قال صاحبي إن المكسب المهم الذي جنيناه من سقوط النظام الدكتاتوري هو حرية التعبير، ويضيف ساخرا: "ايام صدام بس تحكي تموت، اليوم تحكي إلى أن تموت وليس هناك من يسمع"!
رئيس البرلمان الموقر يريد ان يسلب منا هذه النعمة من خلال اقرار قانون خاص بالمعلوماتية وحرية التعبير، مرتكبا مخالفة قانونية بإدراجه فقرة تقرير مشروع القانون من دون العودة الى اللجان المعنية وهي (الثقافة والاعلام، التربية والتعليم والتكنولوجيا، حقوق الانسان، الامن والدفاع).
علما ان هذا القانون يتعارض بشكل كبير مع الدستور العراقي، والاتفاقات والمعاهدات الدولية الموقع عليها، فضلا عن القوانين الاتحادية النافذة وأبرزها (العقوبات رقم 111 لسنة 1969، المطبوعات رقم 206 لسنة 1968، حق المؤلف لسنة 1971، مكافحة الاتجار بالبشر رقم 28 لسنة 2012، مكافحة المخدرات لسنة 2017).
ويتضمن القانون بحدود سبعين مادة عقابية ورد ذكرها في قانون العقوبات العراقي، متجاهلا العديد من الضمانات الالكترونية للمستخدم العراقي.
انها محاولة لتكميم الافواه، والعودة بنا إلى ايام البعث المقبور، ايام "نفذ ولا تناقش "!
وكأني بالبرلمان يرى الوطن يرفل في "بحبوحة" سويسرية ينعم فيها المواطن ببنية تحتية سليمة، لا يشكو فيها من سكن متهاو ومن خدمات صحية ناقصة، وحيث دورة البلد الاقتصادية تدور مثل ناعور الكترونى، تتماشى مع تطور زراعي فاق به كل الدول المجاورة. والشباب بفضل الحكومات المتعاقبة لا يعاني من البطالة، ولا يهرب من المدارس باتجاه أعمال السخرة، وشوارع بغداد لا تعاني من الاهمال والازدحامات، ولا ازقتها فيها حفر و"مطبات" ولا توجد في أركانها قمامة!
كذلك.. لم تقع في العراق جرائم تستحق بذل جهود مكثفة للكشف عنها، سواء اغتيالات فردية ام جماعية كتفجير الكرادة، بدل تسجيلها ضد مجهول!
أما فتح ملفات الفساد وإحالة الفاسدين الى القضاء فحدث ولا حرج!
ان إقرار اي قانون يحد من حرية الرأي والتعبير يعد تراجعا فاجعا عن ضرورة بناء الدولة على أسس ديمقراطية.
سوف لن نسكت عن تراجع كهذا ونكرر ونكرر ما قاله شاعر العرب الاكبر:
انا حتفهم الج البيوت عليهم
اغري الوليد "بنقدهم" والحاجبا !