كلّما أقرأ أو أسمع خبراً عن فاجعة ما، ضحيتها امرأة، أتذكر فواجع كثيرة حدثت في قريتنا وما جاورها، كانت الضحايا فيها نساء، ولأسباب تافهة جداً. مرّةً سمعنا أن أحدهم ذبح أخته، قيل دفاعا عن الشرف والسمعة، وتبيّن لاحقا أنها الشرف ذاته وسُمعتها أصفى من البياض، ليندم أشدّ الندم ويموت كمدا!
ومرّةً أحرقت امرأة نفسها بعد أن صبّت النفط على جسمها ثم أشعلت النار، بسبب سوء معاملة زوجها لها، تاركة أطفالاً ثلاثة. وغير ذلك الكثير. ولا نزال نسمع عن سوء المعاملة التي يقابل الزوج بها زوجته، وقد لمستُ ذلك في حالة ابنتي التي اشترت حرّيتها وراحتها وسلامتها بمهرها المؤجل، بعد أن تنازلت عن كل شيء لتتخلّص من زوجٍ جاهلٍ ارعن، لا يعرف معنى الإنسانية أبدا، وهو من جاءنا عند الخطبة والزواج وأول شهر بعده، وكأنه ملاك!
سواء تحدّثت عن ابنتي أو جارتي أو أي امرأة عراقية لم تر السعادة والراحة والأمان مع رجل لا يعرف قدر المرأة، لم أفِ حق الانثى المسكينة التي لولاها لما كنّا موجودين في هذه الحياة أصلا!
المرأة .. هي الأرض، حينما ترعاها وتعتني بها وتزرعها ستعطيك نبتا صالحا وثمرا دائما، ولولا المرأة لما جئنا إلى هذه الدنيا أبدا. ما كان للحياة وجود على ظهر هذا الكوكب لو لم يكن هناك ذكر وأنثى!
كيف ستتوالد الكائنات وتتكاثر إذا لم تكن هناك أنثى ؟! ولو كان الذكر وحده في الوجود، فهل كان يستطيع العيش والتكاثر كل هذه الآلاف من السنين؟!
الأسئلة كثيرة عن حتمية وجود عنصر آخر لتكتمل دورة الحياة في الطبيعة، إذ أن لكل كائن جنسين هما الأساس في تكاثره واستمراريته، والكائن البشري مكون من هذين الجنسين أيضا ، ذكر وأنثى متكافئان ومتساويان في كل شيء. لذا علينا أن نعرف جيداً هذا التكافؤ وهذه المساواة، ونضع الحدود والقوانين الحقيقية التي تراعي حق الاثنين معا، لأن احترام الأنثى وإعطاءها حقها وتقديرها، واجب إنساني على الجميع أن يعمل بموجبه!
المرأة هي الأصل، هي الرحم والمنبت والنهر الساقي والنبض في العروق، الرجل يرمي شهوته في لحظة لذّة كبيرة، لتتحمّل المرأة تخصيب البويضة ونمو الجنين في رحمها تسعة أشهر، يشاركها الغذاء والدم والنبض والتنفس، وفي قمة الألم والوجع تأتي الولادة، ثم الرضاعة والعناية والتربية وكل شيء، هذا يعني أنها كل شيء لنا في الحياة!
ما علينا إلاّ أن نفكّر جيدا، ونراجع أنفسنا لنعرف أي قلب طعنّا، ايّ روح احزنّا ونفس كسرنا، عندما نعاملها بقسوة! لماذا نعذّبها ونعنّفها؟ ألانها ضعيفة ومهيضة الجناح دائما ؟! ألانها رقيقة وحنونة وطيّبة دائماً ؟! هل ننسى أنها العالم كله ؟!
المرأة قارورة العسل، يجب أن نعرف قيمتها الحقيقية جيدا، ولا تأخذنا الجهالة والرعونة والحماقة وقلّة الوعي في النيل منها!
ألا تشاركنا في كل شيء ؟! وأقرب دليل على ذلك وقوفها مع أخوتها الشباب المنتفضين المطالبين بوطنهم، وبإصلاح المنظومة الفاسدة وبحرية الشعب وكرامته، وتقديمها القرابين من بنات جنسها شهيدات على مذبح الحرية دائماً!
المرأة نصفنا الحلو، لماذا نجعله مُرّاً ؟!
بل نهي صف المجتمع وأساس بنائه، علينا أن نسعى وبقوة إلى تشريع قانون ضد العنف الأسري، ونؤكد احترام حقوق المرأة وإنسانيتها، إذا كنّا إنسانيين حقاً!
ليس مجرد كلام.. المرأة ... قارورة العسل! / عبد السادة البصري
- التفاصيل
- oscar
- آعمدة طریق الشعب
- 3951