المعالجات المقترحة من قبل اللجنة المركزية للحزب في 2/7/2019، لا نبالغ إذا ما قلنا انها تمثل ارادة سياسية أوسع وأعمق للطيف العراقي. من زراعيين وصناعين وشغيلة اليد والذهن وتجار تقليدين وكسبة وخريجين وصولا الى قاع المجتمع من شريحة الفقر المطلق والمدقع، اي ان هذه الوثيقة تمثل خارطة طريق عراقية ببعدها الوطني والاقليمي والدولي. حيث تعيد عملية الاصطفاف السياسي من محاصصة طارئة الى تراتبية بعلاقات تنتظم ديمقراطيا.     

وفي هذا السياق وفي ضوء ما جاء في المعالجات الملحة نعلق مؤكدين على الشق الاقتصادي والمالي الذي يشكل البنية التحتية للمحور السياسي عادة.

فالبطاله تتراكم بجميع صنوفها مواكبة لتراجع صناعي وزراعي لتشكل متلازمة، رغم الريع النفطي الباذخ لتعني ان الازمه ليست اقتصادية بالمقام الاول اذ الفقر عموما في بلدان الريع النفطي اسبابه سياسية. وهنا يأتي دور الارادة السياسية كما تجسدها المعالجات المقترحة.   

اذن هناك حلقة مفقودة تعكس لا معقولية في القرار الاقتصادي مثلا لدينا ازمة سكن تتفاقم وتتدحرج مع الزيادة السكانية ترفدها عمليات التدمير كمحصلة من داعش واخواتها وتعززها الهجرة من الريف التي تتعاظم بحيث بات سكان الريف اقل من الثلث ،فلمن تكون الاولوية للسكن ام الزراعة ،فحل ازمة السكن لا يتم عبر ترقيعات من خلال وعود باراضي للسكن او توسع عمودي انها اقرب لقصر النظر اذا لم تواكبها عملية زراعية حقيقية اذا ما علمنا ان الهجرة من الريف هي العامل الحاسم في الازمة السكنية ،لان عامل النمو الديموغرافي يمكن وضعه تحت السيطرة بالطرق التقليدية من خلال مصارف العقاري وغيره وهكذا المساكن المدمرة كأمر واقع لا تحركه اعتبارات الهجرة.    

كما ان 50 في المائة من صناعتنا هي انشائية وغالب موادها الاساسية من خارج المدن طابوق رمل حصو جص سمنت .... الخ يعني هناك عمالة جديدة في الريف تحد من الهجرة. لا يفوتنا ان هذه الأجواء الصناعية لو تتم في ظل خطة بمدخلات ومخرجات فإنها تنعش تصنيع الريف إجمالا. فقد اعلنت وزارة الزراعة عن برنامج لزراعة المحاصيل الزراعية الاستراتيجية والصناعية (سمسم، عباد الشمس، كتان، قطن) كما اعلنت عن حماية 16 محصولا زراعيا من أبرزها التمر والنبق والرقي. فقد كان لشركة الزيوت النباتية مثلا مزارعها من المحاصيل الصناعية منتشرة في الريف كما ان جمعية التمور كانت احد مشجعي التصدير وتواكبه بنجاح وهكذا التبوغ وقصب السكر ومعمل الورق في العمارة والبتروكيمياويات وصولا الى صناعة السيارات والجرارات وليس اخيرا معمل ادوية سامراء وامكانية تطويره لينتج لنا ادوية بمواد خام من الزراعة العراقية واعشابها وهكذا معمل زجاج الرمادي .. فليكن مشروعنا متأسسا على هذه البنيات من حيث المبدأ سواء بالنسبة للبرنامج الاستثماري الذي نشهد تراجعه بعد مؤتمر الكويت حول دعوة الشركات والدول للاستثمار .اذ نلاحظ المولات تتسيد ساحة الاستثمار لتكمل حلقة الاستيراد العشوائي  السائد حتى الان ،حيث ما زالت قوانين بريمر داعمة لهذا التوجه الليبرالي المقيت  المتقاطع مع قوانين البعث نسبيا كما ترد من المادة 132 المستلة من برنامج البعث .مما جعلهما (قوانين البعث وبريمر ) النافذين مجالا واسعا للاجتهاد والانتقائية في تصريف الامور لبيروقراطية مترهلة فاسدة .اخر ما تفكر فيه هي التنمية المستدامة بمدخلاتها ومخرجاتها في غياب حسابات ختامية تواكب الموازنات السنوية .وهذا ماعطل قوانين النفط والغاز ومجلس الخدمة والمحكمة الاتحاديه اللائي يشكلن البنية التحتية  لباقي القواعد القانونية التي تحدد فلسفة الاقتصاد السياسية  

بكل الاحوال كان المنجز الحكومي دون مستوى الطموح في الاشهر الستة الاولى من هذه السنة لاعتبارات سياسية اولا لان المحاصصة هي المستثمر الابرز في العملين الاقتصادي والسياسي.  كما تجسد ذلك واضحا في استعصاء مشكلة المنافذ الحدوديه التي تتقاسم الاحزاب الحاكمة ادارتها. التي يبدأ برنامجها من اجازة الاستيراد الى شراء العملة وفسادها. الم يكن نظام فتح الاعتمادات المبني في الحاجة من قبل وزارة التخطيط والوزارات القطاعية زراعة وصناعة كافيا للجم الانفلات والعشوائيه التي دمرت جهارا نهارا صناعتنا وزراعتنا، كيف نفسر توقف 250 مشروعا حكوميا ناهيك عن آلاف المعامل والورش الأهلية، وتوقف صرف تريليون و700 مليار دينار لإنعاش هذه المشاريع؟ وهكذا في الزراعة من خلال فشل المبادرة الزراعية بتريليوناتها الستة.  لو شغلت هذه المشاريع لاستوعبت مليون من العمالة الماهرة وغير الماهرة كما يذكر خبير اقتصادي.  ولا يفوتنا من الاشارة الى التكالب على الدرجات الخاصة التي هي اداة التحاصص في تكريسها    

اما ذريعة نقص التمويل فتذكرنا بصلعة ولحية برناردشو حيث سوء توزيع الانتاج، الذي يتم في غياب الرقابة المالية بحساباتها الختامية السنوية، اذ لم تتم تصفية حقيقية لما تبقى من العام الفائت حيث معدل المصروف إجمالا 75في المائة. وهناك عدم شفافية حول فرق السعر بين المقرر الذي تبنى الموازنه بموجبه وبين سعر السوق النفطية الدولية. اليس هذا مدعاة للمساءلة البرلمانية مثلا؟ كما يتوجب السؤال عن الامتيازات وكلف الحمايات التي باتت رقما صعبا في موازنة بلد يزخر بالثروة والفقر بذات الوقت. انها مفارقة المحاصصة قابلة وام الفساد. إذا بات الامر لا تفسره فقط عملية فساد    بل لها امتداداتها الإقليمية والدولية ولا شك  

نختم ان المعالجات التي اقرحها الحزب الشيوعي هي خارطة طريق الوطنية والمواطنة والتنمية المستدامة بحكم رشيد.

عرض مقالات: