اولا- مختار الجعيفر في بغداد خمسينات القرن الماضي، السيد فاضل علوان كان عندما يصل الى بيته يأتي رجال امن سلطة نوري سعيد ليصحبوه معهم كي يقوموا بتحري احدى الدور في محلة الجعيفر. فيؤخرهم في بيته بتقديم الشاي والحلويات والفواكه كي تتمكن اخواته من الوصول الى صاحب تلك الدار وابلاغه بالأمر والعودة.
بعد تأكده من انجاز اخواته للمهمة يصحبهم الى الدار فلا يجدوا احداً ولا يعثروا على اية وثائق. وبتلك الطريقة لم يمكنهم من اعتقال أي من ابناء الجعيفر حتى قيام ثورة الرابع عشر من تموز 1958 المجيدة.
ثانيا- اعتقلتُ عدة مرات، وسجنتُ لأكثر من مرة، وفي احدى المرات وكانت الشرطة تنقلني الى أحد مراكز الاعتقال، همس أحد افراد الشرطة في اذني قائلا: (انت الان في قبضة السلطة) (مو تبلي الوادم او تعترف على جماعتك) (أخوي صير صلب).
اما في عام 1970 فقد اعتقلتُ من قبل امن الديوانية في يوم كان يفترض ان أصل فيه الى مدينة النجف واتوجه مساء الى دار الرفيق محمد حسن مبارك سكرتير اللجنة المحلية لمحافظتي المثنى والقادسية للحزب الشيوعي العراقي. وعندما لم أصل الى الدار في الموعد المحدد أصبح الرفيق مبارك على قناعه بأنني اعتقلت، عليه قام بتفريغ الدار والانتقال الى دار اخرى كما تقضي تدابير الصيانة. واتصل بمنظمة مدينة الديوانية للتحري عن الجهة التي انا معتقل لديها وابلغ قيادة الحزب بذلك ايضا، منظمة مدينة الديوانية كانت قد وصلتها معلومة من والد الشاعر كامل العامري عن وجود كادر حزبي معتقل لدى امن الديوانية وانه قيد التحقيق فحصل لديهم تصور بان هذا الكادر هو انا.
بعد اسبوعين على اعتقالي، نقلت من مديرية الامن الى مركز شرطة الجانب لإيداعي لديهم على ذمة الامن.
في التوقيف كان موقوفا الاديب، الكاتب القصصي السيد زعيم الطائي وهو ابن اخت الشاعرين المعروفين عزيز سماوي وشاكر السماوي. عرض علي استعداده لإيصال أي رسالة الى الحزب. فكتبت له رسالة مختصرة، ارسلها الى الرفيقة الشهيدة ام سعد – فوزية محمد هادي التي كانت آنذاك تقود منظمة مدينة الديوانية للحزب. وبذلك أصبح مؤكدا لدى الحزب انني معتقل من قبل امن الديوانية ومعروف ايضا في أي مركز شرطة انا مودع.
ضحى اليوم التالي، دخلت الى مركز شرطة الديوانية، وكانت سافرة – الرفيقة امل ناصر الخفاجي الموجودة الان في دولة السويد وتحمل شهادة الدكتوراه، بحجة لديها مقابلة للشيخ عباس متعب الخزاعي، من مشايخ الخزاعل في ناحية السدير الموقوف معي في نفس القاعة وهو من المتعاطفين مع الحزب، فتح الباب له ليقابلها في ساحة المركز ويعود الى التوقيف وهو يحمل علاكة وضعها جانبا.
لدى فتح الباب لنا ظهرا لقضاء حاجاتنا،أخر نفسه في الغرفة حتى غادرها باقي الموقوفين ليكلمني بان الفتاة التي قابلته مرسلة من قبل الحزب وناولنيالعلاكة وفيها بعض الملابس وبعض النقود، وكذلك سلمني رسالة وأبلغني بانها ستعود في اليوم الثاني لاستلام جواب الرسالة وجاءت في اليوم الثاني لتستلم الجواب من الشيخ عباس متعب كي توصله الى الحزب.
ثالثا- لم تكن الاتصالات عام 1970 مثلما هي الآن وعليه كانت رسائل الأمن العامة ترسل برقيا الى الديوانية حيث تستلم من قبل جهاز ارسال واستلام موجود لدى مركز شرطة الجانب الذي كنت موقوفا فيه. ومن الاسرار الحزبية التي كنت اعرفها بحكم كوني كنت آنذاك عضوا في مكتب محلية الديوانية للحزب ان مفوض الشرطة المكلف بإدارة ذلك المركز أحد رفاق حزبنا، والعريف الشرطي المسؤول عن تشغيل جهاز الاتصالات ذاك هو أحد رفاق حزبنا ايضا.
الرفيق العريف كان عندما تصل برقية هامة من الأمن العامة الى أمن الديوانية يكتبها بنسختين: نسخة يرسلها الى أمن الديوانية ونسخة الى قيادة منظمةالحزب فيالديوانية، في اب من عام 1970 وصلت الى الديوانية برقية من المقبور ناظم كزار يطلبفيها منأمن الديوانية تسفيري الى الأمن العامة وقد أبلغني بذلك فورا رفيقنا مفوض الشرطة. اما الرفيق العريف فقد بادر فورا لإيصال نسخة من البرقية الى قيادة منظمة الحزب، وأخر تسليم نسخة الأمن حتى مساء ذلك اليوم بحيث وصلت المعلومة الى قيادة الحزب وانا لما أزل لدى امن الديوانية وبذلك توفرت لدى الرفيق عزيز محمد معلومة دقيقة وموثوقة عن حملة الاعتقالات التي شنها امن المقبورين صدام حسين – ناظم كزار ضد منظمات حزبنا منذ شهر اذار 1970 ولم تتوقف رسميا الا أواخر الشهر العاشر من العام 1971، ليتحدث من موقع المتأكد من المعلومات لدى التقائه مع البكر والمقبور صدام حسين والتحدث معهما عما ورد من معلومات عن حملة الاعتقالات تلك في البيان الذي اصدره الحزب في أب 1970 والذي افرد فيه فقرة عن اعتقالنا انا والشهيد ابو قيود – كاظم جاسم – وهذا البيان مثبت الآن كملحق في نهاية مؤلف الكاتب السيد سيف عدنان رحيم القيسي المعنون الحزب الشيوعي العراقي في عهد البكر 1968 - 1979.
انني دائما اشعر بالامتنان للكاتب زعيم الطائي والشيخ عباس متعب والرفيقة أمل ناصر وعريف الشرطة المخابر والرفيق ابو سعود عزيز محمد والحزب وانني أدين لهم جميعابحياتي.
رابعا- بعد تخرج الدكتور ابراهيم الجعفري من كلية الطب تم تعيينه كمقيم في مستشفى الكوفة وآنذاك كان الرفيق عضو الحزب الشيوعي العراقي الدكتور جبار نائل مسؤولا عن دار الاطباء المقيمين.
ذات يوم – والزمان هو السبعينات من القرن الماضي، كان الدكتور جبار نائل متواجدا في غرفة عمل السيد رئيس صحة محافظة النجف، عندما حضرت مفرزة من أمن النجف لتبلغ بأنها في طريقها لاعتقال الدكتور إبراهيم الجعفري بتهمة الانتساب الى حزب الدعوة. نهض الدكتور جبار نائل وودع رئيس الصحة وغادر الى حيث يتواجد الدكتور الجعفري.
رئيس الصحة ادرك سبب مغادرة الدكتور جبار فقام بتأخير المفرزة لديه في دائرته كمسعى من اجل كسب الوقت لإنقاذ الدكتور الجعفري وقد تم ذلك فعلا. اذ عندما وصلوا الى دار المقيمين لم يعثروا على الدكتور الجعفري وانتهى الأمر بسلامته.
خامسا- الرفيقة عزيزة، ابنة عمة شهيد الحزب داخل حمود، زوجة ابو خولة– باقر ابراهيم –إثر انقلاب– شباط الفاشي الأسود عام 1963 تمت استضافتها في دار الرفيق عبد الامير مظلوم في قرية الجدية في ناحية العباسية التي تبعد عن مدينة الكوفة مسيرة ساعة من الزمن.
طبعا ارتدت الزي الريفي واقامت في بيت أم عبدالامير الصديقة الوفية للحزب الشيوعي العراقي.
في منتصف احدى الليالي، قامت مفارز الحرس القومي بمداهمة القرية واجرت تمشيطا للحدائق والبيوت السكنية، وقد داهموا دار أم عبدالامير فتشوا الحديقة والبيوت المبنية من البواري والخشب، ولم يعثروا على أحد ولم يتبق لديهم ما يفتشوه غير ناموسية تحيط بالرفيقة عزيزة، وعندما ارادوا رفع الناموسية للتأكد من شخص النائم بادرت ام عبدالامير ووقفت بينهم وبين الناموسية وهي تردد (ابنيتي، مريضة او نايمة لا تخرعونها) وهكذا سلمت الرفيقة عزيزة من الاعتقال.
اكتفي بهذا القدر من المبادرات والى رسالة اخرى ومبادرات اخرى.