تخبرنا التجربة العالمية بإمكانية تحويل النفايات الضارة الى مادة نافعة ونحن نعرف ان النفايات تشكل بحالتها الطبيعية مصدرا للأمراض والفتك بالجنس البشري ولكنها
في عالم اليوم يمكن ان تتحول بفعل التطور العلمي والتقني الى مصدر اساسي لتوليد الطاقة البديلة والتي بدورها ستحرك الاقتصادات الراكدة اذا ما سعت الدولة الى تنشيط الاستثمار في اعادة تدوير ملايين الاطنان من المخلفات الصلبة والسائلة ومعالجتها لتحقيق تغييرات حقيقية.
وبالمناسبة يمكن النظر بإيجابية وتفاؤل الى مخرجات مؤتمر جمعية البيئة والصحة العراقية الذي انعقد مؤخرا تحت شعار ( معالجة وتدوير النفايات في العراق بين متطلبات البيئة والصحة وفرص الاستثمار) المنعقد في لندن لبحث معضلة تراكم النفايات في العراق كنتيجة للنشاط البشري وضرورة التقليل من استخدام الطاقة الاحفورية في العراق والانبعاثات الكربونية والتوجه الى استخدام الطاقة النظيفة واعتمادها كمورد اقتصادي باستخدام الطرق التكنولوجية الحديثة وتحويل النفايات العضوية الى اسمدة مفيدة في تنشيط القطاع الزراعي والى طاقة كهربائية او حرارية .بل واكثر من ذلك استخدامها في المعالجة الصناعية والتدفئة المركزية .
ان الكثير من الابحاث العالمية في مجال توليد الطاقة ما كان لها اعارة هذا الاهتمام الاستثنائي في تدوير النفايات لولا تعاظم اليقين من ان التخلص من النفايات وتخليص المجتمع من اضرارها وامكانية تحويلها الى وسيلة لاسترداد الموارد القيمة والى طاقة في سلسلة من الادارة المستدامة بل واصبح بالإمكان استخدام 90 في المائة من المعادن الموجودة في رماد القاع ومخلفات الاحتراق في تمهيد الطرق التي تحولت في بلادنا الى اماكن لا تصلح للنقل وللعلم فان المحطات الحديثة التي تقوم بتحويل 99 في المائة من النفايات الى طاقة ذات كفاءة عالية تستطيع تكثيف غاز المداخن بمعدل استرداد الطاقة بنسبة تتراوح بين 20 في المائة و25 في المائة مما يؤدي الى تحسين الايرادات وخفض الاحتباس الحراري فتتحول في لحظة ما الى مصدر مالي نحن في أمس الحاجة اليه.
ان مما يشجع السلطات العراقية المختصة على المضي في التوجه لاستخدام الطاقة النظيفة من خلال تدوير الكم الهائل من النفايات التي تنتشر بأكوام متراكمة اشبه بالتلال هو التوسع في استخدام تدوير النفايات في دول اخرى مثل السعودية والامارات وقطر ومصر وفي تركيا يجري تجهيز مائة الف دار في اسطنبول وحدها بالطاقة الكهربائية المتولدة من النفايات كما تستخدم 100 محطة في امريكا الشمالية و500 في اوروبا و1600 في اسيا لتكون هذه النفايات المتراكمة مصدرا ثالثا للطاقة المتجددة بعد الشمس والرياح والاجتهاد في وضع الخطط لتدوير القمامة او تحويلها الى سماد وتحويل القمامة المحترقة الى وقود سائل او غازي من خلال التطور الكبير في علم ادارة النفايات الصلبة .
واية خطوة جادة تتخذها الحكومة المقبلة للاستفادة من النفايات تعطي دلالة على جديتها في معالجة التحديات التي تواجهها والتي تتمثل في النمو السكاني الكبير والتوسع في المدن الكبرى والتخلص النهائي من عمليات سرقة الثروة وتهريب الاموال وقبل كل هذه التحديات التحلي بالإرادة الصلبة في تحقيق التغيير المنشودة. ونعتقد ان المقترحات التالية ستسهم في دعم الخطط الحكومية باتجاه تدوير النفايات نجملها في الآتي:
1. تشكيل هيئة وطنية مستقلة لمراقبة البيئة العراقية تتكفل بوضع الخطط اللازمة للحد من العوامل التي تؤدي الى تلوث البيئة من خلال استخدام الكوادر الكفؤة والنزيهة تضع في حسابها تخليص البلد من الاجواء الملبدة بالأبخرة الكربونية والكبريتية وخاصة العاصمة بغداد.
2. وضع الخطط الكفيلة بتدوير ومعالجة النفايات في مقدمة البرامج الحكومية مع وضع التخصيصات المالية وتشجيع فرص الاستثمار بوجهة تحويل النفايات الى طاقة متجددة على اساس الاقتصاد الدائري والتنمية المستدامة
3. العمل على تقليص الانبعاث الكربوني للتقليل من التغيير المناخي وان يكون مؤشرا مهما في المشاريع الصناعية والزراعية وتنشيط حملات التشجير ورفع درجة الوعي المجتمعي من خلال تنظيم ورش تدريبية لرفع مستوى المناهج البيئية في المدارس.

عرض مقالات: