإكمال طريق الحرير، فضلا عن عدم امكانية رضوخ الصين للضغوطات الاقليمية والدولية الساعية لعرقلة المشروع”. ووفقا لوزير النقل ناصر حسين الشبلي، فان الوزارة “تخطط للبدء بالقناة الجافة التي تتكون من الفاو بخطين؛ الأول إلى تركيا، والثاني من تركيا الى أوروبا سواء النقل التجاري أم نقل المسافرين.

3 عروض صينية

وبحسب مدير مركز (النار الأزلية للتطوير والتنمية النفطية)، علاء الأسدي، فان هناك 3 عروض مختلفة من شركات صينية، العامل المشترك فيها هو توفير التمويل للمشروع وتقسيطه من 15-20 عاما.
واوضح انالعروض هي من قبل شركات (CMEC - CCCC - CSCEC) حيث تعتبر (CCCC) هي الشركة الأم والمؤسسة للموانئ الصينية، فيما شركة (CSCEC) هي الشركة الأولى في عالم الانشاءات والبناء، بواردات تقدر بحوالي 140 مليار دولار سنويا، في الوقت الذي تحتل فيه شركة دايو الكورية المركز الـ 92 بواردات تقدر بحوالي 922 مليون دولار”.