على إثر تذبذب وتعثر جميع المفاوضات التي اجراها العراق مع الدول المتشاطئة معه بخصوص حصته المائية، وبالتحديد مع تركيا التي اكملت حتى الآن انشاء مائة وثمانين سدا متنوعة الاحجام على نهر دجلة، معها سد "أليسو" العملاق، تضاف إلى ذلك تجاوزات ايران على اكثر من اربعين نهرا تنحدر من اراضيها الى الاراضي العراقية، بما فيها أنهار "الكارون" و"الكرخة" و"الوند"، علاوة على تجاوزات الجارة سوريا على حصتنا من مياه نهر الفرات المنحدر من اراضيها، على إثر ذلك كله حصل نقص كبير في كميات المياه الطبيعية التي يحتاج اليها العراق.
ان انخفاض نسب المياه الواصلة إلى العراق، تسبب في تراجع الزراعة بشكل كبير جدا، وتحديدا في الاراضي الزراعية الشاسعة الواقعة ضمن منطقة الفرات الاوسط، والبعيدة عن الانهر الرئيسة. فهي لا تزال تعتمد اعتمادا كليا على الروافد المتفرعة عن نهر الفرات، والتي باتت اليوم لا تؤدي دورها بشكل فعال، بسبب اهمالها وعدم كريها بانتظام وتبطينها بالاسمنت او اللدائن، الأمر الذي ادى الى تكدس وتراكم الطمى والازبال والادغال وضياع كميات كبيرة من المياه بين ما تمتصه التربة، وما يتبخر في فصل الصيف مع ارتفاع درجات الحرارة. وقد استفحلت مشكلة التصحر على إثر تراجع الزراعة، حتى شملت معظم أراضي البلد. وهناك العديد من المشكلات الأخرى الناتجة عن انخفاض مناسيب المياه، كشف عنها أخيرا، مدير الموارد المائية في محافظة الديوانية، إسماعيل عبد الواحد، عبر وسائل الإعلام.
خلاصة القول، ومع ضرورة مواصلة السعي إلى تأمين حقوقنا المائية، لا بد ان تكون هناك جهود استثنائية لتكييف سبل الزراعة المحلية مع البيئة الجديدة القاسية. فلو نظرنا الى الواقع الزراعي في العراق بشكل عام، نجده تقليديا ونمطيا، بل انه بدائي في بعض الاحيان. فما زال قطاعنا الزراعي معتمدا بشكل أساسي على وفرة المياه، وبعيدا كل البعد عن التقنيات الحديثة المعمول بها في العديد من الدول التي تعاني التصحر والجفاف، والتي حققت نجاحا في الانتاج الزراعي بكميات محدودة من المياه.
كذلك يجب الاكثار من المرشات العملاقة المتحركة في سقي الحقول، واستغلال عروض تشييد المدن أو القرى الزراعية العصرية، التي قدمها إلى العراق بعض الشركات الرصينة.
ويجب ألا ننسى ان بلدنا يمتلك كليات ومعاهد واعداديات زراعية عريقة، بالامكان الاستفادة من خبرات كوادرها في تكييف الزراعة مع البيئة الجديدة.