شكلت الحصة التموينية تجربة ناجحة خلال الظروف الاقتصادية الحرجة التي مر بها العراق. فقد وفرت للمواطن، خاصة الفقير وذو الدخل المحدود، قوته اليومي، حينما كانت توزع عليه شهريا بانتظام، وبكامل مفرداتها المخصصة. كما انها خففت، خلال فترات الحصار الاقتصادي أبان التسعينيات، بعضا من أعباء المعيشة وصعوبة توفير الغذاء، عن كاهل العائلة العراقية.

وبعد سقوط النظام المباد٢٠٠٣، صار المواطن يتأمل خيرا في تحسين تلك المفردات الغذائية، من حيث نوعيتها وكميتها، إلا أن الرياح اتت بما لا تشتهي السفن! فاليوم، وبالرغم من الأموال الطائلة التي تخصص سنويا لوزارة التجارة، تقلصت كميات المواد التموينية، وساءت نوعياتها وارتفعت أسعارها، وباتت توزع منقوصة، أو لا يتم توزيعها من الأساس لشهور عدة.. كل ذلك يحصل تحت وطأة الأزمات المعيشية والظروف القاسية التي يعيشها المواطن، والتي تفاقمت هذه الفترة مع تفشي وباء كورونا وانعكاساته الاقتصادية.

في مدينة السماوة، شأن بقية مدن العراق، يعاني المواطنون عدم تسلمهم مفردات البطاقة التموينية منذ شهور. وهم اليوم يتساءلون عن أسباب ذلك، وعن مصير الأموال التي خصصت لتلك المواد الغذائية.

وكيل الحصة التموينية حيدر عباس، أعرب في حديث لـ “طريق الشعب”، عن استغرابه من تأخر صرف المواد الغذائية إلى الوكلاء منذ نحو خمسة شهور، مشيرا إلى انه يعمل وكيلا من سنوات، ولم يصادف مثل هذا التأخير في صرف المواد.

وأوضح عباس، أن هذه المشكلة ولدت شعورا بالاستياء والسخط لدى المواطنين، الذين باتوا يتساءلون عن دور وزارة التجارة في هذا الشأن، وعن سبب عدم أخذ موضوع الحصة التموينية بعين الاهتمام، في الوقت الذي يعاني فيه أبناء الشعب ظروفا معيشية صعبة.

وطالب الوكيل بوضع حل عاجل لهذه المشكلة، مشددا على أهمية تحسين نوعيات المواد الغذائية، خاصة الأساسية كالسكر والرز والطحين والزيت، إلى جانب زيادة كمياتها.

وحمّل المواطن علي قاسم، من جانبه، وزارة التجارة مسؤولية الإخفاق في تزويد المواطن بمفردات البطاقة التموينية في المواعيد المحددة، مشيرا في حديث لـ “طريق الشعب”، إلى أن “هذه المشكلة سببها الفساد المستشري في الوزارة، والذي أسفر، منذ سنوات، عن مواد غذائية قليلة ورديئة لا تصلح للاستهلاك البشري، خاصة الرز والطحين”.

فيما ذكرت المواطنة أم سعد، لـ “طريق الشعب”، أن غالبية العائلات تعتمد في غذائها على الحصة التموينية، معربة عن استغرابها من عدم تسليمهم تلك المواد منذ خمسة شهور.

وتساءلت أم سعد: “بعد هذه الفترة الطويلة من انقطاع توزيع المواد، هل سيوزعونها علينا كاملة، أم منقوصة وبنوعية رديئة جدا؟!ّ”.

كما وجهت سؤالا إلى وزارة التجارة، عن مصير الأموال المخصصة للحصة التموينية!

إلى ذلك، قال المتخصص في الاقتصاد، محمد جاسم، أن المبلغ الذي صرف على الحصة التموينية، منذ 2003 ولغاية الآن، وصل إلى أكثر من 70 مليار دولار، مشيرا إلى انه بالرغم من ذلك “لم نشهد أي تحسن يذكر في المفردات الغذائية، التي تقلصت إلى أربع مواد فقط لا توزع كاملة شهريا” .

وأوضح ان “ملف البطاقة التموينية ملف مهم يمس حياة الشعب ويتعلق بأحوالهم المعيشية، لكن للأسف، أن الحكومات المتعاقبة لم تول هذا الملف أي اهتمام، حتى بات المواطن المسكين يعيش دون حدود الكفاف”.

ودعا جاسم، رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي إلى الاهتمام في ملف البطاقة التموينية، كونه يمس قوت المواطنين، وإلى محاسبة المقصرين في وزارة التجارة والجهات المعنية الأخرى.