لا جدال في ان الوطن في خطر. ربما هناك اختلاف في تقدير مدى هذا الخطر وشدته. كذلك - وهذا هو الأهم - أسبابه ودوافعه ومن يقف خلفه، وطرق وأساليب معالجته.

المنتفضون والمحتجون رفعوا شعار “ نريد وطن “ ولسان حالهم يقول انه سلب منهم. ومن المؤكد ان إعادته تتطلب معالجة أسباب السلب، وتأمين ارجاع الوطن معافى الى اهله وناسه وهم الأحق به وبالتمتع بخيراته وثرواته .

من اين يأتي الخطر على الوطن ؟ العوامل والدوافع عديدة دون شك، وأشدها ما له صلة بالداخل، من دون التقليل من شأن المخاطر والتدخلات الخارجية .

والمخاطر تتفاقم جراء حالة اللادولة وفقدان سلطة القانون، وبفعل الاستعصاء السياسي والاحتقان الاجتماعي وتقسيم البلد الى  طوائف ومكونات ومذاهب وبيوتات  على حساب المواطنة، كذلك نتيجة الازمات  الاقتصادية والمالية والاقتصادية والاجتماعية والمعيشية والصحية والخدمية المستحكمة.

ويرتفع منسوب المخاطر مع تغوّل المليشيات، ومع فلتان السلاح واحتدام الصراع بين قوى مدججة به، بخفيفه وثقيله .

وما يزيد القلق ويضاعفه سعي البعض الى تجاوز المنافسة السلمية والديمقراطية، وعدم احترام الاختلاف في العمل السياسي، ومحاولة فرض الآراء والمواقف بالعنف والبطش، بما في ذلك  القتل العمد والاغتيال السياسي.

ويضاعف حجم هذه المخاطر أيضا إصرار القوى المتنفذة على السير في النهج ذاته، نهج منظومة المحاصصة المتشابكة مع الفساد، والعاجزة عن تقديم الحلول، والتي يضعف مجمل سياستها الوحدة الوطنية ويهدد السلم الأهلي ويفتح أبواب البلد على مصاريعها امام اسوأ الاحتمالات.

نعم، الوطن في خطر. وقد اشرنا بعض الأسباب أعلاه، وليس بينها في جميع الأحوال ما يمت بصلة الى المنتفضين والمحتجين السلميين، الذين لم يخرجوا الى الشارع الا بعد ان طفح الكيل وفاض الاناء، وبعد ان قلت الوسيلة ولَم يبقَ الا ركوب الأسنة .

كيف السبيل ياترى الى وطن آمن ومستقر، لا مكان فيه للعنف والقهر والفقر والجوع والمرض؟ وطن يوفر فرصا متكافئة للعراقيين جميعا، وقدرا من العدالة الاجتماعية؟ وطن يتمتع بالاستقلالية في مواقفه وقراراته الوطنية، بعيدا عن التدخلات الخارجية أيا كان  مصدرها؟

هذ ه التساؤلات تقود الى طرح موضوعة التغيير، والحاجة الى التغيير، وكيفية الوصول الى توازن القوى المطلوب لانجازه. وذلك جهد يفترض ان يشمل مجاميع وفئات وقوى متعددة، شعبية وجماهيرية وسياسية، حريصة على تجنيب الوطن ما يهدده من مخاطر، وعلى معالجة أسبابها الواقعية وليس المفترضة والمتخيلة!

ان من الواجب عدم الاستهانة بالمخاطر المحدقة او التقليل من شأنها، وان الوطنيين الحقيقين لمدعوون الى الوقوف في وجهها وتجنيب البلاد شرورها.

عرض مقالات: