يمتلك العراق تحت الارض باستثناء المياه والبترول ثروة كبيرة من المعادن الثمينة التي تنطوي على قيم اقتصادية غاية في الاهمية وفي حال العناية بها كما ينبغي تحيل الاقتصاد الوطني الى أحد اهم اقتصاديات المنطقة بل ويمكن ان تكون هذه المعادن التي تشتمل على الكبريت والفوسفات والذهب والالمنيوم والحديد والمواد الهيدروكربونية والقائمة تطول، مصدرا منافسا للنفط في تعزيز الموارد المالية التي تؤمن رفع معدلات التنمية وتنشيط دينامية السوق وتوسيع حركة تشغيل القوة العاملة والحد من الفقر.
ولكن هذه الثروة بكل قيمها الاقتصادية معرضة لمخاطر النفاد اذا ما استمر التراخي بشان استغلالها او استخدمت بطريقة وحشية في حال جرى استثمارها خارج ادارة الدولة وضوابطها من قبل شركات تتسابق من اجل تحقيق اقصى الارباح وبأقصر وقت من خلال استغلالها بطرق بدائية وعلى العكس يمكن مواجهة المخاطر التي تحيق بهذه الثروة من خلال التمسك بمبدأ سيادة الدولة على ثرواتها الطبيعية الباطنية وفقا للدساتير العراقية والدساتير المقارنة والقوانين الدولية ضمن اطار منظومة الامم المتحدة وقراراتها.
لقد اثبتت الابحاث والدراسات التي اعدتها هيئة المسح الجيولوجي العراقية بالاشتراك مع الجهات الحكومية المعنية مباشرة بهذه الثروة الغنية وجود كميات هائلة من الخامات التعدينية التي من شانها لو استغلت بطريقة عقلانية عبر الاستثمار الوطني لفتحت الابواب مشرعة امام حركة تصنيعية واسعة وخاصة الصناعات التحويلية ومنها صناعات الزجاج والاسمنت والطابوق والفوسفات والكبريت والحديد بالإضافة الى التصدير الخارجي لخاماتها ومنتجاتها تلبية لحاجة الاسواق في دول الاقليم وخارجها عبر اتفاقات تكاملية متكافئة لاسيما وان هذه الابحاث اكدت وجود ما يقرب من 6 مليارات طن من الفوسفات و600 مليون طن من الكبريت على سبيل المثال .
ان واحدة من مهمات الدولة الرئيسة تتجلى في الحفاظ على استقلالها الاقتصادي الذي لا يقل اهمية عن استقلالها السياسي فكلاهما مترابطان عضويا ويعد الاحتفاظ بالثروة الباطنية العامل الاساس في تأمين الاستقلال الاقتصادي عبر التشريعات القانونية المنبثقة عن الواقع المحلي الموضوعي وارتباطا بالمواثيق الدولية التي وقع العراق على معظمها ولتحقيق ذلك يتعين الاستناد الى قضيتين:
• الاولى الحاجة الماسة الى تأصيل سلطة الدولة على ثروتها الطبيعية الباطنية من الناحيتين القانونية والشرعية.
• والثانية توظيف القيم الاقتصادية لهذه الثروة في تدعيم خزينة الدولة العامة لمواجهة نفقاتها المتزايدة باستمرار بتزايد عمليات التنمية المنتظرة وتزايد السكان. فمن ناحية تؤكد القوانين الوضعية ان التشريعات استقرت على اعتبار الثروات الطبيعية الباطنية تعد جزءا من الارض التي اكتشفت فيها بغض النظر عن نوع وشكل المعادن وأنها جزء لا يتجزأ من سيادة الدولة بل تشكل ركنا رئيسا لوجود الدولة نفسها.
ومن ناحية اخرى فان الشريعة الاسلامية تقر بان الثروات الطبيعية الباطنية هي ملك للامة باسرها وان لكافة افراد المجتمع حق الانتفاع بها باعتبارها ملكية عامة.
ومن هنا نود التأكيد بان مشروع قانون الاستثمار المعدني المزمع طرحه على البرلمان في قراءة اولية له يعكس فكراً وتوجهاً اقتصادياً يعمل، باستثناء النفط المنصوص عليه دستوريا، على توسيع الاستثمار في القطاع المعدني تحت الارض والذي يمكن المستثمرين من الاستيلاء على الثروة المعدنية الباطنية وتحويلها الى ملكية خاصة.
ان الحكومة العراقية بالتنسيق مع البرلمان مطالبة بإعادة صياغة مشروع قانون الاستثمار المعدني كي يعطي القطاع العام دورا اوسع في الاستثمار بالمعادن ذات القيم الاستراتيجية وفي المقدمة منها الفوسفات والكبريت والمعادن الثمينة الاخرى واتباع مبدا الشركة مع القطاع الخاص بالنسبة للمعادن التي تحتاجها الصناعة التحويلية مع فسح المجال للقطاع الخاص العراقي والاجنبي للاستثمار وفق عقود عادلة في المعادن الكلسية والحجرية التي تدخل في اعمال البناء والتشييد على ان تكون العمالة العراقية هي السائدة في التشغيل والسماح باستخدام الخبرات الهندسية والصناعية العربية او الاجنبية النادرة وغير المتوافرة في العراق .

عرض مقالات: