استذكارا لشهداء الحزب الشيوعي العراقي الخالدين، وتضحياتهم الجسام؛ زار وفد من الشيوعيين العراقيين في كندا، وأصدقائهم؛  عوائل الشهداء في مدينة لندن أونتاريو بكندا، وقدّم الوفد باقات ورد تكريماً لتضحيات أبنائهم البررة.

كانت الزيارة الأولى لبيت الشيوعي الراحل عزيز سباهي، أبي سعد (الكاتب، الخطاط، والمؤرخ)، وهو مؤلف كتاب (عقود من تأريخ الحزب الشيوعي العراقي)، وذلك لاستذكار شقيقه الشهيد صبيح عزيز سباهي. 

استقبلتنا العزيزة، أم سعد زوجة الراحل أبي سعد، و كانت فرِحة بزيارتنا، تحدثت عن الشهيد صبيح وعن انتمائه المبكر للحزب، و شجاعته، و ذكائه الحاد، وأشارت إلى نشاطه السياسي المبكر، ولم يكن يبلغ  عشرين عاماً بعد، كان حينها يعمل في مطبعة الحزب، ونتيجة لنشاطه هذا اعتقل عام 1957 وأطلق سراحه بعد ثورة 14 تموز 1958، ثم اعتقل مرةً أخرى عام 1961 فحكم عليه بالسجن خمس سنوات، وأودع في سجن الرمادي مع رفاقه الشيوعيين.

 تضيف أم سعد بمرارة، و دموعها تترقرق من عينيها، عند زيارتنا له أنا و والدته بعد انقلاب 8 شباط الأسود، عام 1963 في سجن الرمادي آخر مرّة؛ لم نكن نعرف أننا لن نراه مرّةً أخرى، لكن (صبيح) بذكائه، و قراءته للوضع السياسي، و قدوم حزب البعث الفاشي في انقلاب 8 شباط الأسود، كان حدسه كبيراً بالنتائج الكارثية، كان يومها حزيناً، مهموماً، قال لنا: أعتقد ستكون هذه زيارتكم الأخيرة لي، ولن تروني بعدها!. لقد صدق في حدسه، أخذوه من الرمادي إلى بغداد، ليلاقي أفظع أنواع التعذيب الوحشي، تحت أيدي الجلادين، فاستُشهِد وهو لا يزال في نهاية العشرين من عمره.

الزيارة الأخرى كانت لبيت الرفيق النصير الشيوعي فائز عبد الرزاق الحيدر (أبو سوزان) لاستذكار شقيقه الشهيد نافع، قال عنه: ولد الشهيد نافع عام 1949، أكمل دراسته المتوسطة و الثانوية في بغداد، وكان عضوا نشطاً في (اتحاد الطلبة العام)، وتخرج من قسم الجغرافية عام 1970.

انخرط الشهيد نافع بالعمل السياسي بوقت مبكر، و عرف بدماثة الخلق وعلاقاته الاجتماعية الواسعة والثقافة العامة، وخلال الهجمة الشرسة على الحزب نهاية السبعينيات رفض مغادرة الوطن ، وواصل نشاطه السياسي في بغداد وأصبح بعد فترة عضوا في (المكتب الصحفي للحزب) ، وفي إحدى مهماته الحزبية في بغداد في آيار 1980 لربط الخطوط المقطوعة؛ ألقي القبض عليه وتعرض إلى تعذيب بشع كما وصفه رفاقه المعتقلون.

 بعد سقوط النظام الدكتاتوري حصل الحزب على الوثيقة المرقمة (78/ ق 2/ 30862) المؤرخة  في 26 / آيار /  1984 التي تبين إعدامه مع (91) مناضلا شيوعيا، لم تحصل العائلة على عنوان مكان دفن رفاته حتى اليوم.

تبقى ذكرى شهداء حزبنا الأبطال نبراساً، وفخراً  للحزب و الشيوعيين العراقيين جميعاً، ولكل عراقي حرّ غيور؛ لتضحياتهم الجسيمة، و نكران الذات، لأرواحهم المجد والخلود والسلام، ولشهداء ثورة تشرين الأبطال.

أقام الشيوعيون العراقيون وأصدقاؤهم في مدينة ونزر الكندية أمسية استذكار الشهداء الشيوعيين الأبطال؛ بدعوة شرف لكل عوائلهم، حيث ابتدأت الأمسية بوقفة دقيقة صمت على أرواح الشهداء، ثم تلاها النشيد الوطني (موطني)، بعدها ألقيت كلمة الحزب الشيوعي العراقي، وتخلل الأمسية عرض أفلام وثائقية عن الشهداء الأبطال، وعرض ما توفر من صور لهم، كذلك ألقى الشاعر أكرم قصيدة بالمناسبة، وقدم عوائل الشهداء نبذة عن حياة كل شهيد، تخللت الأمسية أيضا أغانٍ وطنية بالمناسبة.

كما تم استذكار شهداء ثورة تشرين البسلاء من الشباب الثائرين السلميين، الذين تصدوا لقمع أجهزة الحكومة وميليشيات الأحزاب الحاكمة، وهم يطالبون باستقالة الحكومة، ومحاكمة الفاسدين، وإلغاء المحاصصة الطائفية والإثنية، فقدموا أروع الأمثلة في التضحية والفداء للوطن، وشعارهم (نريد الوطن)

المجد والخلود لشهداء الحزب الشيوعي العراقي، المجد والخلود لشهداء ثورة تشرين..

عرض مقالات: