صباح الوطن المثخن بجراح المحاصصة والفاسدين والسراق..
صباح الوطن الجميل بصورة الشبيبة المنتفضة على نظام القتلة!
حملت دمك على راحة يدك وكنت عصيا على الموت.. ركبت المخاطر وتنقلت بين بؤر متوترة لا يدخلها الكسالى وعشاق " المكاتب"، فتنقلت بين افغانستان وبيروت ودمشق وعدن وكردستان. لم يرف لك جفن، ولم يأخذك خوف من الفاشية العراقية المدججة بالسلاح والكراهية! فما إن سقطت تلك الفاشية حتى سارعت بالعودة لوطنك، تاركا خلفك الحياة الوفيرة الباردة والهادئة..تركت خلفك عائلتك وعاصمة الضباب لتعيش في عاصمة التراب! اجل آثرت أن تعيش في بغداد المضطربة، حيث الطائفية المقيتة، والحرب على الهوية، والعشيرة التي تنصر الظالم إن كان اخا أو ابن عم، وأحزاب فاسدة سرقت من المواطن لقمة عيشه المتواضع، وعممت الخراب، وروجت لثقافة دهاليز العصور الوسطى المظلمة.
كنت لي عونا في إيضاح " الصورة " المشوشة! فكنت لي رفيقا وصديقا وزميلا لا يبخل برأي ولا يخشى قول الحق حتى في اقرب الناس اليه..
وحّدنا القلم والعمل الصحفي وكتابة العمود، انت في ضفاف "المدى" وانا على " الطريق"!
بقيت كعادتك هادئا متطامنا حكيما كريما، لا تخدش الارض بقدميك، لكنك صارم مع الظالم والفاسد.
وحّدتنا "الكلمة" التي أجدت استخدامها للدفاع عن أبناء جلدتك من كادحين ومثقفين وصحفيين، فسارعت لتأسيس بيت للملمة شلة جمع من الصحفيين امثالك، لا يبجلون حاكما ولا يقبلون مالا سحتا! ففتحت آفاقا جديدة للتعامل الديمقراطي في مهنة المتاعب.
غبت جسدا، لكن حضورك الحقيقي ما زال موجودا بيننا. سنبقى نقرأ، وبتمعن، شناشيلك الجميلة، وسنستخلص الدروس من "الشناشيل" التي كنت تكتبها لان كلماتك لم تكن للراهن من الأحداث فقط، بل إنها ترسم سمات المستقبل الذي سيكون لنا حتما، فنم هانئا سنسير على خطاك..
واقول لك اخيرا: لو كان الموت رجلا لقتلته!