داخل العبادي

ضيّف التيار المدني الديمقراطي في محافظة الديوانية، أخيرا، عضو المكتب التنفيذي للتيار الرفيق د. علي مهدي، الذي قدم محاضرة بعنوان "التيار الديمقراطي بين المنطلقات والرؤية المستقبلية".

المحاضرة التي استمع إليها جمع من المثقفين والناشطين والإعلاميين والمهتمين في الشأن السياسي، أدارها الناشط المدني عيسى الكعبي، الذي قدم نبذة عن نشاطات التيار المدني في الديوانية، خلال الفترة الأخيرة، والتي تضمنت تشكيل فرق عمل لتساهم في النهوض بواقع المدينة "المأساوي"، مؤكدا "أننا نعمل على استقطاب شخصيات مهمة من اجل تعزيز دور المواطن، وبناء الدولة المدنية.. دولة المؤسسات والقانون".

د. علي مهدي، وفي معرض محاضرته، قال أن التيار الديمقراطي نتاج القيم الديمقراطية التي كانت بعيدة عن المجتمع العراقي، والتي بنيت على سنين من التخلف والاستبداد والحكم الشمولي.

وأضاف قائلا أن الديمقراطية "دخلت إلى العراق أوائل القرن الماضي من خلال عاملين خارجيين، أولهما تأثير الثورة الفرنسية التي قادتها البرجوازية سنة 1789، والتي كان لها صدى على عموم أوربا وكذلك على الدولة العثمانية. فيما العامل الثاني هو اثر الحركات المطالبة بسن دساتير تستند إلى سيادة الشعب، وتنهي الحكم المطلق في روسيا عقب ثورتها سنة 1905، وقيام الحركة المشروطية في ايران سنة 1905 - 1906 ونجاح الانقلاب في تركيا سنة 1908 وإعادة العمل بدستور 1876 ... هذه الاحداث، وبقيامها، أصبحت الأفكار الديمقراطية الدستورية موضع اهتمام الأوساط الثقافية التركية، التي بدورها كانت مؤثرة على المثقفين العراقيين".

واشار المحاضر إلى أن انبثاق الارهاصات الأولى للفكر الديمقراطي، بشقيه السياسي والاجتماعي، في العراق، تمت من خلال بعض المثقفين أبان عشرينيات القرن الماضي، وعبر دورهم في الكتابة والترجمة وإصدار الصحف وتأسيس دور للنشر والطباعة، بغرض بث الوعي الديمقراطي في صفوف المجتمع، ذاكرا من بين هؤلاء المثقفين حسين الرحال، محمود احمد السيد، عبد القادر إسماعيل البستاني، كامل الجادرجي، محمد حديد، عبد الفتاح إبراهيم وجميل توما.

وتابع القول أن أول الاشكال التنظيمية للديمقراطية في العراق، تجسد من خلال تشكيل "جماعة الأهالي" سنة 1930، التي تميزت بدعوتها لإصلاح الحكم من خلال التغيير السلمي التدريجي، والتي انحصر نشاطها بمجموعة من المثقفين داخل المدن، مضيفا انه بعد اربع سنوات، تشكل الحزب الشيوعي العراقي (1934) الذي وسع من نشر القيم الوطنية والديمقراطية في أوساط العمال، الذين كانوا يتركزون في مشاريع أقامها المحتل البريطاني، وكذلك في أوساط الكسبة والحرفيين والفلاحين.

واستعرض د. مهدي العلاقات التي سادت بين طرفي الحركة الديمقراطية أبان الاربعينيات والخمسينيات، وعوامل انحسار التنظيمات الديمقراطية في ظل النظم الدكتاتورية والشمولية، وتزامن ذلك مع الحصار الاقتصادي، حتى الاحتلال الأمريكي للعراق سنة 2003، متطرقا إلى التجارب التحالفية ذات الطابع السياسي والانتخابي، وإلى الانتخابات الأخيرة، وتحالف بعض قوى "تقدم" مع التيار الصدري، وتشكيل تحالف "سائرون"، ومؤكدا ان "كل القوى الوطنية الديمقراطية المدنية في "تقدم" لم يكن لديها أي خلاف حول فكرة التحالف مع الصدريين وتشكيل "سائرون"، انما الخلاف انحصر حول بعض الإجراءات التنظيمية ليس إلا. ومع ذلك ليس المطلوب التوقف فقط عند هذا الحدث وكأن كل شيء انتهى، فلا بد من تجاوزه والتفكير في المستقبل".

وانتهى المحاضر في محاضرته إلى ان "الظروف اليوم مناسبة اكثر من أي وقت مضى لاستعادة القوى المدنية الديمقراطية مكانتها، بعد الفشل الذريع لقوى الإسلام السياسي في بناء مقومات الدولة المدنية الديمقراطية العصرية، كونها لجأت الى المحاصصة وإشاعة الفوضى والفساد الذي استشرى في كل مفاصل المجتمع طيلة فترة هيمنتها على مقدرات العراق".

وتخللت المحاضرة مداخلات قدمها عدد من الحاضرين، وعبروا فيهم عن حرصهم الشديد على مسار تجميع القوى المدنية الديمقراطية الوطنية، وعلى تجاوز الإخفاقات السابقة، والسعي الحثيث إلى ربط هذه الأطر من التحالفات مع حاجات الجماهير وهمومها.

وبعد أن عقب د. علي مهدي على مداخلات الحاضرين، قدمت له باقة ورد باسم التيار المدني في الديوانية.

عرض مقالات: