محمد حسيب القاضي، الذي صادفت ذكرى رحيله العاشرة في الثلاثين من نيسان، هو شاعر الثورة الفلسطينية، وصاحب الأغنية الشهيرة " يا جماهير الأرض المحتلة "، وابن يافا الذي حمل عبق برتقالها وشذا رياحينها.
ولد في العام 1935، وهجرت عائلته ابان النكبة الفلسطينية العام 1948 إلى قطاع غزة.
بدأ مشواره الأدبي والصحفي كمحرر أدبي في صحيفة " أخبار فلسطين "، التي كانت تصدر في غزة في الستينيات. اعتقلته سلطات الاحتلال في العام 1967 وفصل من عمله، ثم غادر القطاع إلى القاهرة، وهناك ساهم بإقامة إذاعة صوت العاصفة ثم صوت فلسطين، وبعدها أشغل مديرًا لإذاعة فلسطين في الجزائر واليمن.
اشتهر محمد حسيب القاضي بكتابة أغاني وأناشيد الثورة الفلسطينية منها :" المجد للثورة، حنا ثوارك يا بلادي، حرب الشوارع، يا شعبنا في لبنان، يا غاصبًا حقنا " وسواها.
من إصداراته في الشعر والمسرحية الشعرية : " فصول الهجرة الأربعة، نشيد للرجل والبندقية، مريم تأتي، أربعاء أيوب، أقبية الليل، إنه الصراخ وانا فيه، الرماد الصباحي، قمر للعواء، رمادك في رقصة، السدى قاطرة .. قطرة، دولة أيوب، شمهورش ". وبعد وفاته أصدر بيت الشعر الفلسطيني أعماله الشعرية الكاملة.
محمد حسيب القاضي من المثقفين والمبدعين الذين أثروا الساحة الثقافية الفلسطينية، وهو شاعر ثائر ومجدد في القصيدة النثرية، وكاتب مسرحي لمع في مجال المسرحية الشعرية مثله مثل الشاعر معين بسيسو، صور في أشعاره آلام وجراح وهموم وأحلام شعبنا الفلسطيني وتطلعاته المستقبلية، وكل أعماله الشعرية ملتزمة بقضايا الوطن والثورة وحلم العودة والاستقلال والتحرير. ألهب الجماهير بقصائده الوطنية الثورية المبكرة منذ الستينات، وأعطى للثورة وأغانيها لونًا جديدًا، ولم يتوقف للحظة عن الكتابة الملتزمة، ولم يكف أن يكون فلسطينيًا حتى النخاع، قلبًا وقالبًا، يجمع بين جمال العبارة وجمال الصورة، واستخدام اللغة الشعرية السهلة الممتنعة الحية والموحية.
محمد حسيب القاضي شكل حالة شعرية فلسطينية خاصة، واعطى الكثير للثورة والوطن السليب في مجال الشعر والنقد والصحافة، وترك بصمة في المشهد الشعري الفلسطيني المقاوم الملتزم، لكنه لم يحب الأضواء الاعلامية بعكس غالبية الكتاب والمبدعين ، ورغم حضوره في المحافل الأدبية والفنية الفلسطينية، إلا أنه كان من المهمشين، ولم ينل في حياته حقه من الاهتمام النقدي والتركيز الاعلامي.
رحم اللـه محمد حسيب القاضي، شاعر الوطن والثورة والجرح الفلسطيني، وعاشت ذكراه خالدة.