طريق الشعب
يحل اليوم الأحد 8 آذار، اليوم العالمي للمرأة الذي يحتفل به العالم منذ انعقاد أول مؤتمر للاتحاد النسائي الديمقراطي العالمي عام 1945 في باريس.
وتقام هذه الاحتفالات، سنويا، للدلالة على الاحترام الكبير للمرأة وتقدير إنجازاتها في مختلف المجالات العلمية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، وغيرها.
تحل هذه المناسبة اليوم والمرأة العراقية تواصل مشاركتها في الانتفاضة الشعبية، وحضورها الدائم في ميادين الاحتجاج، ووقوفها صفا واحدا مع الرجل، مطالبة بالحقوق العادلة التي يرفعها المتظاهرون منذ مطلع تشرين الأول الماضي، ومقدمة الدعم والمساندة للمتظاهرين، حتى أصبحت أيقونة من أيقونات انتفاضة تشرين.

تضحيات المرأة

ولم تنجُ المرأة من القمع الدموي المفرط الذي واجهت به السلطات الأمنية ولا تزال تواجه المتظاهرين السلميين. فهناك من جرحن أو استشهدن، وأخريات اعتقلن، أو اختطفن على أيدي جماعات مجهولة.
وبرز في ساحة التحرير، وبقية ساحات الاحتجاج في المحافظات، عدد كبير من النساء المتطوعات. منهن من ساعد في إسعاف الجرحى وتضميد المصابين، وبينهن من قمن بتحضير الطعام للمتظاهرين، والمساهمة في تنظيف الساحة. فيما اجتهد البعض من الفتيات بصبغ الأرصفة والرسم على الجدران، وغير ذلك من الفعاليات الفنية والثقافية التي لاقت تقديرا من قبل الجميع.
وكانت وكالات أنباء ومدونون على مواقع التواصل الاجتماعي، قد تحدثوا عن فتيات بعمر الزهور وأخريات شابات، يقفن أمام خيمات في ساحة التحرير، حاملات بأيديهن مستلزمات طبية يقمن بتوزيعها على المصابين بقنابل الغاز، من أجل إسعافهم.

طالبات طب النهرين

وكان بين أولئك الفتيات، طالبات في المرحلة السادسة بكلية الطب – جامعة النهرين، تطوعن مع بدء انطلاق الانتفاضة في مهمة إسعاف المتظاهرين. فكن يوزعن على المصابين بالغاز المسيل للدموع، محاليل ملحية ومعقمات ومطهرات مخصصة لغسل العين. بينما يتجول البعض منهن في الساحة، ويوزعن الكمامات على المتظاهرين الآخرين.
سؤدد بابان، إحدى تلك الفتيات المسعفات، تقول في حديث صحفي أن المواد الطبية كن يوفرنها من خلال جمع التبرعات المالية من زملائهن الطلبة وأساتذتهن.
وترى الفتيات أن مواصلتهن الحضور إلى ساحات الاحتجاج والمساهمة في تقديم المساعدة للمحتجين، كل ذلك "من أجل مستقبل شباب العراق". وبهذا الصدد تقول المسعفة والطالبة في كلية التمريض، سهى فاضل محنة، أن "جيلنا تعب كثيرا، لكن لا بأس، فطالما إننا مصرون على التغيير سيتحقق حلمنا"، مضيفة في حديث صحفي، أن "وجود المرأة في التظاهرات شكل فارقاً كبيرا، وأعطى دافعاً للاخوة المحتجين".

مئات النساء وسط المتظاهرين

وتعبر المتظاهرة في ساحة التحرير، ضحى سامي العبيدي، عن فرحها بوجود مئات النساء بين المتظاهرين من مختلف الأعمار والطبقات الاجتماعية، سواء ممن شاركن في التبرعات المالية، أم دعمن المتظاهرين على مواقع التواصل الاجتماعي، أم قدمن الخدمات الميدانية المختلفة، مؤكدة أنه "لم يعد هناك فرق بين متظاهر ومتظاهرة في ساحات الاحتجاج. فالكل يناضل من أجل هدف واحد".
ناشطات مدنيات ساهمن، مع بدء انطلاق الاحتجاجات، في نصب خيمة في ساحة التحرير، توفر قناني المياه ومواد غذائية وأغطية، يتم التبرع بها من قبل بعض المنظمات المدنية والمواطنين الميسورين.
تقول الناشطة المساهمة في الخيمة، رجاء عبد الحكيم، أن تبرعات كثيرة وصلتهم بعد أن وجهوا دعوة للتبرع عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مبينة أن العديد من الميسورين استجابوا للدعوة ووفروا الاحتياجات.

عمل متنوع مستمر

وتلفت الناشطة رجاء إلى انهم قاموا بشراء ثلاث مكائن لغسيل ملابس المتظاهرين "حرصا منا على نظافة ملابس أولادنا المحتجين"، مضيفة أنهم وفروا أيضا ماكينة خياطة تعمل عليها إحدى السيدات، وتقوم بترقيع ملابس الشباب التي تتمزق جراء تحركهم في فترات اشتداد القمع.
إلى ذلك ترى الناشطة انتصار مبارك، أن غالبية النساء في ساحات الاحتجاج يعملن دون توقف، ما شكلن عصبا حيويا للحراك الشعبي، مؤكدة أن "النساء العراقيات لم يكن مشاركات عاديّات في الانتفاضة، بل صرن قياديات وأصبحن أيقونة للحركة الاحتجاجية".