التظاهر حق دستوري تكفله القوانين في مختلف أنحاء العالم، باستثناء قوانين الأنظمة الدكتاتورية الشمولية. وكلنا نعرف ماذا فعل نظام صدام حسين، كنموذج للنظام الدكتاتوري-الشمولي، في تعامله مع انتفاضة آذار ١٩٩١، حيث تم دفن من انتفض ضد ذلك النظام حيا، والمقابر الجماعية المكتشفة بعد السقوط خير مثال على ما نقول بشأن همجية نظام صدام.
فهل نريد اليوم أن نتشبه به؟!
تسرب تسجيل صوتي لرئيس مجلس محافظة بابل، وهو يدعو القوات الامنية لاعتقال أية مجموعة تتجمهر في اي مكان، حتى لو كان عددهم خمسة أشخاص!
أما في بغداد فإن ما حصل في التعامل مع المتظاهرين يندى له الجبين! آلاف الجرحى وأكثر من مائة شهيد من المتظاهرين خلال أيام معدودة.
في اكوادور تراجع إنتاج النفط إلى الثلث بسبب سيطرة المتظاهرين على مواقع إنتاج نفطية
الرئيس لينين مونيرو يفرض حظر التجوال ولكن بدون إراقة لدماء المواطنين، وليس هذا فحسب بل إن حظر التجوال رافقته دعوة صريحة من الرئيس إلى مناقشة قضية زيادة أسعار المحروقات وإمكانية التراجع عن تلك الزيادة!
المتظاهرون في اكوادور يهاجمون محطات للتلفزيون الحكومي ويقيمون المتاريس ويواجهون رجال الأمن بسلاح مسيل للدموع صنعوه محليا. ومع هذا لم يسقط هناك مواطن واحد مضرجا بدمائه، بينما في عراقنا تقوم مجاميع غير معروفة! (مجهولة بالنسبة لنا او نخشى ان نسميها، بينما الدولة تعرف من اين جاءت تلك المجاميع) تقوم بمهاجمة القنوات الفضائية ومكاتبها الإعلامية وتعتدي على الاعلاميين.
وفي لبنان نتابع هذه الأيام التظاهرة المليونية في مختلف المدن اللبنانية ضد الأحزاب الحاكمة المختلفة التي ابرمت عهداً على سرقة اخر ليرة من جيب المواطن. وقام المتظاهرون بقطع الشوارع، بينما المندسون قاموا بسرقة بعض المحلات التجارية والاعتداء على القوات الأمنية ومع هذا لم يستشهد متظاهر برصاص قوات الحكومة!
الديمقراطية من دون توفير لقمة عيش كريم لا نفع فيها، والديمقراطية بدون توفير الأمن لا خير فيها، والديمقراطية بدون خدمات تفيد حياة المواطن لا نفع فيها.
الديمقراطية وسيلة سياسية لإنجاز مهمات بناء الوطن، الملقاة على عاتق السلطات الثلاث، دون كذب أو مراوغة أو وعود باهتة بالاصلاح لا تغني ولا تسمن!

عرض مقالات: