نورس حسن

كشفت وزارة التخطيط مؤخراً عن احصائية تفيد أن نسب الفقر في العراق تراجعت إلى 20 في المائة بعد أن كانت نسبته 22.5 في المائة، وقال معنيون ان التراجع ليس بمستوى الطموح مرجعين ذلك إلى قلة التخصيصات المالية، ما يؤدي الى عدم إكمال الخطط التي تحد من الفقر. وهناك من يربط ذلك بالمشهد السياسي المضطرب في البلاد وانعدام الوضوح والاهداف في الموازنات العامة.

موازنة استهلاكية

قال المستشار المالي لرئيس الوزراء، مظهر محمد صالح، إن موازنة العام الحالي هي استهلاكية وأغلب نفقاتها تشغيلية.

وذكر صالح، في تصريح خاص لـ"طريق الشعب" أن "موازنة عام 2020 لم تنجز عليها التعديلات بالشكل الكامل، وبصورة عامة هي موازنة استهلاكية أغلب نفقاتها تشغيلية غير استثمارية"، مضيفا "كان من المفترض أن يتم تخصيص الجزء الأكبر من الموارد النفطية المتعلقة بتنمية الأقاليم إلى المحافظات الأكثر فقرا والتي تأتي في مقدمتها محافظة المثنى التي يعاني 50 في المائة من سكانها من الفقر نتيجة غياب المشاريع الاستثمارية وتوقف الكثير من المشاريع التعليمية والصحية"، فيما لفت إلى "ضرورة إعادة دراسة الموازنة المالية وجعلها استثمارية تبنى على أسس اقتصادية، لنكون بذلك قد خطونا الخطوات الأولى للتقليل من الفقر خاصة في المحافظات الجنوبية".

معالجات لا تعالج !

من جانبه، أوضح عضو لجنة متابعة تنفيذ البرنامج الحكومي، محمد البلداوي، إن البرنامج الحكومي يمكنه ان يُقلل نسب الفقر أقل من التي اعلنت عنها الحكومة مؤخراً.

وقال البلداوي، لـ "طريق الشعب"، أن "البرنامج الحكومي يمكن أن يقلل نسب الفقر الى مستويات أقل من احصائية وزارة التخطيط"، مبيناً أن "الاوضاع غير المستقرة في البلد حالت دون تنفيذ الكثير من بنود البرنامج، وأن المعالجات المطروحة كانت بسيطة ولا ترتقي إلى ما تم صرفه من مبالغ خاصة، وقد وصلنا إلى مليون مواطن حصل على منحة ولكن دون تغيير".

وأضاف النائب "لا نستطيع القول انه لا توجد خطط او مساع لتقليل نسب الفقر ولكن العائق الأكبر هو تعاقب الحكومات والصراعات السياسية فضلا عن السياسات غير الواضحة وما يخصص في الموازنات المالية وغيرها من معرقلات تحول دائما دون تنفيذ اغلب البرامج التي تصب في مصلحة المواطن"، مستدركاً بالقول "المعالجات غير المدروسة ادخلت البلاد في دوامة الديون فضلا عن منح أموال للمواطنين لا تغير من واقعهم شيئا مثل منحة 175 ألف دينار من وزارة العمل، وتعيين اعداد هائلة من الشباب في مؤسسات ليست بحاجة إليهم وبالتالي خلقنا بطالة مقنعة دون منفعة اقتصادية".

أهداف أربعة

وفي السياق، ذكر وزير العمل والشؤون الاجتماعية السابق محمد شياع السوداني، في تصريح اطلعت عليه "طريق الشعب"، إن استراتيجية التخفيف من الفقر التي تبنتها الدولة حددت اربعة اهداف.

وقال السوداني "تمثلت الاستراتيجيات في الدخل المعيشي المناسب والتعليم والصحة والسكن الملائم"، مبينا أن "الفقر لا يعالج زاوية الدخل النقدي فقط من دون النهوض بالخدمات الاخرى لذلك أخذت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية على عاتقها تحقيق هدف الاستراتيجية المتعلقة بالدخل المعيشي وكان لها دور في تخفيف نسبة الفقر ما بين الاعوام ٢٠١٤-٢٠١٨ عبر تنفيذ قانون الحماية الاجتماعية بالعدد (١١) لسنة ٢٠١٤ الذي جاء لمعالجة اخفاقات شبكة الرعاية الاجتماعية".

وذكر السوداني، أن "استراتيجية التخفيف من الفقر للأعوام بين٢٠١٠-٢٠١٤ كانت تستهدف تخفيض نسبة الفقر من 23 الى 16 في المائة، ومع نهاية عام ٢٠١٣ وصلت 19 في المائة، علما أن سقوط الموصل وازمة هبوط اسعار النفط حال دون تحقيق ذلك"، منوها إلى أن "وضع المحافظات الفقيرة يتطلب إجراءات استثنائية لتخفيض نسبة الفقر من خلال إنشاء صندوق دعم المناطق الفقيرة وترصد له الاموال اللازمة لتنفيذ المشاريع اللازمة".

احصائيات غير مقنعة

من جانبه، يرى الخبير الاقتصادي، عامر الجزائري، أن النسب التي اعلنت عنها الحكومة لا تتطابق مع الواقع وان الارقام أعلى من ذلك.

وقال الجزائري لـ"طريق الشعب"، إن "احصائيات وزارة التخطيط لا تنسجم مع الواقع الذي يشير إلى وجود نسب أكبر في ظل انعدام الخدمات وغياب البرامج لحل ازمة السكن وتوفير فرص العمل"، مبيناً ان "الحكومة تعتقد أن النسب التي كشفتها وزارة التخطيط هي افضل السيئات مستندة بذلك الاعتقاد إلى نسبة الفقر التي كانت مرتفعة في عام 2013".

وتابع ان "اغلب الاعمال التي تمارس من قبل الشباب هي اعمال غير مثمرة ولا تصب في الناتج المحلي للبلاد وانما هي فقط استهلاك لقوتهم البدنية"، وفيما حمّل الحكومات المتعاقبة "مسؤولية الفشل في إدارة الملف الاقتصادي وتفاقم الفقر في عموم محافظات العراق"، دعا الحكومة المقبلة، إلى "تدارك الازمة وإيجاد البدائل المناسبة من خلال طرح أسس اقتصادية مدروسة وتطبيقها على ارض الواقع".

نقص التخصيصات المالية

إلى ذلك، ذكر مصدر اعلامي في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية لـ"طريق الشعب"، ان "الوزارة مستمرة في وضع خطط واجراء الدراسات للحد من نسب الفقر"، مبيناً ان "تنفيذ تلك الدراسات يعتمد على التخصيصات المالية التي ترصد للوزارة، وهذا هو العائق الوحيد امامنا".

وأوضح المصدر الذي لم يكشف عن أسمه، أن "وزير العمل، باسم عبد الزمان، طالب مرارا بزيادة التخصيصات المالية للوزارة من أجل توفير فرص عمل أكثر للعاطلين وشمول وجبات جديدة بالرعاية الاجتماعية، فضلا عن تحسين وراتب المشمولين. وأن وعودا صدرت من لجنة العمل والشؤون الاجتماعية في البرلمان بزيادة المخصصات في موازنة عام 2020".

عرض مقالات: