فيما يزداد الوضع في بلادنا توترا وتدهورا بفعل عوامل مختلفة، آخرها مخاطر فايروس "كورونا "، يواصل المتنفذون الحاكمون التشبث بحصصهم، وبالمحاصصة نهجا يضمن استمرار نفوذهم وفسادهم.
وقد عاد المراقبون يشيرون الى تفاهمات وصفقات في ما بينهم، وكاننا ما زلنا قبل الأول من تشرين الأول ٢٠١٩، او ان شعبنا لم يقدم مئات الشهداء وآلاف الجرحى والمعاقين، وهو الذي انتفض بغالبيته ضد الأقلية الحاكمة الفاسدة ومنهج المحاصصة والفساد، ومن اجل ان يكون الشخص المناسب في المكان المناسب وان يتم الاختيار حسب الكفاءة والنزاهة والوطنية.
وواضح ان المتنفذين الحاكمين يتحركون في اتجاهات تبدو ظاهرا متقاطعة ومتناقضة، لكنهم في واقع الحال متفقون على أمور اساسية، منها ان لا يمس جوهر نظام المحاصصة وطبيعته. وكما في كل مرة تتصاعد فيها حدة الخلاف بينهم، نجدهم يتوافقون في النهاية على صفقات تديم مصالحهم لا مصالح الشعب، ولا تلبي مطالب المنتفضين الذين قالوا كلمتهم الواضحة ووضعوا معاييرهم لرئيس الحكومة القادمة ووزرائها، وما يتوجب عليها القيام به من مهمات خلال مدة زمنية محددة، وان تباشر العمل بعد الموافقة عليها في مجلس النواب .
ورغم الإعلان عن إمكانية تقديم هذه الحكومة الى مجلس النواب يوم غد الاثنين، فان حدة الخلافات ما زالت في تصاعد، وحالة النقد على اشدها للآليات المتبعة في تشكيل الحكومة، كما يستغرق البعض كثيرا في موضوع الآليات وليس في برنامج الحكومة وما يمكن ان تنهض به، ويسعى الى التغطية على ذلك عبر الحديث عن مطالب الانتفاضة، وهو الذي ظل متفرجا ازاءها، ولَم يقف موقفا واضحا وجادا من عمليات القمع والقتل والاغتيال والاختطاف التي تعرض لها المنتفضون.
لم يدرك المتنفذون حتى هذه اللحظة ان الوضع في بلادنا تغير كثيرا، وان من غير الوارد ان يعود الى ما كان عليه قبل الأول من تشرين الأول ٢٠١٩، حتى لو استخدمت كل أدوات القمع والمال والسلاح والكذب والتضليل وتشويه الحقائق والافتراء، فهم بمواقفهم انما يلحقون المزيد من الأذى بالشعب العراقي.
لقد اثبتت الانتفاضة على نحو جلي انها عصية على القمع مهما اريق من دماء المنتفضين، وان لا طريق نحو إنهاء حالة الاستعصاء والانسداد السياسيين، غير الاستجابة السريعة لمطالب المنتفضين، وتشكيل حكومة كفوءة قادرة على إنجاز مهمات هذه المرحلة الحرجة والحساسة.
وان تحقيق ذلك وإجبار المتنفذين على الرضوخ لمطالب المنتفضين، يفرض استمرار حركة الاحتجاج والتظاهر.
ان أوضاع بلدنا لم تعد تقبل التسويف والمماطلة، فالمخاطر محدقة من كل حدب وصوب.

عرض مقالات: