طريق الشعب
شباب يافعون وصبية يموتون أسبوعياً تحت نيران قمع القوات الحكومية والمجاميع المسلحة. فقد مضى على الاحتجاجات العراقية أكثر من أربعة أشهر، ولا يزال المحتجون يلازمون ميادين الاحتجاج ببسالة، مطالبين بوضع حد لنظام سياسي صادر أحلامهم بمستقبل جميل، وتطلعاتهم لبلد ذي سيادة، في منأى عن التدخلات الخارجية والإقليمية.
واستطاع المتظاهرون بإصرارهم، نيل بعض المكتسبات، مثل إجبار رئيس الوزراء على تقديم استقالته، والبرلمان على تشريع قانون انتخابي جديد. لكن هذه المكاسب جاءت مقابل دماء كثيرة، لا تزال تنزف حتى اليوم أمام القمع الوحشي من قبل أمن السلطة والجماعات المسلحة.
حيدر صباح ، ناشط ومصور يوثق أحداث العنف التي يتعرض لها المحتجون في ساحة التحرير، يقول في حديث صحفي أن "ثورة تشرين جعلتني أدرك أني أحب العراق اكثر مما كنت أتوقع"، مضيفا قوله: "أنا مصر على مواصلة الاحتجاج لحين تحقيق مطالبنا العادلة. فإذا بقى الوضع السياسي على ما هو عليه، فإن أطفالي سيواجهون حياة مأساوية".
ويوضح صباح إنه مضى على تواجده في ساحة التحرير اكثر من 100 يوم، مشيراً الى أنه قلما يذهب إلى بيته. فمعظم أوقاته يقضيها في توثيق أحداث الاحتجاج، ونشر ما تلتقطه عدسته من صور وأفلام بشكل مباشر على صفحته في فيسبوك، وذلك في "خيمة البث المباشر" التي يعتصم فيها مع زملاء له.
ويؤكد صباح انه تلقى تهديدات عدة من جماعات مسلحة مجهولة، ما دفعه الى تغيير محل سكنه خشية إلقاء القبض عليه في منزله القديم.
ما يدل على إصرار المحتجين وقوة عزيمتهم، هو أنه بعد أن تم حرق خيمهم وترويعهم من قبل قوى الأمن، حدث شيء مدهش. إذ تضاعفت أعدادهم بدل نقصانها، وتم تنظيف أماكن الحرق ونصب خيم جديدة. وقد تعهد المحتجون بالابقاء على زخم قضيتهم التي قدموا ضحايا من أجلها.
ناشطون عديدون يعتصمون في خيمات مختلفة في ساحة التحرير، يؤكدون أن شعور التحدي إزداد لديهم اليوم أكثر من أي فترة مضت، خاصة بعد أن اشتد القمع ضدهم من قبل السلطة ومناصريها.
يقول ياسر، وهو طالب في كلية الطب ويتواجد في ساحة التحرير، انه "جئت هنا لأقول بأنني مستعد لأموت في سبيل بلدي. وهذا يعبر عن صدقي أكثر من أي وقت سابق. فقد رأينا ما نفذوه من قمع وحشي بحق أشخاص طالبوا بالتغيير. ورغم ذلك ليست هناك عودة للوراء".
ولا يزال المحتجون العراقيون مصرون على تحقيق المطالب العادلة التي خرجوا من أجلها، متحدين القمع الدموي، ومطالبين المجتمع الدولي والجهات الأممية، بالتدخل لنصرة قضيتهم الحقة.
ويتطلع المحتجون – وفقا للعديد منهم، إلى تغيير نظام سياسي فاشل مبني على محاصصة طائفية ومحسوبية، وتشكيل حكومة وطنية ذات سيادة وطنية، لا تتبع أي إملاءات حزبية ضيقة أو خارجية وإقليمية.