صلاح چياد المسعودي بصراوي المظهر بسمرته المشوبة بلون القمح، وبطيبة واضحة على محياه..يا لجمال وجهه وكلامه ورقة قلبه!

اتخذ، منذ نعومة أظفاره الرسم هواية له، فاجاد.

وأبدع فيها، هو ورفيقه المبدع فيصل لعيبي، وبقي الاثنان متلازمين حتى كتابة هذه السطور، فلا يمكن أن تتحدث عن أحدهما وتتجاهل الآخر!

نالا الجوائز قبل دخولهما معهد الفنون الجميلة ومن ثم أكاديمية الفنون.. صارا في نهاية ستينيات القرن الماضي وسبعينياته رايتين خفاقتين في سماء الفن التشكيلي العراقي، وما زالا يجتهدان!

ارتبطا في عمر مبكر بالحزب الشيوعي العراقي.

اقاما معارضَ مشتركة في اكثر من عاصمة، وساهما في معظم المعارض الكبيرة التي يقيمها الحزب الشيوعي العراقي بمناسبة ذكرى التأسيس السنوية. سافرا سوية إلى باريس، واكملا دراستهما الأكاديمية في أرقى مدرسة فنية فرنسية " الفنون الجميلة /  البوزار".

فيصل ترك فرنسا في ثمانينيات القرن الماضي وذاع صيته، عن استحقاق في كل العواصم التي حل بها.

اما صلاح جياد فبقي ماكثا في فرنسا، يعمل في ساحة "المونمارتر" الشهيرة رساما للپورتريت باقتدار كبير، حتى ذاع صيته في هذه الساحة. اما في مرسمه الخاص فانكب على انجاز لوحات عمّق فيها مراميه الفنية الحديثة، وزينت رسوماته بعض محطات مترو الانفاق الباريسي.

رسم صلاح صوراً شخصية "بورتريت" لمعظم الشخصيات السياسية والفكرية والفنية العراقية وكانت حصة الاسد لاغلفة "الثقافة الجديدة" ولبقية منشورات حزبه الشيوعي.

يرقد صلاح في هذه الايام في المستشفى عليلاً، ضئيل الجسد، مكسور الجناح!

 لكنه ما زال يتمتع بذاكرة متقدة وبروح دعابة لا تفارقه. يسأل عن احوال رفاقه و"الشبيبة" وحال الثقافة في الوطن.

رفاقه واصدقاؤه الذين احتفلوا، نهاية الاسبوع الماضي، بالمشاركة في بمهرجان اللومانيتيه في خيمة "طريق الشعب"، لم ينسوه،  فخصصوا جناحا للوحاته  باعتباره شخصياً احدى علامات الخيمة البارزة فنانا ومناضلا طيلة أكثر من أربعة عقود! واقيمت ندوة حوله داخل الخيمة، تحدث فيها الفنانان فيصل لعيبي وغسان فيضي والكاتب جبار ياسين.

في سنوات المعارضة كنت وصلاح نقضي الليل في الخيمة لحراستها من العابثين، لكن لا النبيذ ولا نقاشاتنا نفعتنا في اتقاء برد تلك الليالي!

قبل ايام زاره الحزب، فانتعشت روحه واطمأن فغفا!

في هذه الأيام كنت اعد العدة لزيارة خاصة اليه من قبل وفد من صحفيي " طريق الشعب"، قدموا من بغداد للمساهمة في مهرجان اللومانيتيه، وكان يفترض ان يتقدمهم الأمين العام لاتحاد الأدباء والكتاب في العراق الشاعر إبراهيم الخياط!

لكنه حدث ما لم يكن في الحسبان!

رحل ابراهيم الخياط، يا صلاح، قبل أن يكحل عينيه بلقائك!

رحل الخياط وغمر العراق حزن لا مثيل له!

فانهض يا صلاح، فالفن والثقافة وبصرتك العطشى بحاجة إليك.. انهض يا صلاح فما زال الأوان أوانك!

عرض مقالات: