بعيدا عن السياسة المباشرة والتطبيل والتزمير للأفراد أو الحكومات، وقريبا من التألق والابداع، تنطلق فعاليات مهرجان المسرح العربي بدورته الحادية عشرة في "ام الدنيا" القاهرة يوم غد الخميس، بمشاركة أكثر من ستمائة فنانٍ من مختلف الدول العربية وبمساهمة مجموعة من المسرحيين المقيمين في المهاجر الأوروبية ليقدموا خلال سبعة أيام خلاصة جواهر المسرح العربي من عروض ودراسات نقدية وأكاديمية وورشات عمل فنية في مجمل مفاصل العمل المسرحي. وتخصيص جوائز ثمينة للأعمال الفائزة، سواء للأعمال المسرحية التي تفوز بالمهرجان، ام للكتاب المسرحيين الذين يساهمون سنويا في مسابقة النص المسرحي.
يقام هذا المهرجان سنويا ومنذ 2008 بمبادرة من الهيئة العربية للمسرح التي أسسها حاكم الشارقة الشيخ محمد بن سلطان القاسمي، والتي حصلت على اعتراف رسمي من الجامعة العربية في عام 2015. وتحاول الهيئة تهيئة كل الظروف وتذليل كل العقبات، من أجل إنجاح فعالية المهرجان السنوي هذا، بالتنسيق المباشر مع الوزارات والهيئات المسؤولة عن ملف الثقافة في هذه العاصمة أو تلك. ولم تكتف الهيئة بعقد هذا المهرجان، بل راحت تعمل بشكل استراتيجي، من اجل تطوير المسرح العربي من خلال التوأمة المسرحية مع مختلف العواصم العربية ودعم مسرحها المدرسي ومهرجاناتها المسرحية المحلية.
لقد حظيت مختلف العواصم العربية باحتضان مهرجان المسرح العربي، باستثناء بغداد ودمشق وطرابلس، نتيجة الظروف السياسية والأمنية الحرجة التي تمر بها هذه العواصم!
فإذا كان الوضع الأمني في سوريا وليبيا ما زال مضطربا، للأسف، فإن العراق قد قطع شوطا كبيرا ومهما في تحسين الوضع الأمني، ولم تعد هناك تهديدات امنية كبيرة، وخاصة في العاصمة بغداد، بعد أن حقق شعب العراق بقواته المسلحة والأمنية وتضحيات ابنائه الجسيمة انتصارا باهرا على داعش وحلفائه التكفيريين وتهديم ركائز دولته الإسلامية المشبوهة!
وبغداد، كما هو معروف للقاصي والداني، تمتلك خزينا وافرا من التجربة والخبرة بإقامة المهرجانات الفنية، وهي تستحق أن تتشرف بإقامة مهرجان المسرح العربي، وعلى وزارة الثقافة أن تفتح حوارا جادا مع المعنيين بالأمر في بغداد من جهة، ومع الهيئة العربية للمسرح، من جهة اخرى لوضع اللبنات الاساسية من اجل إقامة مهرجان كهذا على ضفتي دجلة والفرات!