تعد مهمة مكافحة الفساد واحدة من أولويات اية حكومة تريد أن تضع قطارها على السكة الصحيحة. وهذه المهمة المعقدة تحتاج لأمرين مهمين أولهما كشف ملفات الفساد، وثانيهما إحالة المتهمين إلى التحقيق بغض النظر عن الانتماء الحزبي للمتهم او موقعه الوظيفي، شرط أن لا تكون العملية انتقائية، كي لا تتهم بالتسقيط السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي، بل يفترض أن تعالج ملفات الفساد حسب أهميتها، فسرقة كيلو بصل ليست كسرقة كيلو ذهب! ولإنجاح هذه العملية لا بد للمعنيين بالأمر أن يمتلكوا الشجاعة الكافية للبدء بمكافحة هذه الآفة التي تعد الوجه الثاني للإرهاب.

هناك دول عديدة تعاني من مشكلة الفساد، ولكن الأمر في العراق مختلف تماما لكون معظم جرائم الفساد المالية والإدارية واضحة ومعروفة للجميع.

وبكل تأكيد فإن أية جريمة، من هذه الجرائم، لا بد أن يتم إثباتها بالجرم المشهود أو بالقرائن والوثائق، وهذه ليست معضلة لان المساهمين في بعض عمليات الفساد قد تحدثوا بصراحة، في تسجيلات موثقة بالصوت والصورة، عن مساهماتهم ومساهمات الآخرين بهذا الفساد ، فأحد النواب في مقابلة تلفزيونية تحدث لنا وبكل صراحة  "كلنا انبوك ( نسرق )..كلنا نأخذ رشوة، واللي يكلك(يقول لك) اني ما آخذ، مهما علا شأنه، يكذب! كل احنه اندير الفساد، كلمن عنده دور. هسه احنه في لجنة النزاهة نفتح ملفات، ينطونه رشوة انسكرها (نغلقها) .. كلنا فاسدين ابو عقال وأبو عمامة والافندي. برلمان وحكومة كلها فاسدة. كل الطبقة السياسية سبب دمار البلد. اذا اكو واحد جوعان بالشارع، واذا اكو طفل ينام ابليه اكل، واذا اكو عراقي يموت ابليه دوه، السبب هو الطبقة السياسية المتواجدة في المنطقة الخضراء، والطبقة السياسية التي تدير المحافظات مو بس الخضراء".

وهناك نموذج اخر موثق بالصوت والصورة يقول : " بدايتها جينه ( في البداية جئنا ) بحماس، كلنا انريد نتقاسم الامتيازات وتقاسمنا الكعكة وكل واحد منا أخذ كيكته وفرح بيها وعقود ومناقصات وكومشنات واستفادينه ..كلنا استفادينه".

اذا كانت العقود صحيحة والمناقصات لا يعلوها غبار، لكن " الكومشن " يثير كثيرا من الشكوك وهو غير مسموح به لمن يتبوأ منصبا في الدولة أو في البرلمان.

لسنا هنا بصدد شخصنة الامور ولكن الوثيقتين اللتين أشرنا إليهما تكفيان لإثارة الانتباه! ويمكن التعامل مع النائبين كشهود.

فهل يوجد أكثر من هذه الصراحة؟! أنحتاج الى وثيقة ادانة أهم من هذه الوثيقة؟

اقول اخيرا للجهات المختصة بمكافحة الفساد: لا تنتظروا مني ان اعد لكم لائحة الاتهام، فالكرة في ساحتكم، وانتم الحاكم والحكم!

عرض مقالات: